الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

فؤاد بنصغير: هذه هي الضمانات التي منحها المشرع في التجارة الإلكترونية

فؤاد بنصغير: هذه هي الضمانات التي منحها المشرع في التجارة الإلكترونية د.فؤاد بنصغير

من المعلوم أن عمليات البيع و الشراء عبر شبكة الإنترنت أو ما يعرف بالتجارة الإلكترونية تعتبر من أهم ما ميز القرن الحالي في المغرب وفي غيره من البلدان.

غير أنه يجب ملاحظة أننا بدأنا ننتقل اليوم من مرحلة التجارة الإلكترونية من الجيل الأول إلى مرحلة التجارة الإلكترونية من الجيل الثاني.

ذلك أن المستهلك الإلكتروني بدأ اليوم يقوم بعملية الشراء الإلكتروني من خلال هاتفه النقال (التجارة عبر الهاتف النقال ) بدل الحاسوب ( التجارة الإلكترونية بالمعنى التقليدي ).

من جهة أخرى لم تعد التجارة الإلكترونية تتم عبر المواقع الإلكترونية التقليدية (مواقع تابعة لبائع واحد وتبيع سلعة أو خدمة معينة) بل عن طريق ما يسمى بالمنصات الرقمية (عدد كبير من البائعين الإلكترونيين يعرضون سلعا وخدمات متنوعة على منصة واحدة ) ومواقع مقارنة الأسعار (مواقع تساعد المستهلك الإلكتروني باختيار السلعة أو الخدمة الأرخص على شبكة الإنترنت ) والمزادات الإلكترونية.

ويتطلب تطور التجارة الإلكترونية من الجيل الأول أو من الجيل الثاني إطارا قانونيا آمنا من شأنه أن يخلق بيئة من الثقة بين مواقع التجارة الإلكترونية والمستهلكين الإلكترونيين.

واقتناعا منه أن إطارا قانونيا يحمي المستهلكين الإلكترونيين يعزز ثقة هؤلاء وانخراطهم في تطور التجارة الإلكترونية، أصدر المغرب القوانين 08-31 المتعلق بحماية المستهلك و 05-53 المتعلق بالتجارة الإلكترونية والقانون 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية لوضع هذا الإطار القانوني.

حيث يستفيد المستهلك الإلكتروني من خلال هذه النصوص القانونية وغيرها من مجموعة من المقتضيات القانونية الخاصة التي تحميه باعتباره الطرف الضعيف في عقود التجارة الإلكترونية.

وتهم هذه المقتضيات القانونية حماية الحياة الخاصة للمستهلكين الإلكترونيين (القانون 08-09 ) وحماية هؤلاء من تعسف البائعين الإلكترونيين ( القانون 08-31 ).

أولا : الحماية القانونية من خلال القانون 08-31

من المعلوم أن عقود التجارة الإلكترونية يتم إبرامها عن بعد دون الحضور المادي للأطراف، وبالتالي فإن المستهلك الإلكتروني غالبا ما يبني قراره على الصور التي يضعها البائع الإلكتروني والمميزات التي يقدمها هذا الأخير.

هذا يعني أن المستهلك الإلكتروني يتكون لديه تصور افتراضي فقط عن السلعة أو الخدمة المعنية بالأمر لا يسمح له بإصدار قراره بالتعاقد مع البائع الإلكتروني بإرادة واعية ومستنيرة.

لهذا السبب برزت الحاجة إلى وضع مقتضيات قانونية خاصة تحمي المستهلك الإلكتروني، ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالتزام البائع الإلكتروني بالإعلام وحق المستهلك الإلكتروني في العدول عن العقد الذي أبرمه صحيحا ومحاربة الشروط التعسفية التي غالبا ما تحويها عقود التجارة الإلكترونية.

أ- التزام البائع الإلكتروني بالإعلام

من بين أهم المقتضيات القانونية التي تحمي المستهلك الإلكتروني نجد إلزام المشرع البائع الإلكتروني بإعلام المستهلكين الإلكترونيين قبل إبرام العقد بالعناصر الأساسية للعقد وتأكيد ذلك بعد إبرام العقد على دعامة ورقية أو دعامة دائمة ( إلكترونية ).

فقد أوجبت المادة 29 من القانون 08-31 أن يتضمن العرض المقترح قبل إبرام العقد مجموعة من المعلومات يعتبرها المشرع أساسية من أجل أن يعطي المستهلك الإلكتروني رضاء مستنيرا ويقوم بإبرام العقد بمعرفة تامة.

المادة 29 من القانون 08-31

» (...) يجب أن يتضمن العرض المتعلق بعقد البيع عن بعد المعلومات التالية :

1- التعريف بالمميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العرض ؛

2- إسم المورد وتسميته التجارية والمعطيات الهاتفية التي تمكن من التواصل الفعلي معه وبريده الإلكتروني وعنوانه (...) «

أما بعد إبرام العقد فقد أوجب مشرع القانون 08-31 على مواقع التجارة الإلكترونية من خلال المادة 32 منه أن تقوم بتأكيد المعلومات الأساسية والشروط التعاقدية كتابة أو على دعامة دائمة.

المادة 32 من القانون 08-31

» يجب أن يتلقى المستهلك كتابة أو بأي وسيلة دائمة أخرى موضوعة رهن تصرفه، في الوقت المناسب (...) :

1- تأكيدا للمعلومات المشار إليها في المواد 3 و 5 و 29 ما لم يف المورد بهذا الالتزام قبل إبرام العقد(...) «

وتتجلى أهمية هذا المقتضى القانوني في مصلحتين يجنيهما المستهلك الإلكتروني.

تتجلى المصلحة الأولى في تمكين المستهلك الإلكتروني من القراءة المتأنية للشروط التعاقدية.

ذلك أنه من المعلوم أن المستهلك الإلكتروني في غالب الأحيان لا يطلع على الشروط التعاقدية الموضوعة على مواقع التجارة الإلكترونية ويقوم مباشرة بالنقر على خانة القبول الشيء الذي يدخله في علاقة تعاقدية لا يعلم شيئا عن شروطها.

لذلك فرض المشرع على البائع الإلكتروني أن يرسل إلى المستهلك الإلكتروني بعد إبرام العقد على دعامة دائمة ( مفتاح USB أو بريد إلكتروني أو قرص مدمج أو بطاقة ممغنطة...) هذه الشروط لكي يتمكن من قراءتها على مهل وبترو.

المصلحة الثانية تتجلى في تمكين المستهلك الإلكتروني من الاحتفاظ بدليل العناصر الأساسية للعقد الذي أبرمه مع موقع التجارة الإلكترونية للإدلاء به أمام القضاء عند الحاجة.

ذلك أنه لا يكفي أن يتم إعلام المستهلك الإلكتروني بالشروط التعاقدية بل يجب تمكينه من الدليل الذي يثبت وجود ومحتوى العلاقة التعاقدية للإدلاء به أمام القضاء في حال نشوب نزاع بينهما.

نخلص إلى أنه لا يكفي اليوم أن يقوم التاجر الإلكتروني بوضع الشروط التعاقدية على الموقع ليطلع عليها المستهلك الإلكتروني بل يجب إرسالها إليه على دعامة دائمة وإلا يكون مرتكبا لفعل يبطل العقد.

ب- الحق في العدول

يعتبر الحق في التراجع عن العقد الذي نصت عليه المادة 36 من القانون 08-31 أحد الآليات القانونية المستحدثة التي لجأ إليها المشرع من أجل توفير حماية فعالة للمستهلك المتعاقد عن بعد.

المادة 36 من القانون 08-31

» للمستهلك أجل :

- سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في التراجع؛

- ثلاثين يوما لممارسة حقه في التراجع في حالة ما لم يف المورد بالتزامه بالتأكيد الكتابي للمعلومات المنصوص عليها في المادتين 29 و 32.

وذلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك «

وقد مكن المشرع المستهلك الإلكتروني بممارسة هذا الحق بإرادة منفردة دون إبداء المبررات ودون الحاجة إلى موافقة البائع الإلكتروني أو الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء.

هذا يعني أن الحق في التراجع عن العقد الإلكتروني المبرم صحيحا هو حق مطلق للمستهلك الإلكتروني يخضع لتقديره وحده دون غيره.

ويعود هذا الأمر إلى كون المستهلك الإلكتروني ليس لديه في هذا النوع من التجارة الإمكانية الفعلية لمعاينة السلعة أو الإلمام بخصائص الخدمة قبل إبرام العقد.

ج- محاربة الشروط التعسفية

من المعلوم أن عددا كبير من مواقع التجارة الإلكترونية يقوم بإدراج في الشروط العامة للبيع شروطا قد تكون بموجب القانون شروطا تعسفية أو حتى غير مشروعة لا يمكن للمستهلك الإلكتروني مناقشة بنودها الأساسية.

لذلك كان لابد من تدخل المشرع للحد من هذا النوع من الشروط التي تميز غالبية عقود التجارة الإلكترونية الموضوعة على شبكة الإنترنت من أجل حماية المستهلك الإلكتروني.

ويعد شرطا تعسفيا كل شرط من شأنه الإضرار بمصلحة المستهلك حسب البند الثاني من المادة 15 من القانون 08-31.

المادة 15 من القانون 08-31

» يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك «

لذلك لا يجب على مواقع التجارة الإلكترونية إدراج بنود في العقد تكون غير مقروءة أو غير مفهومة أو تضر بمصلحة المستهلك وإلا اعتبرت شروطا تعسفية وبذلك تصبح لاغية بموجب الفصل 19 من نفس القانون.

المادة 19 من القانون 08-31

» يعتبر باطلا ولاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين المورد والمستهلك. تطبق باقي مقتضيات العقد الأخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور «

نشير إلى أن العقود المبرمة عن بعد ( التي يكون أحد طرفيها مستهلكا ) والعقود الإلكترونية المبرمة عن بعد ( التي يكون أحد طرفيها مستهلكا وتبرم بالوسائل الإلكترونية ) هي عقود من نفس الطبيعة مادام النوعان من العقود يتم إبرامهما بين غائبين.

وبالتالي، فإن القواعد القانونية التي تهم العقود عن بعد التي جاء بها القانون 08-31 تطبق بيسر على العقود الإلكترونية المبرمة عن بعد.

وهذا يعني أن المستهلك الإلكتروني يستفيد في نفس الآن من الحماية التي يوفرها له قانون العقود المبرمة عن بعد ( القانون 31-08 ) وفي نفس الوقت تلك التي يمنحها إياه قانون العقود الإلكترونية ( القانون 05-53 ).

و

 

 

 

ثانيا : الحماية القانونية من خلال القانون 08-09

لقد أدى تطور التجارة الإلكترونية أن أصبحت المعطيات الشخصية للمستهلكين الإلكترونيين عرضة للتجميع والمعالجة والتسجيل بملفات معلوماتية وحتى استخدامها في إرسال إعلانات إلكترونية غير مرغوب فيها من خلال استخدام تقنية الكوكيز.

في هذا السياق، قام المغرب بسن القانون 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي لحماية المستهلكين الإلكترونيين من هكذا مخالفات.

ويهدف هذا القانون على وجه الخصوص إلى حماية الأشخاص الذاتيين في مواجهة استخدام معطياتهم الشخصية المتداولة على شبكة الإنترنت خاصة من قبل مواقع التجارة الإلكترونية وذلك من خلال حماية المعطيات الشخصية في حد ذاتها وحماية المستهلك الإلكتروني في مواجهة تقنية الكوكيز وحمايته من البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه ( السبام ).

أ- حماية المعطيات الشخصية

فالمعطيات الشخصية التي تضم الإسم والعنوان البريدي وتاريخ الازدياد ( المعطيات الإسمية ) ورقم الهاتف ورقم البطاقة البنكية و كذلك العنوان الإلكتروني وعنوان بروتوكول الإنترنت ( المعطيات الرقمية ) وغيرها، تعتبر جزءا لا يتجزأ من مفهوم الحياة الخاصة لأنها تسمح بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتحديد هوية المستهلك الإلكتروني على الخط أو خارجه.

وتوجد عدة طرق معلوماتية تسمح لمواقع التجارة الإلكترونية بتجميع المعطيات الشخصية التي تعود للمستهلكين الإلكترونيين سواء كان هذا التجميع يتم بمعرفتهم أو دون ذلك.

ذلك أنه يجب التمييز فيما يتعلق بتجميع البيانات الشخصية من قبل مواقع التجارة الإلكترونية ما بين حالتين : الحالة التي يقدم فيها المستهلك الإلكتروني بياناته الشخصية بمحض إرادته إلى الموقع وتلك التي يتم فيها تجميع هذه البيانات دون أن يعلم هو بذلك.

فيما يتعلق بالحالة الثانية، فإنه توجد العديد من الطرق المعلوماتية التي تسمح بتجميع البيانات الشخصية، دون موافقة المستهلك الإلكتروني بل حتى دون معرفته.

وقد أعطى القانون 08-09 للمستهلكين الإلكترونيين مجموعة من الحقوق وفرض على مواقع التجارة الإلكترونية مجموعة من الالتزامات.

من بين أهداف القانون 08-09 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية نجد ضمان عدد من الحقوق للأشخاص المعنيين بمعالجة معطياتهم الشخصية ( المستهلكين الإلكترونيين ).

يتعلق الأمر في واقع الأمر بالحق في الإعلام المسبق بتجميع ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي والحق في الاعتراض على ذلك والحق في الوصول إلى البيانات الشخصية التي يقوم موقع التجارة الإلكترونية بتجميعها ومعالجتها والحق في تعديلها.

ويتطلب تأمين هذه الحقوق من لدن المسؤولين عن المعالجة (مواقع التجار ة الإلكترونية ) احترام عدد من الالتزامات.

يتعلق الأمر باحترام الإجراءات الأولية لأي عملية معالجة ( إخبار اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ) وتجميع البيانات بوسائل نزيهة ومشروعة والالتزام باحترام الغرض المحدد من المعالجة والامتناع عن حفظ البيانات الشخصية خارج الوقت المسموح به والامتناع عن معالجة المعطيات الحساسة والالتزام بأمن وسرية هذه المعطيات.

ب- تأطير تقنية الكوكيز

تنبه المشرع المغربي كغيره من المشرعين إلى تقنية الكوكيز التي غالبا ما تلجأ إليها مواقع التجارة الإلكترونية من أجل تكوين ملفات عن مستخدمي الإنترنت الذين يزورون مواقعها من خلال تجميع ومعالجة معطياتهم الشخصية واستخدامها في ما بعد في إرسال رسائل إلكترونية دعائية إليهم.

وقد تم تأطير هذه التقنية التي تبقى على الرغم من ذلك ضرورية لتطور التجارة الإلكترونية من خلال المادة 11 من القانون 08-09.

المادة 11 من القانون 08- 09

»لا يمكن كذلك لأي قرار آخر تنشأ عنه آثار قانونية تجاه شخص من الأشخاص أن يتخذ فقط بناء على معالجة آلية لمعطيات يكون الغرض منها تحديد صفات الشخص المعني أو تقييم بعض جوانب شخصيته «

ج- البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه ( السبام )

من المعلوم أن العديد من مواقع التجارة الإلكترونية تقوم بإرسال رسائل إلكترونية دعائية غير مرغوب فيها ( السبام ) إلى مستخدمي الإنترنت.

لذلك نجد أن المشرع المغربي اهتم بهذه الظاهرة من خلال القانون 08-09 ( لأن الأمر يتعلق باستخدام معطيات ذات طابع شخصي ) ومن خلال القانون 08-31 ( لأن الأمر يتعلق باستهداف مستهلكين إلكترونيين ).

حيت منعت المادة 10 من القانون 08-09 إرسال بريد إلكتروني دعائي دون الموافقة المسبقة للمستهلك الإلكتروني.

المادة 10 من القانون 08- 09 /الفقرة 1

» يمنع الاستقراء المباشر بواسطة آلية اتصالات أو جهاز الاستنساخ البعدي أو بريد إلكتروني أو وسيلة تستخدم تكنولوجيا ذات طبيعة مماثل باستعمال بيانات شخص ذاتي، في أي شكل من الأشكال، لم يعبر عن رضاه المسبق عن استقبال الاستقراءات المباشرة بهذه الوسيلة «

وقد عرف المشرع في ذات المادة الرضا بأنه التعبير عن

الإرادة الحرة والمميزة وعن علم للمستهلك الإلكتروني باستقبال بريد إلكتروني استقرائي.

المادة 10 من القانون 08- 09 / الفقرة 3

» لأجل تطبيق هذه المادة، يراد بالرضا كل تعبير عن الإرادة الحرة والمميزة وعن علم يقبل بموجبه شخص معين باستعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي التي تخصه لأغراض الاستقراء المباشر «

 

من جهة أخرى أوجب المشرع على البائع الإلكتروني من خلال الفقرة الثانية من المادة 24 من القانون 08-31 إعلام المستهدفين بالإشهار الإلكتروني بحقهم في التعرض في المستقبل على تلقي الإشهارات الإلكترونية.

المادة 24 من القانون 08- 31

» يجب على المورد عند القيام بكل إشهار عن طريق البريد الإلكتروني :

- تقديم معلومات واضحة ومفهومة حول حق التعرض في المستقبل على تلقي الإشهارات «

 

نصل إلى أن إرسال بريد إلكتروني ليس في حد ذاته ممنوعا من الناحية القانونية، بل يصبح كذلك عندما يكون غير مرغوب فيه.

لذلك على مواقع التجارة الإلكترونية أن تستخدم في حملاتها الدعائية الإلكترونية فقط العناوين الإلكترونية التي تم تجميعها بطريقة مشروعة بعد الحصول على الموافقة المسبقة من أصحابها، وإعلامهم بحقهم في التعرض على استقبال الرسائل الدعائية الإلكترونية.

تهدف الحماية القانونية التي جاء بها القانون 08-09 إلى الحد من تجميع والاحتفاظ ومعالجة المعطيات ذات الطبيعة الشخصية من قبل مواقع التجارة الإلكترونية، إلا ما كان منها مشروعا وضروريا وتلك التي تم الحصول فيها على موافقة مسبقة من أصحاب الشأن.

ومن البديهي أن هذه الحماية تزيد بشكل كبير من الثقة التي يوليها مستخدموا الإنترنت في المعاملات الإلكترونية.

غير أن عدم التزام مواقع التجارة الإلكترونية في المغرب ين أن ضرب علاقة الثقة التي من الضروري أن توجد بين التاجر الإلكتروني والمستهلك الإلكتروني والتي تبقى ضرورية إذا ما أردنا تطوير التجارة الإلكترونية.

هذا يعني أن الهدف هو خلق بيئة آمنة تسمح بتطور التجارة الإلكترونية، إذا ما علمنا أن الأمن والأمان هما الشرطان الأساسيان لتطور هذا النوع من المعاملات.

خاتمة :

لقد تم وضع ترسانة قانونية حامية للمستهلك الإلكتروني بهدف كسب ثقة المتعاملين وبالتالي فتح الطريق أمام التجارة الإلكترونية لكي تتطور في ظروف حسنة.

إلا أن انعدام الثقة في التجارة الإلكتروني التي نعاني منه اليوم في المغرب يعود إلى عدم التزام مواقع التجارة الإلكترونية بالمقتضيات القانونية الحامية للمستهلك الإلكتروني التي عرضنا لها.

من جهة أخرى فإن النصوص القانونية الموجودة اليوم والتي وضعت في وقت هيمنت فيه التجارة الإلكترونية من الجيل الأول أصبحت متجاوزة إلى حد كبير وبالتالي يتوجب على المشرع المغربي تعديلها وإضافة نصوص قانونية جديدة تأخد بعين الاعتبار التجارة الإلكترونية من الجيل الجديد التي نعيشها اليوم.

  • د. فؤاد بنصغير،أستاذ التعليم العالي/ كلية الحقوق المحمدية