الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

ممثل النيابة العامة: المتهم بوعشرين كان يمارس الاستعباد الجنسي في مكتب جريدته

ممثل النيابة العامة: المتهم بوعشرين كان يمارس الاستعباد الجنسي في مكتب جريدته الأستاذ المسعودي ممثل النيابة العامة، وتوفيق بوعشرين (يسارا)
رغم كل محاولات عدم التأثر، استغرق أحد محامي المتهم توفيق بوعشرين في تفكير طويل وهو يشد بيديه على رأسه، من هول ما كان الأستاذ المسعودي ممثل النيابة العامة يسرده من وقائع ملف فاق الحدود في ممارسة الاستعباد الجنسي..
هي الجلسة رقم 25 ضمن جلسات غرفة الجنايات الاستئنافية، والتي انطلقت أولاها يوم 26 مارس 2019، بمعدل جلستين في الأسبوع دون احتساب العطلة القضائية.. الساعة تشير إلى الثالثة والنصف من بعد زوال الجمعة 4 أكتوبر 2019، بدأ الموظفون يستعدون بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء لمغادرة مكاتبهم بعد اسبوع من العمل الجنائي المسطري والموضوعي، قضاة النيابة العامة والأحكام، منهم من في الجلسات ومنهم من في مكاتبه. بلغ مجموع الملفات المعروضة في هذا اليوم على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء 96 ملفا، اكثر من ثلثها يتعلق بجرائم الأحداث ابتدائيا واستئنافيا، لكن ملفا واحدا هو الذي استاثر باهتمام الزملاء الإعلاميين.. فتح احد الموظفين سجلا بمدخل الباب الرئيسي للمحكمة، كتب أعلى الصفحة "ملف توفيق بوعشرين"، ليسجل اول اسم زميل صحافي جاء لتغطية وقائع الجلسة، بعد ذلك بحوالي ربع ساعة بدأ محامو المطالبات بالحق المدني يتقاطرون على المحكمة، اولهم الأستاذ زهراش، يوزع الابتسامات على الزملاء الصحافيين وهو يرتدي بدلته، لتلتحق به الأستاذة الطالبي رفقة الاستاذ بنجلون التويمي ثم باقي اعضاء الدفاع عن ضحايا المتهم بوعشرين، لقد اصبح لهم موعد مرتين في الأسبوع يناقشون فيه آخر تطورات الملف الذي يرافعون فيه منذ 8 مارس 2018، إلى جانب الحديث عن إكراهات المهنة وتحدياتها. داخل القاعة 7 بدأ بعض رجال الأمن يزيهم الرسمي يأخذون مواقعهم، لايتعدى عددهم الخمسة، فيما كانت إحدى السيدات المكلفة بالتنظيف، تجمع بعض مخلفات جلسة اليوم المرمية بين المقاعد، وهي ترش برائحة طيبة القاعة، ببهو المحكمة كان موظف يدفع عربة التسوق، تضم ملفات القضية، وضعها بعناية وترتيب في المنصة الرئاسية للقضاة، أما الأستاذ المسعودي ممثل الحق العام، فتكلف شخصيا بترتيب الملفات في مكانه المعتاد يسار القاعة، وبعناية افترش لها سجادة الصلاة فوق منضدته، وهو ما يجعله يردد في كل جلسة خلال مرافعاته، بأنه يستحضر وقوفه في الصلاة امام الله عز وجل، فهو الرقيب الأعلى حينما يرافع في ملف المتهم بوعشرين وغيره، كل تدويناته وملاحظاته دونها في أوراق منفصلة، وكل ورقة تحيل إلى مرجع قانوني موضوعي او مسطري، وطني ودولي. تقنيا تم التأكد من صلاحية مكبرات الصوت، دفاع المتهم وضحايا كل اخذ مكانه في القاعة بما فيهم الأستاذة السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، والتي ما زالت تواكب مراقبة الملف منذ أول جلسة، فيما غابت الأستاذة شوميسة رياحة الرئيسة السابقة للجنة، بعد ان عينت في مؤسسة بنزكري لحقوق الإنسان بالرباط، وهي المؤسسة التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
"محكمة"، صاح العون الموظف بصوت مرتفع، تقدم الأستاذ الطلفي مستشاريه الأربعة، وقد اشتعل رأسه شيبا، تلاهم الأستاذ المسعودي، وكذا كاتب الضبط، فيما وقف الجميع احتراما لهيبة العدالة. "بسم الله نبدأ الجلسة، ملف عدد 1006/2644/2019"، نادى الأستاذ الطلفي على المتهم الذي للمرة الثانية يرفض المثول امام المحكمة، ليعطي الكلمة لممثل النيابة العامة لاستكمال مرافعته في جزئها الثاني، وعلى مدى اكثر من 6 ساعات، تخللتها استراحة قصيرة لنصف ساعة، صال الأستاذ المسعودي وجال، مسلحا بالنصوص القانونية المسطرية والموضوعية الوطنية والأممية، بلسان عربي ودارجي، مستخدما كل ما يسعى به لإقناع المحكمة بأن الجرم ثابت في حق المتهم من حيث تقنية خطابته ومحاججته، مبديا أسفه لهروب المتهم من المواجهة القضائية، "بعد ان كنت حضرت 95 سؤالا للكشف عن الحقيقة"، يقول الأستاذ المسعودي الذي فصل في الحيثيات الاجتماعية للضحايا والمصرحات، وتبقى الهشاشة ابرز عنوان لغالبية الضحايا، ويبقى الاستعباد الجنسي سلوكا ملازما للمتهم بوعشرين، حسب النيابة العامة، تحول فيه مكتبه الإعلامي إلى وكر للاتجار بالبشر، ومع ذلك لوحظ على أن مرافعة النيابة العامة، رغم خوضه في تفاصيل مضمون أزيد من 60 فيديو بالصوت والصورة يوثق ل "غزوات" المتهم الجنسية، فيظهر ان الأستاذ المسعودي كان يراعي حرمات الضحايا بما فيهن حرمة وعورة المتهم نفسه، لذلك كان يكرر عبارة بالإشارة يفهم اللبيب، مذكرا رئاسة المحكمة بأنه سيدلي بمذكرة مكتوبة تتضمن مرافعته.
وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف، تم رفع الجلسة، مع تحديد يوم الثلاثاء 8 اكتوبر 2019 لاستكمال مرافعته في جزءها الثالث..