بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا في سنة 2015 تم سن قانون سحب الجنسية في مواجهة الشباب المدانين بالإرهاب، أو حتى الذي اتهموا بالالتحاق ببؤر التوتر مثل سوريا والعراق. وصادق عليه البرلمان الفرنسي سنة 2016. وهو قانون أثار جدلا كبيرا وسط السياسيين والحقوقيين، ينص على سحب الجنسية بسبب الإرهاب او الخيانة. هذا القانون يمارس الميز بين الفرنسيين حسب أصولهم هل هي أوربية أو افريقية عربية. بالإضافة إلى أنه يعتبر إهانة في حق البلدان الأصلية، التي يتم ترحيل أشخاص إلى أراضيها، لأنهم مدانون بالإرهاب، أو مورطون في جرائم. وتحويل هذه البلدان إلى مجرد سجن للمجرمين عن جرائم اقترفوها في البلدان التي يعيشون بها.
رغم أن هؤلاء الأشخاص ازدادوا وترعرعوا بفرنسا ولا يجمعهم أي شيء بالبلد الأصلي، فبعد قضائهم للعقوبة التي أقرها القضاء يتم إضافة عقوبة جديدة وهي سحب الجنسية. وهو العمل الذي لا يمكن القيام به تجاه فرنسي آخر ليست له أصول أجنبية. وهو ما يعتبر عقوبة مزدوجة وإضافية في حق هؤلاء الأشخاص تمس بمبدأ المساواة التي يقرها الدستور الفرنسي.
وأكبر عدد من الأشخاص الذي تم تجريدهم من جنسيتهم الفرنسية في السنوات الأخيرة هم من أصول مغربية، وآخر حالة وقعت مؤخرا لشخص يسمى فيصل أيت مسعود (يبلغ سنة 23 سنة)، وذلك بعد أن أدين في مارس 2018 من طرف القضاء وحكم عليه بالسجن بعقوبة 4 سنوات لمحاولته الوصول إلى سوريا بعد عدة أيام من الاعتداءات الدموية التي تعرضت لها أسبوعية شارلي إيبدو. وأدين فيصل أيت مسعود مع ثلاثة فرنسيين آخرين بمحاولتهم الوصول إلى سوريا والتآمر بهدف ارتكاب أعمال إرهابية، وذلك بعد فشل مشروعهم للالتحاق بسوريا بعد حادثة سير بتركيا في يناير 2015. وسبق أن سحبت الجنسية من فرنسي آخر من أصول مغربية في شهر غشت الأخير لمحاولته الالتحاق بالقاعدة بأفغانستان وهو محمد الهفياني. وجردت فرنسا 13 شخص بتهمة الإرهاب ما بين سنتي 1996 و2016 من بينهم 5 أشخاص سنة 2015 حسب وزارة الداخلية الفرنسية.
"قانون سحب الجنسية هو فكرة كان يدعو لها اليمين المتطرف واليمين المحافظ"، حسب بيرنار ديلموت، رئيس منظمة الهجرة والحق المدني، "والذي يستهدف السكان المهاجرين الذين لهم جنسية مزدوجة. وهو ما يعني أن هناك عدة فئات من الفرنسيين، الفرنسيين الحقيقيين والفرنسيين الذين لهم جنسيات أخرى كما لو أنهم ليسوا بالفرنسيين. وهو أمر خطير، لأننا نمس هوية الناس، أي أننا في خطاب ما بعد استعماري، المهاجر وابن المهاجر هو ليس مواطن كباقي الفرنسيين، بل هو مواطن من درجة ثانية. وهو ما خلق نقاشا واسعا في صفوف وكذلك دخل الحزب الاشتراكي حيث كانت الأغلبية ضد هذا المشروع".
قضية سحب الجنسية، كما أكد على ذلك عدد من الحقوقيين والسياسيين الفرنسيين، هو تعامل كولونيالي جديد مع أبناء المهاجرين ومع الفرنسيين من أصول عربية وإفريقية. وهو ما يعني أن أفكار اليمين المتطرف الفرنسي منتشرة في فرنسا حتى بين جزء من اليسار والاشتراكيين.
قانون سحب الجنسية من الفرنسيين ذوي الأصول الأجنبية قانون كان يحلم به اليمين المتطرف، وهذا الحلم تحققه لهم الإدارة الفرنسية التي تقوم بتنفيذه بين الفينة والأخرى. وهو قانون يعكس وضعا خاصا بفرنسا، بسبب عدم قدرتها على تحقيق مبدأ المساواة بين مواطنيها. وهو مبدأ أساسي بالدستور الفرنسي.