السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

أمريكا و المغرب.. الحلف المهين في عالم متعدد الأقطاب

أمريكا و المغرب.. الحلف المهين في عالم متعدد الأقطاب التحالف الحصري مع أمريكا هو بمثابة رهان خطير...

ماذا يجني المغرب من وراء تبني مواقف قوية في سياسته الخارجية تتماشى في نفس الوقت مع المصالح و التوجهات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية؟

- الاعتراف بغواديو في فنزويلا

- قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ( طبعا لأسباب مرتبطة بدعم البوليزاريو، لكن القرار في مصلحة أمريكا أيضا)

- التعاون المهم و المشاركة في مناورات ضخمة مع قوات القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا" الأفريكوم"

- التعاون مع الناتو باعتبار المغرب حليف غير عضو مهم non member major ally

عندما قرر الكونغرس إدماج الصحراء و المغرب في قانون المالية الفيدرالي 2019 تساءلت إن كان ذلك سينعكس على مسودة القرار الذي تمسك أمريكا بريشته في مجلس الامن الدولي؟

الجواب واضح اليوم وهو لا !! الملاحظ أن أمريكا وضعت في مسودة قرارها اللجوء إلى آلية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، و هي تعلم جيدا أن هذا يشكل خطا أحمرا بالنسبة للمغرب، و حتى و إن تمكن المغرب في الاخير من سحبه من المسودة فذلك يرهق الدبلوماسية المغربية و يفرض عليها تقديم تنازلات و يفقدها الكثير من إمكانياتها من اجل التأثير في جوانب أخرى مهمة!!

المنطق الذي يحكم تعامل أمريكا مع حلفاءها هو منطق التمويه و الضبابية و الطعن من الخلف في بعض الأحيان و في أكثر الملفات حساسية لدى "حليفها التقليدي"، و يبدو واضحا أن التعويل المطلق على أمريكا في السياق الحالي هو بمثابة رهان خطير و غير محمود العواقب، خاصة في ظل تواجد جون بولتون ذو النزعة التدخلية العدوانية على رأس مجلس الأمن القومي الأمريكي.

هل تريد أمريكا معاقبة المغرب على العمق الذي بدأت تعرفه العلاقات المغربية الروسية؟ أو معاقبته على رغبته في التزود بصواريخ S400 و بغواصتين من روسيا وفقا لقانون CAASTA ؟ أم تعاقبه على درجة التنسيق و التوافق بينه و بين روسيا في بعض الملفات الإقليمية؟

أمريكا لم تستسغ رفض المغرب القاطع و عدم رضوخه لكل الضغوطات التي مورست عليه و ما زالت من أجل إقامة قيادة الأفريكوم في المغرب. أمريكا تدري جيدا أن قبول المغرب بإنشاء قاعدة للناتو على أرضه يعني بكل بساطة تضحيته بأمنه القومي و قبوله برفع درجة المخاطر الأمنية و الجيوسياسية. و هذا طبعا غير معقول!

لا يمكن أن يبقى المغرب على شفا سكين التحالف الحصري مع امريكا و خاصة في ظل حرب باردة جديدة!

 يجب الاستمرار في تعميق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا و بناء أسس تعاون عسكري معها بالرغم من التهديدات الأمريكية و بالرغم من الابتزاز الذي يتعرض له المغرب من قبل أمريكا بشأن  قضية الصحراء.

الحكمة الأولى في عالم متعدد الأقطاب هي بناء شراكات متنوعة و عدم التماهي المفرط مع مواقف القوى العظمى، والعمل بدل ذلك على خلق توازن في السياسة الخارجية و مراقبة الفاعلين و تبني سياسة تنويع الشركاء بشكل براغماتي و تطبيقا لمفهوم realpolitik.