الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

الدكتورة فاطمة الزهراء بنعثمان.. «فراشة» مصحة العين كاليفورنيا بالدارالبيضاء

الدكتورة فاطمة الزهراء بنعثمان.. «فراشة» مصحة العين كاليفورنيا بالدارالبيضاء الدكتورة فاطمة الزهراء بنعثمان
جرت العادة ألاّ يلبس أطباء وطبيبات العيون النظّارات، معظم دكاترة العيون يكرهون النظارات الطبية أو ربّما يؤجلون ارتداء نظاراتهم أمام مرضى العيون لنقل معلومة أنّ أول شرط في طبيبة أو طبيب العيون أن يملك حدّة بصر صقر. لذا لا تسألْ نفسكَ هذا السؤال “الغبيّ” منذ البداية: لماذا لا يلبس دكاترة العيون في شبابهم نظارات طبية؟! ولا تُحاولْ أيضا أن تنافسَ طبيبةَ عيون حول حدّة بصرها، فهي تَرى أعمق منك مثل “غطّاس” يغوص في عينيك ويكتشف عوالمها الخفية والمظلمة بدون أن يضع على ظهره “قارورة” أوكسجين. لهذا طبيب العيون حين يجلس وراء مجهر الفحص يكتم أنفاسه لبداية رحلة “الغوص” في العيون المريضة.
هكذا تخيلت الدكتورة فاطمة الزهراء بنعثمان في البداية بمصحة العين أنوال برشاقة بطلة في “الغطس” تلبس بدلة “غوص” وليس ذلك الرداء الأبيض الذي ترتديه عادة الطبيبات.
تخيّلتُها برشاقة فراشة تلبسُ كعبا عاليا لا تسمع نقرات صوته على الأرض. بخفة ريشة تخطو داخل قاعة الفحص، ترسمُ ابتسامة قبل أن تخاطبَ المريض، ابتسامة كانت كافية ليعترف بالمرض المنسوب إليه. داخل هذه المملكة الصغيرة تشعر بأن المكان يمتلئ بأنفاس الدكتورة بنعثمان. داخل قاعة الفحص لا يأتمن الدكتور محمد شهبي إلاّ هذه “الصّغيرة” قواما وبنية جسدية و”الكبيرة” عطاء لتكون “حارسة” لحجرة الفحص بمصحة العين-أنوال. منذ النظرة الأولى راهنَ نفسَه كم ستلبث هذه “الصّغيرة” و”الخجولة” بالمصحة: سنة أو ثلاث سنوات أو أكثر.. فمعظم أطباء العيون ينظرون إلى مصحة الدكتور محمد شهبي كباحة استراحة وليست “مستوطنة” للعيون. لذا كسبَ الرهان، وهاهي الدكتورة فاطمة الزهراء بنعثمان تصبح ابنة “شرعية” لمصحّة العين، تلبس هذا المكان ويلبسها، تشرب قهوة الصباح، وتُتَوّج “أمينة سرّ” إبريق الشّاي “الضّخم”.. ولكم أن تتصوّروا يداً رقيقة ترفع إبريقا معدنيا لا يمكن أن ترفعه إلاّ الأيادي الخشنة، لكن “البرّاد” السّاخن يصبح في يدها بوزن الفراشة!!
لا توجد قوة تقتلع بنعثمان اليوم من مصحة العين بعد أن أصبحت إحدى أيْقوناتها، حتى الدكتور محمد شهبي لم يخسر رهانا في حياته، وهذه الطبيبة “الخجولة” التي تبنّاها أصبحت “أميرة قلوب” مستخدمي مصحة العين-كاليفورنيا بالدارالبيضاء. ما بين قهوة الصباح وقهوة المساء تتحرّك مثل عجلة لا تتوقف، جميع من يشتغلون هنا كعقارب الساعة لا يملّون من الحركة. الزمن لا يتوقف بالمكان بين قهوتي الصباح والمساء تلهث الأحداث وتعبر الوجوه. في هذا المكان يبزغ فجر لتنشبَ حربٌ ضروسٌ ضد أمراض العيون، ولا تنتهي إلاّ مع مغيب الشمس، في انتظار فجر جديد ومعركة أخرى طاحنة.
في هذه العوالم احترفت الدكتورة بنعثمان كل فنون القتال. تلك “الصّغيرة” فهمت ما معنى أن تكون “محاربة” تشبه بطلة “أمازونية” انبعثت من دفتر الأساطير، لتكتب أسطورتها بمصحة العين-أنوال. من هنا تدوّن الحكاية وتكتب البداية.. بداية طبيبة ترقص في احتفال العيون.
منذ النظرة الأولى الفاحصة وهي تخطو بكعبها العالي خطوات متناسقة كانت تلبس وجه “باربي”.. لم يصدّق أحد أن “ذات الرداء الأحمر”، وذات قصة الشعر القصيرة، ستحمل مشرطا ومقصا وليست دمية تقتلع لها عينيها الزرقاوين ثم تعيد تركيبهما. لم يصدّق أحد أن لعبة العيون منذ طفولتها كانت”شَغَفاً” وليس ‘شَغبَاً».
حين أشرقت شمس “باربي” على مصحة العين-أنوال بردائها الأحمر، لم يكن ذلك إلا بداية قصة “طبيبة” في ثوب “طفلة” تنثر الأحلام.. “طفلة” مازالت تحمل قَسَمات “باربي” بشعر قصير أسود وقامة “مانكان” ضلّت طريقها كي تكون إحدى نجمات “بوليود” لتجد نفسها “نجمة” داخل مصحة العين-كاليفورنيا.