الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي :عندما يمسح التكريم غبار النسيان

عتيقة  الموساوي :عندما يمسح التكريم غبار النسيان عتيقة الموساوي
كانت جالسة بجانبي تتطلع في وجوه الحاضرين والحاضرات تسرح بعينيها في أرجاء مختلفة من المكان تتفحص جنبات الحفل بكثير من الفضول والاستكشاف، تسرح بعينيها التائهتان وسط المكان وتلقي نظرة على منصة التتويج المنصوبة وسط القاعة، ترمق الهدايا المصففة بشكل أنيق على الجانب الأخر، كانت تتابع دخول النساء لقاعة الحفل وتلتفت إلي بفضول لتسألني عنهن فلا أجيب.. كنت مشغولة بهاتفي النقال وهي مشغولة بمراقبة المكان واحتساب ساعات الزمن، كانت قاعة الحفل التي توحي بالبساطة  في أبهى حلة  تستعد لاحتضان حدث تكريم نساء يستحقن التتويج في عيدهن العالمي، عند المدخل فرشت الزرابي كأنها بساط احمرمرت فوقه المدعوات في لباسهن التقليدي كالعارضات، كانت تتابعهن باهتمام وتلتفت إلي تسألني لتعرف المزيد.
حين بدأت مراسيم الحفل، والإعلان عن لائحة النساء المكرمات، سمعت اسمها من أعلى مكبرات صوت المكروفون .. قامت للتو من مقعدها متخطية الصفوف الأولى للحاضرات واتجهت لتتسلم شهادتها التقديرية، فقد كانت من بين المتوجات في الحفل، في خطواتها نحو المنصة سمعت صوت المنظم يثري على مسارها ويعرف الحاضرين بها  فهي الموظفة بالإدارة المهندسة بإحدى المصالح الخارجية ورئيسة مصلحة.. لملمت بعضا من أطراف ثوبها في حالة من الانتشاء والدهول والثعترمرت أمام الحاضرين في ابتسامة عريضة، أبانت عن فرحتها فهي في يوم عرس تكريمي لشخصها لا ثماثله باقي أيامها.
عند المنصة أمسكت يدها بطرف طاولة وعيناها البريقتين تشرأب نحو المنظمين من جهة والحاضرين من جهة أخرى كأنها تقول لست بعد مصدقة.
 هي إمرة خمسينية جميلة لمحيا عفوية في نظراتها، وحضورها جعلت له معنى وعكست بحركاتها الا إرادية المعبرة الجميلة عن ما يخالج شعورها، تسارعت أنفاسها وارتفعت معه دقات قلبها وانخفضت مع كلمات الشكر المتدفقة بقدر تدفق أدرينالين السعادة في صوتها، ولد إحساسا بالشعور لدى الجميع بصدقها، تشبثت بكلتا يديها من جديد بطرف المنصة  كطفلة على كراسي الدراسة  أقسمت بتلقائية أنها لأول مرة تكرم في حياتها المهنية التي أقفلت  الثلاثين سنة من العمل بالإدارة، وأول مرة تلتفت إليها هيئة حقوقية وتشعرها بالاهتمام، ثاترت.. وأثرت ..وامتزج الإحساس الخفي بينها وبين الحاضرين، وتحت التصفيقات غالبت ابتسامتها الرقراقة دمعة تلألأت كجوهرة من الألماس في مقلة عينيها، مشرقة بطلعتها كانت، وهي تتسلم شهادة درع التتويج وانحنت شكرا تغالب ثاترها باللحظة.
لما أقبلتعائدة، نظرت الها نظرة همس لنفسي بابتسامة ممزوجة بامتعاض لست وحدك أيتها السيدة الجميلة على دروب النسيان، فلا قيمتك كإمراة ولا رتبتك كموظفة تجعلك من المنسيات إنما هي حظوظ الأهواء، أنت كغيرك اخترت درب الارتكان وشرف العفة، فبراءتك صعب أن تجد لها مكان في محافل سوء القيم، فكم من إمراة بين ظهرانينا منسية في دروب الحياة العادية أو العملية، تمرعليها ذكرى الاحتفال بعيد النساء العالمي دون أن يذكرن حتى باللسان فيبقين نسيا منسيا .
وما مسار التكريم، إلا جزء من اعتراف حين يقترن بالاهتمام تحدده المبادئ والقيم الانسانية والخبرات، عندها يصبح للتألق مكان، يغير مسار السلوك ويجعلنا نبحث بالتصرفات عن الأجمل والأفضل فينا.