الأربعاء 8 مايو 2024
اقتصاد

محكمة تجارية تدين "مصرف المغرب" لعدم التزامه بسعر الفائدة

محكمة تجارية تدين "مصرف المغرب" لعدم التزامه بسعر الفائدة من حق الأبناك ألا تمنح قروضها إلا بتوفر الضمانات الكافية، لكن ليس من حقها تغليط الزبائن

المضطر هو من يلجأ إلى الاقتراض من الأبناك، ولأن المقترض يكون محتاجا لفك أزمته، أو قضاء حاجة له، خصوصا في مجال اقتناء سكن يأويه في حياته، ولأن الأبناك لا تمنح قروضها إلا بتوفر الضمانات الكافية، وهذا من حقها، لكن ليس من حقها تغليط الزبائن، ومن بين أبرز تجليات المنازعات البنكية، نجد سعر الفائدة الذي يحدده البنك، ويكون الاختيار فيه ضيقا أمام الزبون.

ملف هذا الأسبوع، يحكي واقعة نجاة التي رهنت منزلها لتأخذ قرض استهلاك بسعر فائدة متغيرة، لتجد نفسها بعد انقضاء فترة القرض، أنها كانت تؤدي فوائد القرض بسعر فائدة قار، وهو ما أضر بمصالحها، بعد أن أخل البنك بالتزامه الاتفاقي..

 

خمس سنوات هي الأمد الذي تم الاتفاق عليه بين نجاة ومصرف المغرب، عند إبرام عقد القرض بما مجموعه 290 ألف درهم، مقابل رهن عقاري، وتم التنصيص في العقد على أن سعر الفائدة سيكون بنسبة متغيرة. التزمت نجاة بأداء الأقساط الشهرية، وقبل نهاية الأمد طلبت من البنك أن يمدها بجدول الاستهلاك، لتطلع على مستحقاتها، فلاحظت أن مصرف المغرب يحتسب سعر فائدة على أساس 8.75 في جميع سنوات القرض دون أن يخضع هذه النسبة لأي تخفيض رغم التخفيضات التي عرفها سعر الفائدة، وان الثابت من الجدول أن القسط الذي يتم اقتطاعه ظل ثابتا في مبلغ 3004.24 درهم، وأن ذلك أضر بها مقدرة الضرر بحوالي 130 ألف درهم.

 

حاولت نجاة تسوية هذا المشكل بالطرق الحبية بدون جدوى، كما تقدمت بطلب للمركز المغربي للوساطة البنكية للوصول إلى حل حبي بدون جدوى، فلم يبق لها سوى ممارسة حقها في اللجوء للقضاء التجاري، ملتمسة الحكم على مصرف المغرب بإرجاعه لفائدتها مبلغ 130 ألف درهم بالإضافة إلى تعويض قدره 20 ألف درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب واحتياطيا تعيين خبير مختص في الشؤون البنكية لتحديد الضرر الحقيقي، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليها الصائر.

 

تقدم دفاع مصرف المغرب بمذكرة جوابية يعرض فيها ان المدعية لم تدل بماهية الأضرار الواقعة لها بشكل مادي وملموس أو ما يفيد مسؤولية البنك مما يجعل مقالها مختلا شكلا، وأن المدعية تقر بأنها تقدمت بطلب إلى المركز المغربي للوساطة البنكية من أجل الوصول إلى حل، وأنه بعد الدراسة والمتابعة الجيدة التي أولاها البنك لطلب المدعية حسب ما هو ثابت من جوابه للمركز المذكور، وبعد الحساب الدقيق من طرف مصلحة الحسابات الخاصة، فإنه تقرر إرجاع مبلغ 29785.62 درهم بحسابها حسب ما هو ثابت من بيان القرض، وهو المبلغ الذي يمثل ما زاد عن الاستحقاقات المتعلقة بالقرض العقاري ابتداء من تاريخ بداية الأداء، والتمس دفاع البنك الحكم بعدم قبول الطلب شكلا وفي الموضوع برفضه مع تحميل رافعه الصائر..

 

أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء، تمسك كل دفاع الطرفين بدفوعاته، وأثبت دفاع المدعية مذكرته بجدول استهلاك يثبت أن سعر الفائدة لم يتغير قط منذ بدأ سريان العقد، وأن إقرار البنك بالمبلغ الزائد دليل على أن مصلحة المدعية تضررت، وأن البنك لم يتحرك إلا بعد مكاتبته من طرف المركز المغربي للوساطة البنكية..

 

بعد لجوء المحكمة إلى الخبرة المنجزة من قبل المصطفى طهوي، والتي خلص فيها أن البنك لم يحترم سعر الفائدة المنصوص عليه في العقد، وأن المبلغ الإجمالي الزائد الذي استخلصه البنك هو 101217.00 درهم، وتأكد بأنه خلال تحليل كشوفات الحساب أنه تم إرجاع مبلغ 29785.62 درهم في حساب نجاة، وأن المبلغ الصافي الواجب إرجاعه إليها هو 71432.00 درهم.

 

اعتبر دفاع المدعية أن تقرير الخبرة جاء دقيقا واستند إلى دورية والي بنك المغرب، والتمس المصادقة على تقرير الخبرة والحكم وفق المقال الافتتاحي. بالمقابل تقدم دفاع البنك بمذكرة تعقيبية يعرض فيها أن الخبير لم يأخذ بالوثائق المسلمة له من طرف البنك، وأن دورية والي بنك المغرب قد حددت قاعدة فيما يخص سعر الفائدة بالنسبة للقروض الطويلة المدى والتي يدخل ضمنها القرض الممنوح للمدعية نجاة والذي أقامت على إثره الدعوى الحالية، بحيث أن البند الرابع من عقد القرض ينص على أن سعر الفائدة تم تحديده بناء على قاعدة بنكية خاصة بالعقود الطويلة المدى والتي يدخل ضمنها العقد، حيث كان سعر الفائدة هو 9.25 في المائة للسنة مع تخفيض 0.5 في المائة بسعر مطبق بالنسبة للعقد في نسبة 8.75 في المائة للسنة، وأن الخبير لم يقف على ذلك، كما أنه قام باحتساب الزائد المذكور بتقريره دون أن يعلل هذه الأسباب وعلى أي أساس أو قاعدة حسابية وقانونية أو جدول لبنك المغرب تم اعتماده، مما يجعل ما خلص إليه الخبير بالنسبة لهذا الزائد مفتقرا للإثبات والمصداقية، وأنه من باب الإشارة فإن البنك سبق له إرجاع مبلغ 29785.62 درهم للمدعية، وأن ذلك داخل في إطار تشجيعها وعدم هز ثقتها تجاه البنك، والتمس استبعاد تقرير الخبرة والحكم وفق محررات المدعى عليه والحكم بإجراء خبرة ثانية مضادة..

 

بعد عدد من الجلسات قررت المحكمة التجارية إصدار حكمها في النازلة بناء على الحيثيات التالية:

- حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإرجاع المدعى عليه للمدعية مبلغ 130 ألف درهم إضافة إلى التعويض بعلة أن البنك احتسب سعر فائدة قار بخلاف ما هو منصوص عليه في العقد من كون سعر الفائدة متغير.

- حيث أجاب البنك المدعى عليه بكونه بعد الحساب الدقيق من طرف مصلحة الحسابات الخاصة بالبنك تقرر إرجاع مبلغ 29785.62 درهم لحساب المدعية وهو المبلغ الذي يمثل ما زاد عن الاستحقاقات المتعلقة بالقرض.

- حيث خلص الخبير المعين إلى أن البنك قد تجاوز سعر الفائدة المحدد في عقد القرض، وأنه باحتساب المبالغ التي قام بإرجاعها بحساب المدعية يتبين بأنه بقي بذمة البنك مبلغ 71432.00 درهم يتعين إرجاعه لها.

- حيث نازع دفاع البنك في تقرير الخبرة معتبرا بأن دورية والي بنك المغرب المعتمدة من قبل الخبير حددت قاعدة بخصوص سعر الفائدة بالنسبة للقروض الطويلة المدى، والتي يدخل ضمنها القرض الممنوح للمدعية، وأن سعر الفائدة المطبق هو 9.25 في المائة للسنة مع تخفيض 0.50 بسعر مطبق بالنسبة للعقد في نسبة 8.75 في المائة للسنة.

لكن حيث وجبت الإشارة إلى أن الفوائد المطبقة على عمليات الائتمان تم تنظيمها بمقتضى قرار وزير الاقتصاد والمالية بتاريخ 17 مارس 2010 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5832، والذي منح لأطراف عقد القرض الاتفاق بكل حرية على تحديد نسبة الفائدة بشرط ألا تتجاوز السعر الفعلي الإجمالي، وبالنسبة لمراجعة سعر الفائدة المتغير يكون على أساس المتغير السنوي للسعر المتوسط المرجح به العمل بين البنوك خلال 6 أشهر التي تسبق الشهر الذي تمت خلاله المراجعة، كما تم تحديد تغيير سعر الفائدة في السنة وهو مرة واحدة، وهذا المقتضى هو ما تمت الإشارة إليه بدورية والي بنك المغرب المعتمدة من قبل الخبير والتي تشير من خلال المادة الرابعة إلى أنه إذا كان سعر الفائدة ذو طبيعة متغيرة فإن إعادة النظر فيها تتم مرة واحدة في السنة.

- حيث أنه لما كان عقد القرض المستفيدة منه المدعية يعتمد على سعر فائدة متغيرة على أساس الاعتماد على السعر البنكي القاعدي مع خصم فائدة 0.5 في المائة حسب ما هو بين من المادة 4 منه، فإن الخبير لما اعتمد القاعدة المذكورة وتبين له من خلال مراجعة جدول احتساب الفوائد أن البنك قد تجاوز نسبة الفائدة يكون ما خلص إليه محترما للقواعد والضوابط المحاسبية والبنكية مما ارتأت معه المحكمة الارتكان إليه.

- حيث أن الثابت من تقرير الخبرة أن المبالغ الزائدة التي استخلصها البنك هي 101217.00 درهم، أرجع منها مبلغ 29785.62 درهم للمدعية والباقي مبلغ 71432.00 درهم بقي بذمته مما يتعين معه الحكم على البنك المدعى عليه بأدائه لفائدة المدعية المبلغ المذكور.

 

من خلال كل هذه الحيثياث قررت المحكمة التجارية الابتدائية بأداء مصرف المغرب لفائدة المدعية مبلغ 71432.00 درهم مع الفوائد القانونية من تاريخ تقديم الطلب وتحميله الصائر وبرفض باقي الطلبات.

 

هيئة الحكم تتكون من الأساتذة:

حسن عتباني رئيسا ومقررا

سارة زوهير عضوة

محسن الخولي عضوا

بمساعدة حسن مسافر كاتب الضبط