الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

رضوان زهرو : النظام البنكي المغربي غير ديمقراطي ويتحكم فيه احتكار القلة

رضوان زهرو : النظام البنكي المغربي غير ديمقراطي ويتحكم فيه احتكار القلة رضوان زهرو

ركز الخطاب الملكي في افتتاح الدورة التشريعية أكتوبر 2019 على مشاكل الأبناك وضعف انخراطها، وصعوبة ولوج الشباب والمقاولات الصغرى للتمويل البنكي.

ودعا الملك إضافة إلى الدعم والتمويل الذي توفره الأبناك للمقاولات الكبرى، تبسيط وتسهيل كذلك عملية الولوج للقروض، بالنسبة لأصحاب المقاولات الذاتية، وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة.

"أنفاس بريس" ناقشت الموضوع مع الدكتور رضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد كلية الحقوق- الدار البيضاء - عين الشق من خلال الحوار التالي:

لماذا في نظرك يتم الكشف من طرف أعلى سلطة في البلاد عن مشكل الأبناك في هذه اللحظة حيث دعا إلى وجوب انخراطها في التنمية وتمويل المقاولات؟

أي نموذج تنموي مهما بلغ من النضج ومن الطموح لا يمكن أن يحقق أهدافه من دون رؤية إستراتيجية ومن دون انخراط جماعي لكل الفاعلين ومنهم الأبناك. سنوات ونحن نتخذ الإجراءات التي من شأنها الحد من البطالة التي وصلت نسبتها الآن إلى حوالي 9,8% أما بطالة الشباب حاملي الشهادات فتصل إلى أكثر من ذلك حوالي 25%.

نتحدث، اليوم، عن انخراط الأبناك لأننا نحتاج إلى نوع من الاستقرار الاجتماعي. وأحد المداخل الرئيسية لهذا الاستقرار، التشغيل والتشغيل الذاتي والنهوض بالمقاولة الذاتية إلى جانب طبعا دعم المقاولة الصغيرة والمتوسطة والمقاولة المتناهية الصغر، خاصة تلك الموجهة للتصدير وخاصة نحو إفريقيا، إلى جانب المجهود الذي تقوم به المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. كل ذلك في إطار ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات : مقاولات وأبناك وغيرها.

ما الذي جعل الأبناك تتسم بتلك الصورة السيئة لدى المواطن المغربي كأبناك غير مواطنة ولا تعرف إلا أصحاب الفلوس؟

أبناك غير مواطنة عبارة قوية شيئا ما. نقول غير منخرطة كما يجب في دينامية التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه بلادنا وفي حل الإشكالات الكبرى وخاصة مشكل البطالة، من خلال التمويل والتتبع والمواكبة. وهي كلها خطوات أو خدمات ضرورية يجب أن تقوم بها الأبناك لإنجاح المشاريع، في وقت تحقق فيه هذه الأبناك أرباحا سنوية عالية جدا؛ وهي تتباهى في ما بينها وتتفاخر، عندما تنشر حصيلتها السنوية، بكل أريحية ومن دون أدنى خجل أو إحراج، وهو ما يدعو إلى الاستغراب، في ظل ظرفية اقتصادية واجتماعية أقل ما يقال عنها أنها صعبة، وفي وقت تعيش شرائح واسعة من المغاربة الفقر والهشاشة و التهميش.

كيف السبيل لضمان دمقرطة التمويل للمشاريع الصغرى من جهة وتجنب خسران المشاريع من جهة ثانية؟

نحتاج إلى الشفافية والمراقبة وإلى مزيد من الحذر حتى لا نسقط في أخطاء الماضي. وهي كثيرة (أبرزها الإفراط في النفقات الاستهلاكية ونفقات التسيير) كذلك اختيار مشاريع في مجالات واعدة وذات مردودية شبه أكيدة، و في تلك التي تستطيع المساهمة في الحد من استمرار وتفشي الاقتصاد غير مهيكل ؛المشكل اليوم مشكل تمويل بالدرجة الأولى, المغربي، حسب إحدى الدراسات العلمية، بطبيعته، مقاول، ومقبل على المقاولاتية، لكن المشكل يبقى صعوبة الولوج إلى القروض، تعدد وتعقيد الشروط اللازمة لذلك.كذلك ضعف التوجيه والنصح والتتبع والمواكية في جميع المراحل، إلى جانب وجود تصرفات غير مقبولة ، بل أحيانا متعالية من طرف بعض الأبناك، تجاه المقاولة وتجاه المقاولين الشباب بصفة خاصة.

إضافة إلى الاستمرار في تحديد معدلات فائدة كبيرة جدا، من دون رقيب أو حسيب؛ وهي معدلات تفوق أحيانا حتى تلك المعمول بها في عدد من الدول المتقدمة. يتم ذلك لأن النظام البنكي المغربي، نظام خاص، يميزه و يحكمه شكل غير ديمقراطي من أشكال السوق و المنافسة؛ وهو احتكار القلة، حيت تتحكم الأبناك في كل شيء؛ في تكلفة المال وفي جودة الخدمات وفي الشروط المطلوبة لمنح القروض، مستغلة في ذلك، حاجة الأشخاص و حاجة المؤسسات إلى المال؛ احتكار القلة هذا ، يحكم كذلك مجال الاتصالات و مجال المحروقات وغيرها.

ما هي الضمانات المطلوبة لمصالحة الأبناك مع المغاربة؟

الأكيد أن أبناكنا تحقق أرباحا مهمة، بل ومبالغ فيها أحيانا؛ وهو ما يجعلها متهمة بل ومدانة باستمرار، من طرف المغاربة؛ من هنا، جاءت دعوة جلالة الملك لبنك المغرب، بتعاون بطبيعة الحال مع مجموعة الأبناك المغرب، وكنفدرالية مقاولات المغرب، للانخراط التام في تمويل مشروعات الشباب.النظام البنكي يجب أن يكون في صلب أي استراتيجية تنموية في بلادنا. إلى جانب طبعا الجهازين التنفيذي و التشريعي و كذلك المجتمع المدني والقطاع الخاص. مجهود كبير يجب أن يبذل في اتجاه تكريس روح المقاولاتية لدى الشباب. خاصة حاملي الشهادات، من خلال مشاريع اقتصادية واجتماعية. ومن خلال برنامج خاص بتمويل مشاريع الشباب.وكل ذلك لن يتم إلا في إطار نموذج تنموي جديد، قادر على تحقيق معدل نمو قوي ومستدام، يسمح بحل الإشكالات الإقتصادية والإجتماعية.