الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد القادر زاوي: المغرب خارج الـ CAN ولا عزاء لبائعي الأوهام

عبد القادر زاوي: المغرب خارج الـ CAN ولا عزاء لبائعي الأوهام عبد القادر زاوي

ليست المرة الأولى التي يذهب فيها المنتخب المغربي لكرة القدم إلى كأس الأمم الإفريقية وبيارق النصر وهتافات المطبلين تسبقه؛ ثم يعود بخفي حنين يجر أذيال الخيبة.

لن نذكر بما حدث في الماضي البعيد كالمهازل التي سمعنا بحصولها في CAN سنة 1978 بغانا، ولا بتلك التي اختلطت فيها الإشاعات بالمعلومات في  CANسنة 1998 ببوركينافاصو. سنكتفي بالماضي القريب، وكيف ذهبنا مرشحين فوق العادة لـ CAN سنة 2012 بالغابون بمدرب كان راتبه سرا من أسرار الدولة، وعدنا منتكسي الرؤوس من الدور الأول.

ومع ذلك، فإن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، إذ قبل أن نذهب أشعنا الانطباع عبر مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بأن العودة بالكأس أو على الأقل لعب المباراة النهائية مسألة وقت ليس إلا. فنحن نمتلك أسودا متعطشة للظفر باللقب، وثعلبا ماكرا متمرسا بالأدغال، ووحوشا إدارية ضارية تدعي أنها حاضرة بقوة في كواليس منطقة الجبلاية بالقاهرة حيث مقر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وقادرة على منع أي تآمر علينا، كما نتوهم نحن المولعون بنظرية المؤامرة.

وبطبيعة الحال تم تسخير آلة إعلامية رهيبة لترويج هذا الانطباع/ السراب وجيشت له الكثير من الأقلام الجاهزة تحت الطلب، فانطلى الأمر على المواطن البسيط الذي يرى في الانتصارات الكروية متنفسا لوضعه المعيشي المتدهور؛ الأمر الذي اضطر الكثير من الواعين والمتتبعين إلى الصمت خشية سطوة وبذاءة الأفواه المكتراة التي وصل الأمر بأحدها إلى توجيه إهانة كبيرة للمرأة المغربية، التي ما تزال تنتظر إنصافها من طرف الأجهزة المكلفة بمتابعة مدى ملاءمة الخطاب الإعلامي لقواعد الأخلاق والآداب.

وهم يمكرون، وبمشاعر الغلابة يتلاعبون... نسوا عن جهل أو غطرسة (وأغلب الظن عن غطرسة) أن عدالة السماء من خير الماكرين، لتأتي الحقيقة المرة من أرجل سناجب écureuils  أبت إلا أن تقهر أسودا سبق أن زأرت بجدارة على البافانا بافانا والفيلة أيضا.

أبدا لم تكن تلك هزيمة للاعبي الفريق الوطني، فالهزيمة في الكرة واردة، ولم يوجد بعد ذلك الفريق الذي لم ولن ينهزم قط. الذي انهزم بالفعل هم أولئك الذين هرولوا في طائرات خاصة ذهابا وإيابا بلا حسيب ولا رقيب إلى مصر لاستغلال الحدث سياسيا، ومواصلة بيع الوهم للمغاربة.

جاءت الصفعة مدوية لتعيدنا إلى واقعنا مهما كان التعتيم عليه كبيرا. واقعنا يقول  بأننا لا نمتلك سياسة رياضية، واستتباعا لذلك ليست لدينا سياسة كروية واضحة المعالم، وذلك في كل مكونات اللعبة.

نتغنى بالمنشآت وحين نعدها نجدها لا تتجاوز عدد الأصابع الواحدة، ومعظمها يقفل بين الفينة والأخرى للإصلاح الذي لا ينتهي إلا ليبدأ من جديد (مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، المركب الشرفي بوجدة)، نردد بانتشاء عدد مراكز التكوين وأعداد المكونين، ولكن البركة في أبنائنا ممن ترعرعوا وتكونوا في أماكن نشأتهم بأوروبا، نتحدث عن الاحتراف، وجل فرقنا تتسول الدعم من القاصي والداني.

والحقيقة التي لا نريد أن نعترف بها هي أن كل المنظومة هاوية، وإذا استمرت في تعنتها وركوب رأسها ستقودنا حتما إلى الهاوية.

نعم هناك محاولات واجتهادات معظمها للأسف ظرفي ومناسباتي ورد فعل على انتكاسة أو نتيجة سلبية، ولذلك لا ترقى لأن تكون استراتيجية أو تندرج في إطار خطة شاملة، منبثقة من حوار وطني واسع الأطراف ومتفق على كل مراحل تنفيذها.

لماذا تغيب مثل هذه الاستراتيجية؟ الأمر يعود إلى تقاعسنا أو إلى عدم قدرتنا على الإجابة عن السؤال الجوهري في كل هذه العملية. ماذا نريد كمغاربة من الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا؟ هل نريدها لرفع سمعة البلاد من خلال حصد الألقاب وتحقيق الإنجازات؛ أم نريدها وسيلة للوقاية التي هي خير من العلاج؟ هل نريدها قطاعا ثلاثيا مفتوحا للاستثمار يدر الأرباح، ويخلق فرصا للشغل، ووعاء ضريبيا لخزينة الدولة؛ أم مجرد أداة إلهاء سياسي للجماهير بعيدا عن مشاكل الحياة اليومية؟

ولله يا سفينة فين غادا بنا.... مع كامل التقدير والاحترام لمجموعة جيل جيلالة.