الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: المسؤولية في مشروع قانون المحاماة.. "هيمنة ذكورية" على حساب "النساء المحاميات"

محمد الشمسي: المسؤولية في مشروع قانون المحاماة.. "هيمنة ذكورية" على حساب "النساء المحاميات" محمد الشمسي

لم تخل مسودة القانون المنظم لمهنة المحاماة المصادق عليها خلال الأسبوع الأول من يوليوز المنصرم من طرف مكتب جمعية هيآت المحامين بالمغرب من "داء الذكورة "، حيث يلاحظ هيمنة المذكر على تاء التأنيث، ليس فقط من خلال الوعاء اللغوي حيث لا حديث سوى بلغة المذكر، بل حتى من خلال احتكار المحامي الذكر لنفسه مهام التسيير والتدبير للشأن المهني.

 

فالمسودة تتحدث في جل موادها عن "المحامي" بما تحمله العبارة من إحالة على جنس الرجل والذكر، وفي ما يشبه تغييب المحامية أو عدم الاعتراف بها ولو لغويا، وأذكر أنه استوقفني مواطن يوما بباب إحدى المحاكم واستفسرني عن ملاحظة تحيره فقال :"لقد منحتني المحكمة أسبوعا لكي أنتدب محاميا ، فهل يمكنني أن انتدب "محامية سيدة" ، أم علي الالتزام بتنصيب "محام رجل " كما طلبت المحكمة ؟" ، أفهمته أنه لا فرق بين المحامي والمحامية في الانتداب والدفاع عن المصالح ، وأن المحكمة لم تكن تقصد تخصيص جنس المحامي الذكر وترجيحه على المحامية ، وتركته غير مقتنع بقولي وعلامات الدهشة على محياه.

وحدها المادة 103 من المسودة وفي إشارة خاطفة تحدثت عن النساء المحاميات في:

ـ يكون على الأقل الربع بإفراط من أعضاء المجلس من الفئتين الثانية والثالثة محاميات.

وزادت ذات المادة في القول "ـ يشترط في المترشح او المترشحة لعضوية مجلس الهيئة ما يلي "...

ولأن المسودة الحالية تؤسس لقانون جديد للمحاماة لعله الأول في ظل دستور 2011 بعدما كان القانون الحالي يعود لسنة 2008 فإن فصول هذا الدستور لم تجد حرجا في أن تتحدث في المواد 14و 15 وغيرها عن "المواطنات والمواطنين"، رغم أن أهل اللغة يقولون إن جمع المذكر السالم يشمل الإناث إن كن ضمن الذكور فيه"، ولعلها بداية "الهيمنة الذكورية لغويا" على الإناث، وفي الفصل 19 أقر الدستور صراحة المساواة بين الرجل والمرأة على وجه شامل وواسع، وكان يجب على المسودة أن تسارع إلى تنزيل فلسفة المشرع من خلال دسترة المساواة بين المحامية والمحامي في الحقوق والواجبات المهنية، بشكل صريح ومباشر، فالمحاماة هي الأولى بعكس مبادئ  دستور 2011 في شقه المتعلق بالمساواة بين الجنسين، وأن تكون مرجعا ومثالا  لباقي التجمعات المهنية، فكل الهياكل المهنية، ومعها الأحزاب والنقابات يقود مكاتبها رجال، ولا تلعب فيها النساء سوى دور "أعداد انتخابية".

ونقترح في هذا الباب أن تتضمن المسودة ديباجة تبدد من خلالها كل لبس، بالقول "إن عبارة المحامي أو المحامين الواردة في هذا القانون تتضمن وتشمل وجوبا الآنسات والسيدات المحاميات، وأنه لا فرق بين المحاميات والمحامين في الحقوق والواجبات المشار إليها في هذا القانون".

وأقترح تعديلات تهم الباب الأول من القسم الثاني المتعلق بالهيئة وأجهزتها واختصاصاتها بداية من المادة 98 وما يليها بإضافة عبارة:

"تتكون أجهزة كل هيئة من الجمعية العامة ومجلس الهيئة ومن النقيب أو النقيبة... ينتخب النقيب أو النقيبة من لدن الجمعية العامة الانتخابية".

والغاية من إضافة عبارة "النقيبة" معطوفة على عبارة "النقيب" بحرف العطف "أو" التي تفيد التخيير، هي التمهيد للاستئناس بعبارة "النقيبة" من أجل ترسيخها في الأذهان، بغية ليس فقط من "باب الصواب" بل من أجل العمل على تحقيقها، وانتخاب محامية في منصب نقيبة، فالمحامية أجدر بتبوء هذا المنصب، وفي مختلف الهيئات المهنية بالمغرب محاميات عظيمات مهنيا.

كما أقترح إضافة فقرة إلى الفصل 103 من المسودة تقول:

يتشكل مجلس الهيئة من أربع فئات وهي:

ـ النقباء...

- .....

ـ المحاميات المنتخبات من اللائحة الخاصة بالسيدات المحاميات التي تم تقديمها طبقا لمقتضيات (المادة كذا)، مع مراعاة مقتضيات الشروط الواردة أدناه في هذا الفصل، و(المادة كذا) هي التي تضع شروط وضوابط لائحة المحاميات المرشحات لعضوية مجالس الهيئات، وقد تتخذ لوائح نسائية خالصة ومستقلة عن باقي اللوائح ، وتكون فيها تمثيلية النساء المحاميات بحسب تمثيليتهن وعددهن في الجدول، فإن كن مثلا تشكلن ربع الجدول تكون لهن تمثيلية ربع المجلس، وإن كن تمثلن نصف الجدول تكون لهن نصف عضويته وهكذا، وذلك باعتماد عتبة تختلف باختلاف عدد الكتلة الناخبة، ويعمل بهذه القاعدة لمدة معينة إلى أن ترسخ المحامية وجودها ليس في واقع المهنة، بل في أذهان الكتلة الناخبة فيها، وتثبت جدارتها بعد أن تنال فرصتها، لأن الإيقاع الحالي يسير نحو حرمانها إن لم يكن إقصاؤها من شرف المسؤولية في حضن مهنة حنونة عطوفة لا تفرق بين أحد من بناتها أو أبنائها، تضم الجميع تحت جناح شرفها ونبلها، فمن يضع تاج المسؤولية في مهنة المحاماة فوق رؤوس المحاميات؟