الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

مالكة العاصمي: للدولة والحكومة والبرلمان إكراهاتهم ولنا حكومة شعبية واختبارات شعبية

مالكة العاصمي: للدولة والحكومة والبرلمان إكراهاتهم ولنا حكومة شعبية واختبارات شعبية مالكة العاصمي

عبرت الأحزاب الوطنية والمثقفون والباحثون وخبراء التربية والتعليم وعموم الشعب المغربي بجميع الطرق والوسائل وأنواع الاحتجاج، عن رفضهم القاطع لقانون الإطار المتعلق بإصلاح التعليم، غير أنه دخل حيز التنفيذ بإرادة منفردة من وزير التعليم السابق رغم رفضه من قبل رئيسه في الحكومة، ورغم رفضه من قبل البرلمان. وبعد أن صار أمرا مفروضا وواقعا فعليا جاء وزير جديد وحكومة جديدة وبرلمان جديد ليعطوه جميعا بشكل قسري طابعه التشريعي ضدا على كل الإرادات الشعبية.

 

ما العمل في ظل هذه الظروف؟ وهي ليست الوحيدة في المغرب الذي يسير بإرادة خارجة عن إرادته ومصالحه الوطنية، واقعا تحت إكراهات أخرى مختلفة متنوعة، تضطره في كثير من الأحيان لاتخاذ قرارات ومواقف لا تتناسب مع إرادة الجماهير. بل إن نخبا نوعية من الشعب المغربي تدفع ثمنها غاليا من حياتها بالسجون وغير السجون.

 

في تجربة فريدة، أقدمت فعاليات شعبية على كشف فساد شركات معينة ونهبها جيوب المغاربة بإطلاق مبادرة مقاطعتها. هذه المبادرة لقيت تجاوبا تلقائيا هاما من الشعب المغربي. ورغم محدودية هذه المبادرة فإنها معبرة عما يمكن للشعوب أن تفعله في ظل أنظمة غير متجاوبة وغير معنية بمطالب شعوبها ومعاناتهم.

 

من الطبيعي أحيانا أن تكون للدولة إكراهاتها في ظل نظام أو أنظمة دولية مستقوية تفرض إرادتها ومصالحها.

 

ومن الطبيعي أن تقع الحكومات وحتى البرلمانات تحت طائلة هذه الإكراهات أو القرارات والمواقف القسرية كما هو الشأن في حالة القانون الإطار المتعلق بالتربية والتعليم.

 

الأساس أن هناك شعوبا ونخبا وفاعلين وهيئات وطنية مختلفة يمكنها لو أرادت أن توحد جهودها لتحليل المسؤولين من التزاماتهم السياسية وإكراهاتهم، ولتصحيح ما فسد في نفس الوقت من قراراتهم.

 

عادة تقوم هذه الهيئات بالاحتجاجات التي تنتهي بالفشل أمام سلطة تنفيذية تفرض قراراتها على الجميع. والأولى ابتداء من اليوم أن تقوم الشعوب بتأسيس حكومات شعبية موازية للحكومات الرسمية، لينفذ المواطنون بأنفسهم بحركة جماعية تلك القرارات التي يرتضونها، كي تمر الشعوب مباشرة للفعل كلما أمكنها ذلك بدل المطالبات والاحتجاجات.

 

على الحكومة الشعبية المغربية أن تؤسس أكاديمية شعبية للغة العربية، تلتحق بها خبرات التربية والتعليم، وتجمع حصاد التجربة العربية وحصاد مكتب التعريب ومؤسسات البحث العلمي والباحثين، لوضع برامج ومناهج وطرق التدريس الناجعة، وجمع حصاد المصادر المرجعية الجديدة، وتنسيق جهود البحث والتأليف والترجمة، وتقديم النموذج الأنجع لتخريج الأجيال المغربية المنشودة. من الواضح أن عرقلة تأسيس أكاديمية اللغة العربية منذ أكثر من عقدين حيث تحول المشروع إلى أكذوبة مفضوحة، يصب في اتجاه إرادة مغرضة لاستبعاد اللغة العربية من التدريس زعما وتحجج بعجزها عن مسايرة التقدم العلمي وتحسين التعليم، بينما العلم والمعرفة ليسا لغة بل محتوى يعبر عنه بأية لغة كانت وحتى بالإشارات للصم والبكم. اللغة أداة ووسيلة، واللغة وطن وهوية وكينونة وحياة ووعي باطني.

 

الذين سينفذون قانون الإطار المذكور في قاعات الدرس هم نساء ورجال التعليم الشرفاء الأحرار. منهم المنتمون لأحزاب ونقابات وتنظيمات وطنية، ومنهم المنتمون للوطن ومصالحه العليا. هؤلاء جميعا عليهم أن يعلنوا حركة وطنية شاملة لتدريس جميع المواد بالعربية. وعلى أساتذة اللغة العربية أن يلتزموا بمناهج التدريس الجديدة المقدمة لهم من الأكاديمية الشعبية، مع التركيز على المطالعة والفن لتقوية اللغة العربية، ومثلهم أساتذة اللغات الأخرى. المسألة ليست صعبة ولا مستحيلة، فقط نحن أمام إرادة وزارة تعليم غير شعبية وسلطات مشابهة تربك العملية التعليمية وتبيت أفقا للمغرب غير ما يطمح إليه المغاربة.

 

نحن لا نبيت حركة عصيان مدني، حاشا الله.

 

نحن فقط نريد إطلاق تجربة شعبية، نقدمها نموذجا للدولة المغربية وللحكومة وللبرلمان، ربما تنجح فيستفيد منها الجميع، أو تفشل فنتحمل مسؤوليتها بمفردنا ونخضع حينئذ كشعب فاشل للمساءلة، ولما يملى من الحكومة والبرلمان والسلطات العليا. قد نؤاخذ بكوننا دائما نحتج ونطالب مع العجز عن تقديم بدائل عملية، وهو ما نحاول فعله بإطلاق هذه التجربة العملية.