Monday 24 November 2025
كتاب الرأي

أسلامة أشطوط: دور عامل الإقليم في ضمان استمرارية المعرض الجهوي للكتاب بالطنطان

أسلامة أشطوط: دور عامل الإقليم في ضمان استمرارية المعرض الجهوي للكتاب بالطنطان أسلامة أشطوط
أُسدل الستار على فعاليات المعرض الجهوي للكتاب بالطنطان، لتُختتم محطة ثقافية وازنة شكّلت فرصة حقيقية لإبراز دينامية الإقليم وثرائه الفكري والمعرفي. فقد جاء المعرض هذا العام ناجحًا بامتياز، سواء على مستوى التنظيم أو البرمجة أو التفاعل الجماهيري، إذ تحوّل الفضاء إلى ملتقى بين الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالكتاب، وفضاء للحوار وتبادل الرؤى حول قضايا الثقافة والتنمية والذاكرة المشتركة.

والخبر الأجمل – الذي يُعد في حد ذاته تتويجًا لهذه المحطة – هو الإعلان الرسمي عن إعادة تنظيم المعرض الجهوي للكتاب السنة القادمة بالطنطان. هذا الإعلان لم يكن ليصدر لولا الجهود المتواصلة والدعم الوازن الذي قدّمه عامل الإقليم المحترم عبد الله شاطر، الذي كان له الفضل الأكبر في تثبيت هذا المكسب الثقافي وضمان استمراريته. فقد جاء تصريح المندوبة الجهوية للثقافة ليؤكد بشكل مباشر أن قرار إعادة تنظيم المعرض يُعزى قبل كل شيء إلى الدور الكبير الذي لعبته أعلى سلطة بالإقليم في الدفع بهذا المشروع الثقافي إلى الأمام.

ولعل من يعرف تفاصيل ما حدث خلال هذه الدورة، يدرك تمامًا أن ملامح هذا الخبر السار لم تكن مفاجئة. فقد سبق أن التقطت – في مقالي السابق – إشارات واضحة حملتها جولة العامل داخل المعرض، إشارات ذات دلالات قوية تعكس اهتمامه العميق بالشأن الثقافي.

 كانت جولة غير بروتوكولية، لكنها محمّلة برسائل بليغة: إن الثقافة ليست ترفًا، وإن العناية بالكتاب والباحثين والمعرفة جزء من رؤية تنموية شاملة للإقليم. لقد توقّف عند الأروقة، استمع للعارضين، تواصل مع دور النشر، واطّلع على مشاريعهم وإصداراتهم… وهي كلها مؤشرات لم تمر مرور الكرام. 

إشارات دالّة تؤكد دعمه المتواصل للشأن الثقافي. فقد عكس حضوره انخراطًا فعليًا في ترسيخ تقليد ثقافي قارّ، يقوم على تشجيع المبادرات، وتوفير الظروف اللوجستية والتنظيمية، والانفتاح على الفاعلين الثقافيين المحليين والجهويين.

ويُحسب له أنه تعامل مع الفعل الثقافي باعتباره رافعة تنموية وليست مجرد تظاهرة ظرفية، وهو ما ظهر في حرصه على التواصل مع العارضين، والإنصات لملاحظاتهم، وتشجيع الطاقات المحلية، وتثمين الإنتاجات الفكرية التي عُرضت خلال أيام المعرض.وامتاز المعرض الجهوي للكتاب بالطنطان بخصوصيات جعلته محطة متميزة، من بينها انفتاحه على المعارف المتنوعة، وتخصيصه فضاءات للأطفال، وتنظيمه ندوات علمية ولقاءات فكرية جمعت بين أساتذة وباحثين مبدعين أغلبهم من أبناء هذه الأرض الطيبة.

كما ساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية داخل المدينة، وأضفى حركية ثقافية قلّ نظيرها خلال الأيام الماضية.بهذا، يمكن القول إن هذه الدورة لم تُختتم بنجاح فحسب، بل اختُتمت أيضًا بإعلان يفتح الباب أمام مرحلة جديدة أكثر نضجًا واتساعًا. مرحلة تتحوّل فيها الطنطان شيئًا فشيئًا إلى مركز ثقافي جهوي، وإلى فضاء تُصنع فيه المبادرات ويُحتفى فيه بالكلمة الحرة والبحث الأكاديمي، بفضل التزامٍ مؤسساتي واعٍ، وجهودٍ صادقة تقف وراءها إرادة واضحة من أعلى سلطة بالإقليم.

وذلك هو الرهان الحقيقي: ترسيخ تقليد ثقافي قارّ، وبناء ذاكرة معرفية جماعية، وصناعة مستقبل يُكتب بالكتاب ومن أجل الكتاب.
 
أسلامة أشطوط /باحث في الدراسات الصحراوية والإفريقية