الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد حمزة: فظاعات الكنيسة الكاثوليكية

محمد حمزة: فظاعات الكنيسة الكاثوليكية محمد حمزة

قبل عصر النهضة الأوروبي، كانت سيطرة الكنيسة الكاثوليكية على أوروبا سيطرة طاغية. فالتعصب وعدم التسامح والشك والخرافات كانت هي الصفة الغالبة لهذه الفترة المظلمة من تاريخ أوروبا .

لقد اتهمت الكنيسة "كوبرنيك" في إيمانه لما نشر مؤلف له في ربيع 1543 وهو على فراش الموت جاء فيه: "إذا راقبنا الأجرام السماوية من نقطة في الفضاء تدور حول الشمس، لوجدنا تفسيرا لحركة الكواكب وشدة استضاءتها ومسراتها الغير المفهومة". الأرض إذن ليست مركز الكون كما كنا نعتقد وكل النجوم والأجرام السماوية التي نراها تدور حول الأرض هي في الواقع بسبب دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، أي أن معلوماتنا عن الأرض والأجرام السماوية ما هي إلا وهم، أما الحقيقة فشيء مختلف .

كفر، كفر، كفر... هكذا قابل رجال الكنيسة هذه الأنباء، فهم قد أعطوا أهمية كبرى للإنسان ووضعوا الأرض في مركز الكون، أما أفكار كوبرنيك فهي تحول الإنسان إلى شيء تافه، والأرض إلى كوكب صغير قليل الأهمية، يدور حول الشمس مثل باقي الكواكب .

واجهت الكنيسة بالكفر والهرطقة الثورة الكوبرنيكية التي اقترعت الأرض وما عليها من بشر من مركز العالم، واتهمت كوبرنيك في إيمانه، وحرم من الشهرة ومن جني ثمار اكتشافه، وأهمل مؤلفه. لكن إزاء رصانة منطقه المدعم بالمعادلات الرياضية والأرقام والحسابات الدقيقة، أضاف رجال الدين إلى مؤلفه جملة "هذه ليست إلا مجرد نظرية لا يجب أخدها بعين الاعتبار".

في نهاية القرن السادس عشر أخذ "جيرانو برونو" بنشر نظرية كوبرنيك في جميع أنحاء أوروبا، وأضاف إلى نظرية كوبرنيك قراءات فلكية جديدة تدعمها كالنور، بأن الشمس ما هي إلا نجم صغير متواضع الحجم بالنسبة لباقي النجوم التي نراها في السماء. وقال أيضا إن النجوم الأخرى قد يكون بها كواكب مثل الأرض، وقد يكون بعضها آهل بالحياة والسكان.

نتيجة مساندة جيرانو برونو نظرية كوبرنيك كانت المحاكمة والإدانة. ففي ميدان الزهور بروما، وبعد أن ربط لسانه وجرد من ملابسه قيدت يداه ورجليه في قضيب من حديد، ثم بدأ حرقه حيا وسط جمع غفير من المؤمنين الأحرار الذين ظلوا يهتفون بالموت للكافر.

بعد 32 سنة من حرق برونو تمكن غليلي العالم الإيطالي من نشر كتاب يؤكد فيه حقيقة دوران الأرض حول الشمس بالأدلة والبراهين القاطعة، وعندما علمت السلطات بذلك قامت بتحديد إقامة غليلي حتى ينظر في أمره، وسنرجع بالتفصيل لمحنة غليلي في هذه المقالة .

أما الحرب بين نظرية "داروين" في النشوء والارتقاء وقصة الخلق، كما ترويها الكتب المقدسة، فلازالت قائمة إلى الآن. وعندما أخبرت زوجة القسيس "ورشيسر" عن نظرية داروين، قالت معلقة "تقول يا عزيزي إننا جئنا من القرود، دعنا نأمل إذن أن يكون هذا غير صحيح. ولكن إذا كان صحيحا فنطلب من الله أن يخفي هذه الحقيقة عن الجميع".