الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري :تعليق على استقالة هانس كوهلر

نوفل البعمري :تعليق على استقالة هانس كوهلر نوفل البعمري
استقالة كوهلر الأكيد أنها فاجأت مختلف المتابعين للملف على اعتبار أن الجميع كان يتهيأ للتحضير للجولة الثالثة من المائدة المستديرة بجنيف التي أقرتها الأمم المتحدة قراراتها الأخيرة، خاصة و أنها جاءت حسب بلاغ الأمم المتحدة إلى أسباب "صحية" تمنعه من إتمام عمله كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة للمنطقة.
طبعا الاستقالة ستربك هذا المسار الذي قطعه الملف على المستوى السياسي إذ كان هناك تطور في الموقف الأممي الذي كان متجها نحو إيجاد صيغة سياسية لحل هذا النزاع خاصة و أن الأمم المتحدة من خلال قراراتها سواء 2440 أو 2468 أكدا معا على الانخراط في مسلسل التسوية السياسية بروح و دينامية جديدتين، و هو ما كان يعني أن كوهلر، كان يتجه نحو الاشتغال على قاعدة الحكم الذاتي باعتبارها هي الأرضية السياسية التي تستجيب لمواصفات الحل الذي أقرته الأمم المتحدة.
الأكيد أن استقالته فيها خسارة خاصة و أن الرجل كان يشتغل بواقعية سياسية جعلته يفرض على مختلف الأطراف خاصة الطرف الرئيسي و هي الجزائر في المباحثات التي جرت كطرف رئيسي التي تظل هي المستفيدة من هذه الاستقالة لأنها ستحاول المناورة من جديد للتخلص من التزاماتها الأممية، لكن بالنسبة للمغرب الأمر يتعلق بتعاطي مؤسساتي مع الأمم المتحدة، حيث انه و إن كان قد تأسف على استقالته، إلا أننا تتعاطى مع الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن التي تعتبر منطلق عمل أي شخصية جديدة، إذ لا يمكن التراجع عما تحقق إلا بقرارات جديدة خاصة و ان المسار الحالي لم يستفد نفسه بعد، بل على العكس كان متجها نحو الاشتغال على الحل السياسي الواقعي.
إذن ما يهم المغرب هو أن أي شخصية ستعين مكان هانس كوهلر أن تلتزم بنفس الروح التي اشتغل بها هذا الأخير، حيث سيجد نفسه مقيد بقرارات مجلس الأمن و بالمعايير السياسية التي حددتها الأمم المتحدة، المتمثلة في الحل السياسي الواقعي، والدينامية الجديدة و هي معا مفاتيح تجعل من مقترح الحكم الذاتي هو المستجيب للحل،لذلك المغرب يجب أن يكون حاضرا و مؤثر بشكل إيجابي في المناقشات التي ستجري حول الشخصية التي سيتم تعيينها و الخلفيات السياسية التي ستكون لها و هل ستكون أمريكية أم أوروبية، لأنها كلها معايير تحدد عمله و تكون مؤثرة فيه خاصة من حيث العمل على التوصل لحل توافقي، براغماتي، واقعي في إطار مبادرة الحكم الذاتي.