الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

عزيز خمريش: هذه قراءتي لقضية شيماء غنيم الطالبة بكلية الحقوق بسطات

عزيز خمريش: هذه قراءتي لقضية شيماء غنيم الطالبة بكلية الحقوق بسطات شيماء غنيم، ومحمد عزيز خمريش
أثارت قضية شيماء غنيم الكثير من الجدل القانوني والتعاطف الواسع من قبل الرأي العام الوطني، ومادام أن الأمر مرتبط بواقعة قانونية مرتبطة بكلية الحقوق بسطات وتنويرا للطلبة وللعموم، كان من الضروري العمل على التنشيط الأكاديمي والفقهي لنازلة الحال تعميما للفائدة ولكل غاية مفيدة.
الوقائــــع :
اعتبرت إدارة الكلية أن المعنية بالأمر تسجلت خارج الآجال القانونية وأدلت ببيانات كاذبة قوامها التدليس ومعطيات خاطئة، مما دفع بالعمادة إلى الامتناع عن تسليمها شهادة التسجيل ممهورة وموقعة من قبل عميد الكلية، رغم أن المعنية بالأمر سبق وأن حصلت على شهادة تسجيل الكترونية وبطاقة الطالب صادرة عن مركز الدكتوراه تحمل طابعه ودمغته، وبناء عليه.
يستفاد من وثائق الملف وبعد الاطلاع على القرائن والحجج المدلى بها يتضح أن الجهة الطاعنة إداريا قد قامت بتسجيل نفسها وفق الإجراءات الإدارية المعمول بها. بتاريخ 14 شتنبر وأن تاريخ انتهاء آجال التسجيل كان في تاريخ 16 من نفس الشهر، مما يعدم في الأساس الدفع بانصرام الآجال القانونية لعملية التسجيل، أما الشرط الفاسخ القاضي بالتشطيب على كل مرشح أدلى بمعلومات غير صحيحة يبقى تعليلا ناقصا الذي ينزل منزلة، انعدامه مادام أن الطالبة تركت بحسن نية الخانة المخصصة لنقطة البحث فارغة كإقرار صميمي على عدم مناقشتها بحث الماستر.
- التعليق
مبدئيا حق التعليم كغيره من الحقوق العامة المنصوص عليه في الباب الأول من الدستور هي من نوع الحقوق الاحتمالية والشرطية التي لا يمكن تحقيقها وتعميمها على الجميع إلا بتوفر الشروط المادية الضرورية، وعدم توفر تلك الشروط لا يعني ذلك تعطيلا لحق دستوري، لأن مرفق التعليم العالي يخضع لضوابط محددة تقنن العلاقة بينه وبين المستفيدين من خدماته، وبالتالي فإن حق التعليم هو حق غير مطلق بل يخضع كباقي الحقوق الأساسية لضوابط وتنظيمات من شأنها أن تنظم الاستفادة من ولوجه، ومادام أن الجهة الطالبة مستوفيه لجميع الأسانيد القانونية المرتكز عليها في عملية التسجيل، من تم هل يحق الإدارة إعلان المرشحة المعنية بالأمر ناجحة والنكوص والتراجع عن ذلك بسحب القرار، وإصدار قرار جديد يقضي بترسيبها، أو الامتناع عن تسليمها شهادة التسجيل كقرار إداري سلبي.
أولا : القرار الذي ينهي أو يمس مركزا قانونيا مكتسبا، كقرار السحب سواء أصدر من مصدره الأصلي أو من سلطته الرئاسية، وسواء تم هذا السحب بناء على تظلم أم دون تظلم، ذلك أن الأصل في القرار أن يظل قائما ومرتبا لآثاره، فسحبه حدث استثنائي من حق القاضي أن يعرف سببه مع ترتيب أن السبب يعني الوجود المادي والتوصيف والتكييف القانوني للوقائع تكييفا سليما.
ثانيا : القرار الذي يصدر بالمخالفة للمستقر عليه في نشاط الإدارة أو للأصل العام، كما حدده المشرع كقرار الإقصاء من الترقية.
من تم فإن سحب القرار الإداري الذي رتب حقوقا للغير يعتبر تجاوزا في استعمال السلطة مادام أنه قد قلب أحد المراكز القانونية رأسا على عقب، ولا يمكن للمتضرر أن يتحمل لوحده أخطاء الإدارة وظروفها الخاصة، لأن أصول الحق تبقى ثابتة وقواعد العدل والإنصاف أسمى من القانون، ومادام أن الإدارة أعلنت بشكل صريح أن الطالبة ناجحة في مباراة الدكتوراه وتراجعت عن ذلك، تكون قد ألحقت مجموعة من الأضرار في حق المعنية مما يؤسس لأركان قيام المسؤولية الإدارية عن تفويت الفرصة نتيجة لخطأ مرفقي، وتقوم المسؤولية التي يكون الخطأ أساسا لها على ثلاثة أركان، الخطأ الضرر وعلاقة السببية بينهما.
وقد اعتبر الاجتهاد القضائي أن الخطأ المرفقي هو الخطأ الذي يتمثل في إخلال الإدارة بالتزاماتها وتتحمل دفع التعويض عن الأضرار الناجمة عنه، ويشكل أداء المرفق العام لخدماته على وجه سيء، خطأ مرفقي يستوجب مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بالمدعي من جراء هذا الخطأ، استنادا لمقتضيات الفصل 79 من ق.ل.ع. وبالتالي، فإن ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر بتاريخ 21/11/2007 تحت رقم 1203 بخصوص قيام الضرر الناتج عن تفويت الفرصة وثبوث العلاقة السببية بين هذا التفويت وذلك الضرر والحكم بالتعويض كان صائبا، تبعا لذلك فإن مصلحة صاحبة الشأن ثابثة، وهي مصلحة شخصية ومباشرة، بل يجوز أن تكون مصلحة الطاعن مجرد مصلحة محتملة أو أدبية، فقد استقر العمل الفقهي والاجتهاد القضائي أنه لا يشترط أن تكون مصلحة الطاعن بالإلغاء مادية فقط حتى تقبل دعوى الإلغاء، فهذه الدعوى يمكن أن تحمي أيضا المصالح الأدبية، فمنذ بداية عهد المحاكم الإدارية قضت المحكمة الإدارية " بأنه يكفي فيما يتعلق بطلب الإلغاء أن يكون للطالب مصلحة شخصية مباشرة في الطلب مادية كانت أو أدبية".
وفي واقعة أخرى اعتبر الإجتهاد القضائي "حيث أنه بتبوث مسؤولية وزارة العدل عن قيام الضرر الناتج عن تفويت فرصة المشاركة في الامتحان المهني المذكور وثبوث العلاقة السببية بين هذا التفويت وذلك الضرر يتعين الحكم للمدعي بالتعويض الملائم، على ما فاته من كسب وما لحقه من خسارة نتيجة خطأ الإدارة وتباطئها في أداء الخدمة المطلوبة ..."
لتبقى القاعدة الراسخة فقها وقضاءً : أن القرارات الإدارية المتسمة بانعدام المشروعية، والتي تنشأ حقوقا للغير، تصبح محصنة ومبرمة، إذ كثيرا ما شرعن القاضي الإداري مراكز قانونية غير مشروعة حماية للحق الذي يسمو على القانون.
الدكتور محمد عزيز خمريش، أستاذ ورئيس شعبة القانون العام كلية الحقوق سطات