الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

ذ/ خطابي: سحابة في أزمة العلاقات المغربية السعودية

ذ/ خطابي: سحابة  في أزمة العلاقات المغربية السعودية دكتور حسن خطابي أستاذ القانون والعلاقات الدولية بكلية الحقوق جامعة الحسن الأول سطات
تناولت وسائل الإعلام العربية والدولية موضوع توتر العلاقات المغربية السعودية بنوع من الإثارة، لكون هذه العلاقات كانت دوما وثيقة، إلى درجة المثالية، حيث كان هناك توافق تام بين البلدين في المواقف بشأن الكثير من الأزمات الدولية، سواء على الصعيد الإقليمي العربي أوعلى الصعيد الدولي . هذا لا يعني أن هذه الوكالات قد جانبت الصواب في تناولها للموضوع، وإنما كانت هناك مبالغة في توقعاتها بأن الأمر قد يصل إلى قطع العلاقات الدبلوماسية .
التوتر في العلاقات بين البلدين ليس وليد اليوم، بدأ مع موقف المغرب من الصراعات القائمة في البيت الخليجي، حيث اتخذ المغرب موقفا محايدا من الحصار المفروض على دولة قطر من طرف كل من المملكة السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وبدا المغرب، في نظر دول الحصار، من خلال زيارة الملك محمد السادس لقطر، وكأنه انحياز إلى هذه الأخيرة .
ثم كانت قضية تصويت السعودية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية لاستضافة كأس العالم سنة 2026، بالرغم من الوعود السعودية لدعم ملف المغرب . 
وزادت حدة التوتر بعد الزيارات الخاطفة التي قام بها ولي العهد السعودي لدول المغرب العربي، باستثناء المغرب، والتي اختلفت بشأنها الروايات، بين من يقول أن المغرب هو الذي تحفظ عليها بسبب ازدحام برنامج ملك المغرب، وبين من يرى بأنها لم تكن مبرمجة أصلا بسبب توتر العلاقات بين البلدين . وتلا ذلك تراشق إعلامي بدأته قناة العربية، المحسوبة على الدوائر السعودية، ببثها برنامجا حول ملف الصحراء المغربية بطريقة غير مالوفة في الإعلام السعودي، ومخالفة تماما للموقف الرسمي للسعودية من قضية الصحراء المغربية، حيث رأى فيه المسؤولون المغاربة انحيازا لموقف جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، وربط بعضهم بين هذا الموقف الجديد وبين زيارة ولي العهد السعودي الخاطفة للجزائر، بعد عودته من الأرجنتين  ورد المغرب من خلال حوار بثته قناة الجزيرة القطرية مع وزيرالخارجية المغربي، أعلن فيه عن موقفه الجديد من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ضد الحوثيين في اليمن . 
السؤال المطروح إلى أي حد ستصل درجة التوتر بين المغرب والسعودية؟ هل ستنتهي الأزمة بعودة العلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها؟ أم ستزداد حدة التوتر لتصل إلى درجة قطع العلافات الدبلوماسية ؟ في نظري ألأمر لا يعدو أن يكون سحابة صيف، مرتبطة بالظروف الصعبة التي تمر منها السعودية، والمتمثلة في الغموض الذي يسود طريقة اتخاذ القرارات السياسية في المملكة السعودية، والتي مست مصالح الكثير من الدول، وليس المغرب وحده . فقد توترت العلاقات مع قطر، العضو النشيط في مجلس التعاون الخليجي، إلى درجة القطيعة والحصار، ومع لبنان بعد احتجاز رئيس وزرائه سعد الحريري، كما توترت العلاقات مع تركيا بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول .
السياسة الخارجية السعودية اليوم غير واضحة، فرغم وجود وزيرين للخارجية، إبراهيم العساف وعادل الجبير، بعد التعديل الحكومي الأخير، فإن الدبلوماسية السعودية مجال محفوظ للملك سلمان، الذي فوض أمرها إلى ابنه وولي عهده محمد، المعروف بطيشه ومزاجيته التي ألحقت أضرارا بليغة بالمصالح السعودية، وأثرت على مكانتها الدولية .  فالمتعارف عليه أن السياسة الخارجية السعودية تتميز بالاتزان والحكمة، خصوصا مع الملكيات العربية، وما يدعو إلى التفاؤل حول عودة العلاقات المغربية السعودية إلى سابق عهدها هو أن البلدين لم يؤكدا مسألة استدعاء السفراء للتشاور، بل إن وزير الخارجية المغربي أنكر الخبر تماما، وسكتت السعودية عن الموضوع، مما يدل على أن مسؤولي البلدين ينتظرون انجلاء الغموض داخل مصدر القرار السعودي، وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل استحواذ ولي العهد السعودي على مقاليد الأمور في المملكة . خاصة وأن هناك مصالح استراتيجة تتطلب التعاون الوثيق بين البلدين، وعلى رأسها الخطر الذي يمثله النفوذ الشيعي المتمدد في المنطقة العربية، خاصة بعد انتهاء الأزمة السورية بانتصار نظام بشار الحليف التقليدي لإيران.