السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

فاطمة الأكحل:التعديل الحكومي.. تقليص، تقنوقراط وتحديات

فاطمة الأكحل:التعديل الحكومي.. تقليص، تقنوقراط وتحديات أعضاء الحكومة الجديدة في صور تذكارية مع الملك
يعرف المغرب تراخيا اقتصاديا وتأزما سياسيا وبلوكاجا حكوميا، مما استدعى التدخل الملكي تحت عنوان تغيير حكومي تقني في الظاهر يرمي إلى تقليص عدد الحقائب الوزارية وتجميع القطاعات في أقطاب؛ وباطنه سياسي عنوانه النموذج الجديد للتنمية.
فهل تنجح هذه الخطوة في إخراج المغرب من حالة الجمود التي ظل يراوح مكانه فيها لعدة سنين، على الرغم من استقراره في جوار مضطرب؛ ونجاته من أزمة مالية طحنت العالم؛ وإطلاقه لمشاريع كبرى وبنيات تحتية أساسية؟
عادة ما يأتي التدخل الملكي لحل الخلافات السياسية الضيقة؛ ولأن دور الملك الدستوري هو الموازنة ما بين جميع الاطرافوالدفع بالبلاد قدما. والملاحظ في الخطابات الملكية منذ سنوات، امتعاض الملك محمد السادس من مستوى التدبير الحكومي وخمول الوسط السياسي العام؛ فكانت هذه الخطابات على شكل توصيات للرفع من أداء العمل الحكومي ولفتح عدة مشاريع يمكنها النهوض بواقع المغرب اقتصاديا و اجتماعيا ومجاليا؛وواكبها عمل ملكي مباشر داخليا، بإطلاقه ورعايته الشخصية لعدد من المشاريع المهيكلة؛ وخارجيا، من خلال الانفتاح الدولي على افريقيا. إلا أن هذه الدينامية الملكية صاحبها، و منذ إنهائه للبلوكاج الحكومي الشهير،إنشاء حكومة جديدة مكوناتها غير متجانسة،فأدى ذلك إلى انقطاع التواصل داخل الحكومةنفسها، وبين الحكومة والمؤسسات الأخرى (برلمان، باطرونا، نقابات...).
كل هذا فوت على المغرب فرص ثمينة، مثل استقطاب استثمارات مهمة والاستفادة من التجهيزات الكبرى -عكس إشعاع المغرب في محيطه دوليا- وهو ما انعكس (حسب ما تؤكده دائما الخطابات الملكية) على مسلسل التنمية الذي لم يكن عادلا اجتماعيا ومجاليا. وهو ما ينذر بتأخر المصالح على العموم.
ويأتي هذا التغييرالمهم، في نصف الولاية التشريعية ،لتدارك ما يمكن تداركه. فدور الحكومات المنتخبة هو خدمة الشعب من خلال برامج ومشاريع حكومية قطاعية مبنية على الالتقائية والتكامل، هدفها خدمة المواطن واستمرارية المؤسسات ؛ لكي لا يكون أفقها محصورا فقط بمدة ولاية تشريعية معينة؛ وبالتالي فالتدخل الخارجي (الدستوري هنا) لابد منه في بعض الأحيان من أجل إعادة هيكلة هذا الجهاز التنفيذي.هنا يمكن فهم لماذا اختار الملك مجموعة من التكنوكراطلتدعيم الجهاز الحكومي. فهل ستستطيع لمسة التقنوكراط في الحكومة الحالية إنجاح مهمتها الرئيسية، وهي وضع قاطرة البلاد على سكة التنمية، قبل حلول موسم الانتخابات القادم وما سيسبقه ويليه من بوليميك سياسي لا يقدم بل يؤخر عادة؟
فاطمة الأكحل، خريجة المعهد العالي للصحافة والإعلام بالدار البيضاء.