الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

عبد الحق غريب: النقابة الوطنية للتعليم العالي في حاجة إلى قيادة وطنية تؤمن بالوحدة النقابية

عبد الحق غريب: النقابة الوطنية للتعليم العالي في حاجة إلى قيادة وطنية تؤمن بالوحدة النقابية عبد الحق غريب
اليوم، ونحن نتابع ما يجري وما يقوم به الكاتب الوطني منذ أن تقلّد المسؤولية بتاريخ 20 ماي 2018، يحق لنا أن نطرح عدة أسئلة وبمرارة كبيرة، بعد أن أصبح هاجسه وهمه هو خدمة مصالحه ومصالح مكوّن من المكونات السياسية، عِوَض الدفاع عن مصالح الأساتذة الباحثين والجامعة العمومية.
من حقنا أن نتسائل :
إلى أين يسير الكاتب الوطني بالنقابة الوطنية للتعليم العالي؟ ما هي أهدافه وأولوياته، وما هي الأجندة التي يشتغل من أجلها؟
ولأن الحديث قد يطول، فإننا نقتصر على محطتين فقط:
المحطة الأولى، عندما انتقل الكاتب الوطني من الرباط إلى أكادير رفقة عضوين من المكتب الوطني للإشراف على عملية إنتخاب مكتب الفرع الجهوي بجامعة ابن زهر بتاريخ 30 يناير 2019.
هذا الإجراء قد يبدو في الظاهر سليما، رغم ما كلفه تنقل تلاتة أعضاء من  هدر وتبذير لمالية النقابة، ما دام الجمع العام الجهوي الانتخابي يراسه عضو واحد فقط وفق ما تنص عليه المادة 25 من القانون الأساسي. لكن، وللأسف الشديد، انطلق الكاتب الوطني وفريقه من الرباط في مهمة لتنفيذ خطة دُبرت سلفا  والمثمثلة في بلقنة النقابة الوطنية للتعليم العالي بأكادير، أي خلق مكتبين جهويين او أكثر بجامعة ابن زهر عِوَض مكتب جهوي واحد كما هو معمول به منذ تأسيس هاته الجامعة، وتنفيذا لمقررات وتوصيات الندوة الوطنية حول التنظيم التي نظمتها النقابة الوطنية للتعليم العالي بكلية العلوم بالرباط بتاريخ 26 دجنبر 2015، تحت شعار: "عمق تاريخي، مواطنة، نضال وتحديث من أجل قانون أساسي متجدّد"، والتي  عرفت حضور الكاتب الوطني الحالي بصفته عضوا في المكتب السابق.
والهدف طبعا من هذه البلقنة، بالإضافة إلى كون التقسيم لا يخدم إلا مصالح الرئاسة والوزارة ، فإن الكاتب الوطني المنتمي للاتحاد الاشتراكي ومن يرافقه، هو اقتسام "الغنيمة" ليس إلاّ، أي كل حزب سيأخذ نصيبه من التمثيلية في كل مكتب جهوي، مع حرصهما الشديد على الهيمنة عدديا أو على التمثيلية تحث يافطة "الوحدة النقابية" التي تستعمل كشماعة حينما يعدون أقلية في فرع من الفروع.
لقد تبيّن وبالملموس خلال اجتماع المجلس الجهوي بأكادير يوم الأربعاء 30 يناير 2019، أن الهاجس الكبير لدى القيادة الوطنية هو التحكم في الخريطة الانتخابية للمواقع الجهوية، إذ عِوَض أن تبذل جهودها وطاقتها في توحيد الصفوف وتقوية الجبهات الداخلية، نجدها تختار أسلوب التفرقة والشتات  واستنزاف الجهود.
ما بحز في النفس، أن الكاتب الوطني تجرأ ولم يحترم قرار أغلب أعضاء المجلس الجهوي بأكادير، وهم مناضلون ومتمسكون بالوحدة التنظيمية، ومؤمنون بالوحدة النقابية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، خصوصا وأن الظرفية الراهنة تقتضي تكتيف الجهود ووحدة الصف في مكتب جهوي واحد. ورغم ما وجهت له من اتهامات وانتقادات من القاعة، أبى السيد الكاتب العام إلا أن يتشبث بفهمه "الخاطئ" لروح المادة 24 من القانون الأساسي، وأن يصر على رغبته في بلقنة أجهزة النقابة الوطنية للتعليم العالي بالجهة في تحدّ سافر لرأي الأغلبية الساحقة لأعضاء المجلس الجهوي، وللأعراف الديمقراطية للنقابة.
وبعد فشله هو وأعوانه في فرض توافقات مهينة، لجأ الكاتب العام إلى رفع الاجتماع وتأجيله بشكل انفرادي وذلك هربا من تحمل مسؤولياته ككاتب عام وطني لجميع الأساتذة، وامتثاله لرغبة أقلية تربطه بها تحالفات هشة من أجل مصالح ضيقة.
وتبعا لذلك، أصدرت كل المكاتب المحلية بجامعة ابن زهر، وهي سبعة مكاتب، بيانات تنديدية أوإستنكارية لسلوك الكاتب الوطني غير المسؤول وغير المسبوق والمسيء للنقابة ولتاريخ الجامعة المغربية.
‏‎المحطة الثانية، عندما أشرف الكاتب الوطني على عملية إنتخاب مكتب الفرع الجهوي بالدار البيضاء، رفقة نفس العضو المنتمي للنهج الذي صاحبه إلى أكادير.
ولان هاجس التحكم في الخريطة الانتخابية كان دائما حاضرا، فإن هذه المحطة كمثيلتها بأكادير تعتبر وصمة عار على جبين النقابة الوطنية للتعليم العالي، حيث عمد الكاتب الوطني ونائبه من النهج الديمقراطي (وهو الكاتب الجهوي المنتهية ولايته بالدار البيضاء) على إعداد لائحة مغلقة تتكون من ثلاثة عشرة عضو (ة).
‏‎والخطير في الأمر، هو أن الكاتب الوطني نزل بكل ثقله وفرض على بعض إخوانه التصويت على اللائحة المغلقة، محذرا إياهم من التنسيق مع الاشتراكي الموحد ومن التصويت على ممثلة هذا الحزب، بالإضافة إلى أنه أعطى لنفسه الحق، أثناء فرز نتائج الانتخابات، لإلغاء ورقتين تتضمنان اسم ممثلة الاشتراكي الموحد، مبررا ذلك بوجود إسم مكرّر في اللائحة، علما أن هذا الخطأ يقع في مثل هذه المناسبات وهو مسموح به في انتخابات المكاتب النقابية بمختلف المواقع الجامعية.
‏‎بالإضافة إلى ما سبق، تجدر الإشارة كذلك إلى أن المادة 25 من القانون الأساسي والمادة 24 من النظام الداخلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي ‏‎تنصّان بصريح العبارة على أن انتخاب المكاتب الجهوية يشرف عليها عضو واحد من المكتب الوطني، أي أن حالة أكادير وحالة الدار البيضاء تعتبران خرقا سافرا لمقتضيات المادتين المشار إليهما أعلاه.
‏‎قبل الختم، جدير بالذكر إلى أن كل مكونات المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي (الاتحاد الاشتراكي والنهج الديمقراطي والتقدم والاشتراكية والعدل والإحسان..) تنادي دائما بالوحدة ورص الصفوف والتوافق، آخر مناسبة هو اجتماع اللجنة الإدارية بتاريخ 31 مارس 2019. إلاّ أن العكس هو الذي يحصل، حيث أن الاتحاديين والنهجاويين، يمارسون الإقصاء الممنهج في حق الاشتراكي الموحد، أمام صمت باقي المكونات.
‏‎إن هذا السلوك اللاديمقراطي للكاتب الوطني والذي يكرس ثقافة الهيمنة والإقصاء يعمق أزمة النقابة الوطنية للتعليم العالي ويضعف قوتها التفاوضية  أمام الخطر الذي يهدد الجامعة العمومية، وامام تعنت الوزارة في الاستجابة للمطالب العادلة للسيدات والسادة الأساتذة الباحثين، على رأسها الزيادة في الأجور.

فلا لبلقنة النقابة الوطنية للتعليم العالي جهويا ووطنيا خدمة لأغراض شخصية ضيقة وأهداف سياسوية.
ونعم لقيادة وطنية حكيمة تؤمن بوحدة الصف  وقادرة على الدفاع عن حقوق السيدات والسادة الأساتذة الباحثين.
عضو اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي