الثلاثاء 19 مارس 2024
اقتصاد

عبد الصمد فلكي:  ماهي مساهمة  أجور كبار الشخصيات في الدولة لتمويل صندوق ضد الكوارث؟

عبد الصمد فلكي:  ماهي مساهمة  أجور كبار الشخصيات في الدولة لتمويل صندوق ضد الكوارث؟ عبد الصمد فلكي
لم يتاخر المجلس الحكومي المنعقد يوم الخميس الأخير  12 شتنبر 2019 في قرار المصادقة على المرسوم المتعلق بإحداث رسم شبه ضريبي تحت اسم "رسم التضامن ضد الوقائع الكارثية". وذلك بعد سلسلة الكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد من فيضانات وغيرها؛ وفي هذا الإطار اتصلت "أنفاس بريس" بالدكتور عبد الصمد فلكي المختص في سوسيولوجية الضريبة للتعريف بهذا الرسم الجديد وطبيعته والمستهدفين منه فوافانا برؤيته في هذا الموضوع :

 

لقد تمت المصادقة على المرسوم رقم 2.19.244 المتعلق بفرض تعريفة شبه ضريبية حددت نسبتها في 1% ستقتطع مع مبالغ التأمين وإعادة التأمين التي يؤديها المؤمنين لهم لإنعاش الصندوق الذي سمي بصندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية وخاصة منها الطبيعية وتعويض الضحايا وذويهم، انا هنا لن أناقش حيثياث المرسوم ولا مميزاته ولا نواقصه ولا بعض الاشكاليات التي تتخلل ثناياه، ولكنني سوف أركز على مصدر تمويل الصندوق فالحكومة كما هي عادتها لا تجد من موارد سوى جيوب أصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة من الشعب، فهي لا تكلف نفسها عناء البحث والدراسة لتحديد حقيقة الأجور والمداخيل، وما إذا كان واقعها و واقع تكلفة الحياة والمعيشة في المغرب يسمحان لها بمزيد من الضغط والاقتطاع، اذ كيف يمكن أن نقتطع رسما شبه ضريبي إضافي من مداخيل لا يمكن ان ندخر منها درهما للشهر الموالي، ولا يمكن أصلا أن تعيننا الى غاية نهاية الشهر؟

 

غريب جدا أن نرى هذا الواقع والقرارات اللامنطقية بهذا الخصوص، لا احد ضد انشاء صندوق لمواجهة مخلفات الكوارث الطبيعية، ولا احد يمكن ان يكون ضد اعانة المتضررين منها ومساعدتهم بمنحهم تعويضا مناسبا لتجاوز الاثار السلبية التي تتسبب فيها الفيضانات والزلازل والاعاصير  وحتى الحر الشديد الذي يتسبب في خسارة المحاصيل و حرق الغابات و ايضا الاوبئة التي تتسبب في قتل البشر والدواب والماشية، لكن بكل تاكيد نحن ضد مصدر التمويل الذي اختارته الحكومة كعادتها بتكليف الفقراء والمستضعفين بمزيد من الضغط على مداخيلهم المتواضعة جدا، والمنطق لا يقبل بتعويض فقراء متضررين من الكوارث الطبيعية بما جمع من أموال جراء اقتطاعات شبه ضريبية من جيوب فقراء مثلهم، كان الأجدر بالحكومة لو كانت تتحلى بشجاعة اتخاذ القرار، وتأخذ بعين الاعتبار مصلحة جميع المواطنين، متضررين ومساهمين، أن تتجه لمصادر تمويل اخرى متنوعة ومتاحة الواحد منها سينعش الصندوق بل وسيخلق فائضا ماليا فيه ولن يصيبه العجز وضعف مبلغ التعويض الذي ساد من قبل، رغم تدعيم صندوق محاربة الكوارث الطبيعية انذاك بمبلغ 200 مليون دولار وفق الاتفاق المبرم بين الحكومة المغربية وصندوق النقد الدولي في أبريل 2016 في إطار التدبير المندمج لمخاطر الكوارث الطبيعية وتحسين قدرة البلاد على مواجهتها، والذي دعم ايضا بغلاف مالي قدر ب 272 مليون درهم، واليوم عوض التركيز على تدعيم مالية الصندوق من هذا الرسم الشبه ضريبي الذي سيفرض على كاهل البسطاء اضافة الى مساهمة الدولة من ميزانيتها العامة، كان الأجدر مثلا تحديد نسبة مئوية ضئيلة تقتطع من الأجور الضخمة لكبار الشخصيات في الدولة من ضباط في الجيش ومدراء للمؤسسات العمومية وسفراء و وزراء وبرلمانيين ومستشارين وغيرهم في اطار تحريك طفيف بخصوص نقط التضريب المفروضة على دخول هاته الفئة ، او على الاقل تخفيض مصاريف الريع الذي يمنح لهم على جميع المستويات، كان ايضا بامكان الحكومة كذلك تخفيض مبلغ تقاعد الوزراء و البرلمانيين او الغاؤه حتى، فنحن لسنا استثناءا عما يتخذ من اجراءات بهذا الخصوص في كل انظمة المجتمع الدولي، كان ايضا بامكان الحكومة اختيار مصدر لتمويل هذا الصندوق من الضرائب التي سوف تدخل حيز التطبيق والتي تخص الثروات والتركات وذلك بمضاعفة النسبة المئوية المحددة مسبقا ومن كان عليه أداء 0.3% يؤدي 0.6% وهكذا ويخصص نصف هاته المداخيل لهذا الصندوق، ويجب الانتباه إلى أن هذه التعريفة التي ستشكل رسما شبه ضريبي ستقتطع من جيوب فئات عريضة أصبحت تعبر صراحة على تجاوز الحدود في استهداف مداخلها البئيسة، وأيضا تعبر عن ضجرها من كثرة الاقتطاعات دون مقابل ملموس، تنجزه الحكومة على مستوى الخدمات وفرض النظام العام والصحة العامة والسكينة العامة.