السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

يا "غرّارِين المنتخب" هاقد تفرقعت الفقاعات

يا "غرّارِين المنتخب" هاقد تفرقعت الفقاعات محمد الشمسي
اختلطت الحيرة بالصدمة بالحزن واليأس ، لدى مختلف الجماهير التي شاركتها مشاهدة مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره البينيني ، استياء وغضب ليس على صافرة النهاية  التي جعلت الأسود ـ مع كل الاعتذار من الأسود الحقيقية ـ يخرجون من العرس الإفريقي ، بل على عجز "المحترفين " في تسجيل ضربات الترجيح تباعا ، وقبلها تسجيل ضربة جزاء في آخر أنفاس المباراة .
وكنا نقول أننا شددنا الرحال إلى مصر بشراع ممزق ، ومجاديف مكسورة ، ورد علينا رهط من "المُحللين المُحرِّمِين" ، ومعهم شرذمة من "الإعلاميين المطبلين" ، أننا نعاني من داء في نقصان الوطنية ، وأن من ينتقد المنتخب الوطني هو ليس مغربيا ، وإن كانت سيدة فعليها أن تدخل "الكوزينة أو تشاهد شهيوات شوميشة " حسب قول أحدهم .
صار كل من ارتدى سروالا قصيرا وقميصا "عالما في الكرة" ، يفهم في "التكتيك والتكنيك " وفي "الحضور البدني والنفسي والذهني" ، وأجمع كلهم أن المنتخب المغربي لن يقنع بغير الفوز بالكأس من قلب "أم الدنيا" ، وحتى كبيرهم فوزي لقجع أخذته الحماسة الزائدة ، وصرح بالفم المليان أن الكأس من نصيب "جوقته" ، وأنه يتوق لها قبل التقاعد وهو الذي كان عمره ست سنوات عندما فاز المغرب بكأسه الإفريقية اليتيمة ، والحديث منقول صحيحا عنه متنا وسندا .
منذ أن حل فينا المدعو هيرفي رونار ، يمكن إيجاز بطولاته معنا في كلمتين هما "لاشيء" ، سيلتحق اللاعبون ببيوتهم وذويهم في أوروبا ، ولن يسمعوا صفير استهجان ولا صيحات العتاب ، وسيطلون علينا بتغريدات أو "تهرنيطات" أو تدوينات في العالم الافتراضي ، وعندما عارضنا خطة استيراد منتخب جاهز من أوربا اتهمنا البعض بالشوفينية والعنصرية ، وأخرج كلامنا عن سياقه الرياضي ، واليوم ها نحن من ندفع الثمن ، فعروق في قفاي لم تهدأ من الاهتزاز ، وطنين في جمجمتي تواصل منذ أن عاينت حكيم زياش يفقد حكمته الكروية في الملعب ، ورونار يدلعه ويرفض استبداله ، بل وفي قمة شرود اللاعب وغيبوبته ، يمنحه المدرب شرف تنفيذ ضربة جزاء فضيعها ببلاهة ، هذه شهيتي قد أضربت عن الاشتهاء ، وخاصمني النوم وأنا أتقلب وأتنهد وأتحسر، عن وطني المتخلف في "اللعب" كما في "الجد" ،  لمن نرفع شكاوينا نحن معشر الجماهير التي تحب هذا المنتخب ليس لمستوى لاعبيه ، لكن لأنه يرتدي قميصنا الوطني ، ويلعب تحت علمنا الوطني ، ويحمل أسم بلدنا الغالي المغرب ، فأحببناه ضدا في مشاعرنا ؟.
مات فينا الطموح والأمل ، بعد أن باع لنا "الحياحة الرياضيون" ومعهم " المدربون الفاشلون في مهنتهم " الوهم ، مدربون كلما دربوا ناديا عجلوا بسقوطه إلى الدرجة السفلى ، وتراهم خلف الميكروفونات في كل واد يهيمون ، وبقايا لاعبين لم يكن لهم باع ولا صيت كروي يحتلون الشاشات والراديوات يهرفون بما لا يعرفون ، ودغدغونا وجعلونا نحلم بالمستحيل ، إلى أن جاء منتخب البنين وصفعنا بل صعقنا ليعيدنا إلى واقعنا المرير ، همس في آذاننا أنها "كانت تسع نقط خادعة وزائفة ، ساقها المدعو "الحظ" إلينا ، ولو في ثوب "نيران صديقة" ، وأن مستوانا الحقيقي هو ذلك الذي ظهرنا به أمام غامبيا وزامبيا ، وانهزمنا في قلب الدار..."
انهزمنا لأننا عولنا على أقدام لم تولد ولم تنشأ ولم تستهل مشوارها الكروي في إفريقيا ، لم تلعب في "راس الدرب" ، ولا في "التراب الحمري" ولم تشارك في "تورنوات رمضان" ، ولا في مباريات "لبحر"، انهزمنا لأننا راهنا على نخبة مستوردة من خارج المحيط الكروي المغربي ، تجيد اللعب في درجة حرارة مثل تلك التي في الثلاجة ،ويستهويها اللعب أمام جماهير شقراء تقعد فوق كراسي مرقمة ، ثم استقدمنا مدربا أجنبيا خدعنا بكأسين قاريتين سبق لهما الظفر بهما ، فلم نجن من وراءه غير الخيبات ، في الوقت التي يجتاح فيه المنتخب الجزائري منافسيه بمدرب "ولد لبلاد " لا يكلفه تلك القناطير المقنطرة من الأموال ...
قد تستبدل الجامعة رونار ، لكن نرى أن الجامعة عليها استبدال نفسها ورئيسها ومكتبها  ، فهي المسؤولة عن حصيلة المنتخب وليس المدرب ...
وسنظل نصيح ملء الحناجر وبكل قوة وحب لمغربنا الكروي ، أن كل منتخب لا تملك فيه البطولة الوطنية حصة النصف هو منتخب هجين ليس من صلب مغربنا الرياضي ، وسيبقى منتخبا مستوردا شأنه شأن بذور البطاطس والطماطم ، قد تعطي الغلة لكنها "غلة مستوردة ".
عانينا عقما هجوميا وتركنا هداف البطولة الوطنية، وعانينا ضعفا دفاعيا وتركنا اثنين من خيرة المدافعين يلعبان لأقوى ناديين في بطولتنا، وعانينا ضعفا في حراسة المرمى وتركنا حارسا أو حارسين من أجود الحراس في بطولتنا، وعندما فتحنا الأفواه لندلي برأينا ، انبرى لنا "علماء كرة آخر زمن" أننا لا نفهم في الكرة ، وأن المدرب هو المسؤول عن اختياراته ، فهاقد تفرقعت فقاعات اختيارات مدربكم ، فمن يبيت ليلته مصابا بصداع في الرأس ، وحزن في القلب ، وشعور بالقنوط ، نحن أم المدرب ؟ أم لاعبوكم المستوردين؟ ...
"دعيناكم لله ياخذ فيكم الحق" ...كلكم ...كل من هتف لمنتخب فاشل باهت خائر ، يتكون من لاعبين خافتين خائرين مهزولين ، يقودهم "مدرب محظوظ "، لكن لم تسلم جرته معنا في مصر كما في روسيا وقبلها في الغابون ...