الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

بوغنبور: اللجوء إلى استعمال القانون في العلاقة الزوجية، من شأنه انتهاك الخصوصية 

بوغنبور: اللجوء إلى استعمال القانون في العلاقة الزوجية، من شأنه انتهاك الخصوصية  عبد الرزاق بوغنبور، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
ضمن ردود الفعل على الحكم القضائي بإدانة محكمة طنجة لزوج بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها ألفي درهم مع تعويض لفائدة الزوجة المشتكية حدد في 30 ألف درهم، بعدما اتهمته باغتصابها وفض بكارتها بالقوة، توصلت جريدة "أنفاس بريس"، بتصريح من عبد الرزاق بوغنبور رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان: 
اعتقد أن موضوع "الاغتصاب الزوجي" هو من بين المواضيع القانونية الجديدة التي اقتحمت الوسط الاجتماعي والحقوقي بالمغرب، ونحن كحقوقيين لا يمكن إلا أن نعتبر "الاغتصاب الزوجي" جريمة فعلا، وتندرج ضمن رفض جميع أشكال العنف التي من شأنها أن تحط من كرامة المرأة واحترامها، وهذه الممارسة اللا قانونية تمس من حيث المبدأ بالمودة والاحترام المتبادل، الذي تنص عليه عقود الزواج كيفما كان نوعها. ولنوضح وجهة نظرنا في الموضوع لابد من تعريف المعنى من الاغتصاب الزوجي، وفق المواثيق الدولية والتقارير الحقوقية حيث يمكن اختصارا تعريفه في إقدام الزوج على معاشرة زوجته بدون رضاها وباستخدام الإكراه، ولا يقصد بالإكراه هنا الإكراه المادي فقط، والمتمثل في استخدام القوة الجسدية من أجل إجبار الزوجة على المعاشرة الجنسية، بل أيضا الإكراه المعنوي المتمثل في الابتزاز والتهديد بالطلاق أو الهجر أو الحرمان من المصروف المالي، وكذا ممارسة الجنس بطرق وأساليب من شأنها أن تهين المرأة وتحط من كرامتها. كما يدخل في نطاق الاغتصاب الزوجي، معاشرة الزوجة وهي نائمة أو غائبة عن الوعي أو مخدرة، ذلك أنه حتى وإن أبدت الزوجة عن رضاها في تلك الظروف، فإن موافقتها هاته تكون مَعِيبة لكونها عاجزة عن التصرف بوعي وإدراك سليم.. وباستقراء قانون رقم 13-103 والمتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، فإننا لا نجد أي إشارة للاغتصاب الزوجي، وهو الأمر الذي شكل خيبة أمل كبيرة لدى الفاعلين في المجال ، ذلك أن تطلعاتنا كانت كبيرة بعد الصخب الإعلامي الذي رافق هذا القانون، والمدة الزمنية التي تطلبها إقراره، والتي تجاوزت سنتين كاملتين. لكن بالرجوع إلى التشريع المغربي لا نجد أي تجريم صريح للاغتصاب الزوجي، بل اكتفى المشرع بتجريم الاغتصاب بشكل عام، حيث نصت المادة 486 من القانون الجنائي على أنه "الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة من دون رضاها، ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى عشر سنوات"، والأخذ بظاهر هذه المادة قد يجرنا إلى الاعتقاد بأنها تشمل أيضا اغتصاب الزوج لزوجته، ولو أن بعض التفسيرات الفقهية ذهبت على العكس من ذلك، حيث استثنت الاغتصاب الزوجي من نطاق هذه المادة، واعتبرت أن أقصى ما يمكن للمرأة التي يواقعها زوجها بدون رضاها هو اعتبار ذلك تعسفا منه في استعمال حقه المترتب عن عقد الزواج، فلا يحق لها إذ ذاك إلا المطالبة بالتطليق للضرر الذي لحقها نتيجة لذلك التعسف.
في نظري إن القرار الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية طنجة بإدانة المتهم بسنتين سجنا نافذة وغرامة مالية، بعدما اتهمته زوجته باغتصابها وفض بكارتها بالقوة، هو حكم منطقي من شأنه أن يدعم كل الجهود الممكنة اعتمادا على القانون في صون حقوق المرأة من التعسف والعنف الذي يلحقها والذي لم تستطع القوانين المحلية معالجته بشكل واضح ومسؤول، ويمكن اعتبار أن أية علاقة غير رضائية بما فيها الممارسة داخل المؤسسة الزوجية تعتبر تعسفا وعنفا يمس بكرامة ومكانة المرأة، لكن الإشكال الأكبر في كيفية إثبات ذلك "على مستوى الممارسة الفعلية"، وحجم ضرره على العلاقة الأسرية حيث نعتبر أن اللجوء إلى استعمال القانون في العلاقة الزوجية بهذا العمق، من شأنه أن ينتهك الخصوصية التي تقوم عليها تلك العلاقة، وهو ما سيؤدي بلا شك إلى انتهائها، وما يترتب عن ذلك من تشتت للأسرة.. ومن جهة ثانية فإن أسباب ظاهرة الاغتصاب الزوجي متعددة ومتشعبة، لذا فمكافحة الظاهرة من جذورها بالبحث عن أسبابها وإجثتاتها خير من العقاب عليه، وعليه وجب نهج مقاربة شمولية تقوم على الوقاية أولا ومن ثم الزجر والعلاج ثانيا. والخلاصة مكافحة ظاهرة الاغتصاب الزوجي تتطلب ثورة أخلاقية أكثر منها قانونية بالأساس خاصة في ظل مجتمع هش على كل المستويات .