الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

عبد الوهاب رفيقي: لو لم تكن السياسة الأمنية بمثل هذه الصرامة والحزم لتحول المغرب لحمام دم

عبد الوهاب رفيقي: لو لم تكن السياسة الأمنية بمثل هذه الصرامة والحزم لتحول المغرب لحمام دم عبد الوهاب رفيقي

يعتبر عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، باحث في الشؤون الدينية، أنه لو لم تكن السياسة الأمنية صارمة وحريصة وحازمة على صون الأمن بالبلاد، لتحول المغرب بفعل من سولت لهم أنفسهم المساس بأمن البلاد والعباد، لحمام دم، لا قدر الله، ولرأينا مجموعات كثيرة من مشاريع إرهابيين. مضيفا أن المقاربة الأمنية على الرغم من نجاعتها وقدرتها في التصدي لهؤلاء، فإنها غير كافية في القضاء النهائي على هذا الفكر، لأن أصعب شيء هو الفكر المتطرف.

 

+ ما الذي يمكن تفسيره باستمرار هذا الإغراء الإرهابي للشباب المغربي، رغم المقاربة الأمنية والفكرية للتصدي لهذا التوجه؟

- لاشك أن العوامل الفكرية والعقدية هي أقوى من التحديات الأخرى، ولو أن المقاربة الأمنية هي ناجحة لحد الآن في عملياتها الاستباقية وتوقيف المشتبه فيهم، وتردع كثيرا ممن سولت لهم أنفسهم المساس بأمن البلاد والعباد، وأنا متأكد وغيري كثير، أنه لو لم تكن السياسة الأمنية بمثل هذه الصرامة والحرص والحزم على صون الأمن بالبلاد لتحول المغرب بفعل أولئك لحمام دم، لا قدر الله، ولرأينا مجموعات كثيرة من مشاريع إرهابيين، مع تسجيل أن قطاعا كبيرا ممن يغريهم هذا الفكر الإرهابي يردعهم القانون، مقابل وجود أشخاص آخرين لا يهمهم هذا الردع، بل يعتقدون غلطا أن «إيمانهم قوي» في تحديهم للسلطات الأمنية، وإذا كانوا هم منذرين للموت بعد غسل دماغهم، فالسجن عندهم سيان، وهو ما نجده من تحدي واضح للمصالح الأمنية وللمجتمع ككل، والاستعداد لبذل النفس، كما يقولون، من أجل تحقيق مشاريعهم الإرهابية بإلحاق الأذى بالناس. وبالتالي، فإنهم تحت تأثير الإغراءات العقدية المغلوطة والتأويل الخاطئ للقرآن والسنة، وتحت تأثير المغريات الأخروية في الجنة وحور العين.. هذا إلى جانب تدني مستوياتهم التعليمية والعقائدية، وجميع الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها أو نجحت في مخططها، هم بسيطو المستويات التعليمية مما يسهل تلقينهم أفكارا مغلوطة تحت غطاء ديني، وهذا أساسه الجهل بأحكام الدين الصحيح، وعدم وجود حصانة تحقق في ما يتلقونه من أفكار جاهزة.

 

+ هل للجانب النفسي والذاتي دور في نجاح استقطاب هؤلاء المنذرين للموت أو الانتحاريين؟

- طبعا، لكل منا قصة ذاتية وتفاعل مع المحيط بإكراهات الواقع وإحباطاته الاقتصادية والاجتماعية، ولو أن هذا غير مبرر لإيذاء الناس، فإن من يوكل لهم دور الاستقطاب والتجييش والتحريض، يركزون في البداية على رفض الواقع وجعل المستقطبين يعيشون نوعا من العزلة الفكرية والمجتمعية وعدم مخالطة الناس، حتى يصبحوا علبا فكرية لا تقبل المناقشة، وهذا هو المدخل للتطرف، والابتعاد عن الوسطية، ويصبح المنطق عند هذا الشخص، هو لا أريكم إلا ما أرى، فكل الناس على خطأ، إلا هو على صواب. وبالتالي تنجح هذه الجماعات المتطرفة في «تخريج» أتباع لها تسيرهم كيف ما تشاء وإلى أي وجهة تشاء، وفي ظل استمرار هذا الواقع هناك مؤشرات كثيرة على استمرار هذا الإغراء العقدي المتطرف للشباب المغربي، بدليل تفكيك وضبط هذا العدد الكبير من الخلايا والأفراد المعتنقين للفكر الإرهابي، والمقاربة الأمنية على نجاعتها وقدرتها في التصدي لهؤلاء، فإنها غير كافية في القضاء النهائي على هذا الفكر، لأن أصعب شيء هو الفكر المتطرف، ورأينا كيف أن قتل زعامات هذا الفكر لم يضع حدا لانتشاره واعتناقه..

 

+ في نظرك ما هو دور الوسائط الأخرى في التصدي لهذا الفكر وهدم بنيانه بالدليل والحجة؟

- السياسات المتبعة للتصدي لهذا الفكر لا ينبغي أن تكون قصيرة المدى أو بناء على ردود الأفعال الآنية، بل ينبغي أن تكون ممتدة في المكان والزمان، بدءا من المدارس، ليس من حيث المضمون، بل من حيث طرق التدريس، وهو ما يستوجب إعطاء الناشئة الحس النقدي وطرح السؤال. أيضا هناك مسؤولية للمؤسسة الدينية، فرغم الجهود المبذولة في العقود الأخيرة، ما زال المجهود قاصرا عن إصابة أهدافه. فجل المشتبه فيهم الموقوفين على خلفية تفكيك الخلايا الإرهابية، لم يتلقوا تكوينهم الديني في المؤسسات الدينية الرسمية وأبرزها المساجد، ولم يحضروا الدروس الدينية التي تلقى فيها، ولكنهم اتجهوا نحو الأنترنيت مباشرة بما يحتويه من أفكار مغلوطة ومضللة، مما يطرح السؤال على هذه المؤسسات الدينية التقليدية إلى أي حد استطاعت أن تكون مؤثرة في الحياة الدينية للأفراد والجماعات واستثمارها لشبكة الأنترنيت، على غرار الجماعات المتطرفة.