الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

صلاح الدين بنحميمو: "الأستاذ" من المرسومين الوزاريين إلى التعاقد..

صلاح الدين بنحميمو: "الأستاذ" من المرسومين الوزاريين إلى التعاقد.. من مسيرة الأساتذة ليوم الأربعاء 20 فبراير 2019 بالرباط وفي الإطار صلاح الدين بنحميمو

لاشك أن المعركة التي يخوضها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد قد أخذت مكانتها بين مجموع الأحداث التي تشغل الحكومة والصحافة والرأي العام المحلي والدولي. معركة بدأت تفرض نفسها كقضية تستوجب الإنصات والاهتمام والبحث في أسباب خروج هذه الفئة إلى الاحتجاج، ودعوة للحكومة إلى إعادة النظر في طريقة التوظيف ومطالبتها بالرجوع إلى الصيغة القديمة أسوة بزملاء لهم يشتغلون معهم في نفس المؤسسات.

 

وقبل ثلاث سنوات من كتابة هذا المقال، كانت هناك فئة في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين (التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين) قد خاضت صراعا مريرا مع حكومة بنكيران، بعد سن وزيره في التعليم بلمختار لمرسومين  يقضيان تباعا بفصل التكوين عن  التوظيف وتقليص المنحة إلى النصف.

 

معركة دامت ثمانية أشهر كاملة في مختلف مراكز التكوين وبمختلف المدن الموجودة فيها (21 مركز)، نضال تنسيقية الأساتذة المتدربين خلال 2016 تميز بقوته وجرأة قراراته وتعدد مسانديه، ومسيراته التي شهد لها الجميع بحنكة تنظيمها وغزارة حضورها البشري والإعلامي، سواء كانت مسيرات وطنية متمركزة بالرباط  أو محلية في مدن مراكز تكوينهم.

 

معركة انتهت تفاصيلها الدقيقة بتوقيع محضر اتفاق مع والي الرباط السابق والوزير الحالي للداخلية بصفته ممثلا للحكومة يقضي بتوظيف الفوج كاملا، حيث طبقا  المرسومين بحذافيرهما على فوج ناضل وبكل بسالة عن حقه في التوظيف حتى الرمق الأخير، إلا أن ما حصده هذا الفوج لم يكن يوما بحجم التضحيات التي قدمها ولا حتى بحجم الشعارات التي رفعها ولا بحجم البرامج النضالية التي سطرها.

 

وبين هذا وذاك ومختلف الفئات التي عانت الأمرين ومازال أمر حل ملفها عالقا، يتساءل المتتبع للشأن التعليمي ببلادنا عن الأسباب الكامنة وراء كل هذه القرارات الفجائية والتهميش المتوالي لفئة حساسة في المجتمع، فئة تتربى على يدها وتكبر أمام أعينها أجيال من المتعلمين والمتعلمات، فئة تتحدى الصعاب والجبال والهضاب والغابات من أجل تعليم أبناء القرى والمناطق النائية، فئة تصنع كل المجتمع طبيبا كان أو مهندسا...

 

وعودة إلى التعاقد، وتزامنا مع مسيرة الأربعاء 20 فبراير 2019 والإضراب الذي دعت له أساسا تنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد و مختلف التنسيقيات والنقابات والفعاليات التعليمية التربوية، تنديدا بالوضع الذي آلت إليه وضعية الأستاذ بالمؤسسة العمومية ورفع منسوب التوتر والاحتقان في الساحة التعليمية، ومطالبتها الوزارة والحكومة بالالتزام والجدية في التعاطي مع ملفات الشغيلة التعليمية.

 

والملاحظ دائما أنه كلما انفردت الوزارة بقرار من قراراتها (المرسومان، التعاقد...) إلا وقابلته النقابات والمتدخلون في العملية التربوية بنوع من البرودة في التعاطي مع الأمر، في المقابل ينتظرون مبادرة فئة من الفئات المتضررة وخروجها للشارع، فيتسارعون لدعمها وتقديم المساعدة إليها.. والسؤال هنا، أين كان هؤلاء عندما كان مشروع الازمة فكرة؟

 

فبدل التفكير في استراتيجية وخطة ترفع من منسوب وعطاء الأستاذ والمنظومة التعليمية بصفة عامة، يصطدم المجتمع ومعه الأسرة التعليمية بواقع التعاقد والمعارك النضالية والإضرابات المتوالية نتيجة سياسة انفرادية غير تشاركية في التخطيط ولا مفهومة على مستوى التطبيق، تضرب الزمن المدرسي للتلميذ، وتضرب معه تركيز الأستاذ في خدمة المتعلمين، وتزعزع استقراره النفسي والاجتماعي.