الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

هل المغاربة ممنوعون من دخول الرياضات بمراكش؟

هل المغاربة ممنوعون من دخول الرياضات بمراكش؟ دور للضيافة بمراكش
تزخر مدينة مراكش بالعديد من الرياضات أو يسمى بالمفهوم التجاري بـ «دور الضيافة»، حاملة معها تاريخا عريقا لعاصمة النخيل بأزقتها القديمة وعبق عادات وتقاليد أهلها الضاربة في الأزل، هي عبارة عن معمار تاريخي قديم بناها أجدادهم لتكون مآوي عائلية تحتضن كل مكونات الأسرة الكبيرة. لكن مع توالي السنوات أصبح هذا الهم مجرد حلم زائل مع زوال هؤلاء «الأجداد»، إذ سرعان ما وجدت هذه الرياضات نفسها، في خضم الطفرة العمرانية التي عرفتها المدينة، معروضة للبيع بأسعار زهيدة بالنسبة للمشتري الأجنبي، مغرية بالنسبة للبائع المغربي، الذي تملص من وصية «الجد»..
كان هذا الإرث من الرياضات في يوم من الأيام بيت العائلة الكبير الذي كان الحفاظ عليه أمرا ضروريا، فقد بات اليوم مجرد عقار يتهافت عليه الأجانب، خاصة الفرنسيين منهم، لعدم وجود حاجز اللغة. فمنهم من غير من ملامح الرياض وقضي على عراقته، وآخرون جددوه بلمسة تقليدية، والاستثمار فيه، تماشيا مع موضة امتلاك رياض بمراكش أو بالصويرة، من بينهم الفرنسية «ناتالي لروايي» 60 سنة، صاحبة رياض بعمق المدينة التاريخية بحي درب ضاباشي بالمدينة الحمراء، جاعلة منه في البداية سكنا ثانويا، إلى أن قررت الالتحاق بموجة تحويل الرياض إلى دار للضيافة، وتحويله إلى استثمار سياحي، يشغل حاليا سبعة مغاربة. «الوطن الآن» زارت «ناتالي» تحدثت معها في جوهر الموضوع، فسألتها ما إذا كان رياضها يمنع السياح المغاربة من الولوج إليه، لترد قائلة إنها لا تفرق بين السائح المغربي والأجنبي، فهي مستثمرة سياحية منذ 15 سنة، ولا تظن أن أمرا مثل هذا قد حدث في رياضها. تحولنا بسؤالنا إلى مسيرة الرياض، وهي شابة مغربية في الأربعين سنة من عمرها، رفضت في البداية التعليق على الأمر أمام صاحبة الشأن، لكن ما إن انصرفت هذه الأخيرة، حتى عادت لتؤكد لنا «أن الأمر يتعلق بمنع السياح المغاربة الذين كانوا يفدون علينا كثيرا، مرفقين بسياح أجانب مشبوهين...».
غالبية زبناء الرياضات بالمدينة الحمراء، هم من السياح الأجانب القادمين من القارة الأوروبية، أما السياح المغاربة، فجلهم من الرباط والدار البيضاء...، يأتون إلى مراكش لقضاء عطلة نهاية الأسبوع؛ وإذا كانت يدها العاملة تشتغل بأجور ضعيفة، فان هذه الرياضات أصبحت تدر على مالكيها أرباحا بالملايين؛ وقد صادفت «الوطن الآن» خلال تقصيها عن الموضوع رياضا بحي سيدي أيوب، يشغل فقط اليد العاملة الإفريقية، ويلقى إقبالا من طرف السياح الاسبانيين على الخصوص، حيث رفضت مسيرة الرياض، وهي من أصول افريقية الحديث إلينا، بدعوى أن صاحب الرياض (وهو إسباني من أصل مغربي) غير موجود.
وبحي جنان بشكرة، حيث سبق لـ «ودادية ابن أبي صفرة» أن قدمت شكاية متكررة إلى السلطات المحلية ضد أحد المالكين الأجانب بسبب تحويل رياضه إلى وكر للدعارة وإقامة الليالي الحمراء والموسيقي الصاخبة حتى الساعات المتأخرة من الليل، واستقباله للأجانب والمغاربة على حد سواء. «الوطن الآن» التقت أحد المستشارين بمقاطعة المدينة - طلب عدم ذكر اسمه -، معلقا على صاحب الرياض بأنه أصبح يمنع دخول المغاربة، خوفا من الوقوع في المشاكل مع السكان، وزاد المستشار أن دور الضيافة التي شكلت قيمة مضافة للتنوع السياحي في الإيواء في المدينة الحمراء، وتشغل يد عاملة مهمة، أصبحت اليوم في قفص اتهام بسبب تفشي جرائم السياحة الجنسية، إضافة إلى أن هناك مجموعة من الدور غير المصنفة تضع إعلاناتها على مواقع الانترنيت، وبعناوين مغرية غير نزيهة، كتقديم خدمات التدليك والحمام الشعبي.... وأوضح محاورنا أن إقدام بعض الدور على عدم السماح للسياح المغاربة بدخول دور الضيافة «قد تكون لهم مبرراتهم المعقولة، كعدم حفاظهم على النظافة وعلى التجهيزات التي يتوفر عليها الرياض، أو لأسباب أمنية كعدم توفر البعض منهم على وثيقة هوية أو في هم في حالة شبهة، خاصة وان هذه الرياضات تتميز بشكلها الهندسي العائلي من حيث تقديم الغرف والأكل والحمام وغيرها من الخدمات السياحية التي تختلف تماما عن الإيواء في الفنادق» ومن جهته قال عمر أربيب (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش) أن المدينة الحمراء سجلت تحولا في أماكن استقبال السياحة الجنسية، إذ لم تعد تنحصر في دور الضيافة فقط ولا في المنطقة السياحية النخيل. فخريطة مراكش لما يسمى بالسياحة الجنسية تشير إلى وجود أوكار انتشرت خارج المدار الحضري لتشمل مناطق سياحية جبلية أيضا.
وفي اتصال لـ «الوطن الآن» بمنتصر بولال، المكلف بالتسويق والتخطيط بالمجلس الجهوي للسياحة بمدينة مراكش، للتعليق حول موضوع دواعي امتناع بعض دور الضيافة استقبال السياح المغاربة، أكد بولال عدم علمه بهذا بالموضوع تماما ولا يمكنه التعليق على أمر يجهله.
أما فدوى أشبالي، مندوبة وزارة السياحة بمراكش، فتعتبر أن دور الضيافة هي نوع من أنواع الإيواء السياحي الذي يميز الإيواء بمدينة مراكش، وتجلب عددا كبيرا من السياح الذين يرغبون في الاستمتاع بخصوصية الهندسة المعمارية المغربية التي تسافر بالسائح إلى عمق التاريخ والثقافة المغربية العريقة. وتتوفر اليوم مدينة مراكش داخل السور على ما يفوق 1200 دار للضيافة مصنفة؛ خمسين في المائة منها إما أصحابها أجانب أو مسيرة من قبل الأجانب. كما أن مدينة مراكش سجلت خلال الفصل الأول من 2018 رواجا سياحيا كبيرا بالمدينة الحمراء بفضل تنوع عروض الإيواء تجاوز العشرين بالمائة في ليالي المبيت وعدد الوافدين بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية.