الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

محمد قزيبر: المقاولات الصغرى والمتوسطة هي أبرز متضرر من سياسة مخاطر الأبناك

محمد قزيبر: المقاولات الصغرى والمتوسطة هي أبرز متضرر من سياسة مخاطر الأبناك محمد قزيبر

يرى محمد قزيبر، أستاذ المالية العمومية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أن النظام البنكي المغربي يتشكل من مؤسسات قوية من حيث السيولة المتوفرة ومن حيث الأرباح التي يتم تحصيلها، إلا أن مساهمتها في تمويل التنمية وتقديم القروض للمقاولات الوطنية، وخاصة المقاولات الصغيرة والمتوسطة تبقى مساهمة ضعيفة.. مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى اعتماد النظام البنكي المغربي بشكل قوي لسياسة المخاطر بتوجيه من بنك المغرب، وهو ما يحد من لجوء النسيج المقاولاتي المغربي إلى النظام البنكي للحصول على السيولة اللازمة للقيام بالاستثمارات مما ينعكس على مجموع مسلسل التنمية.

+ كيف تقيم دور الأبناك المغربية في التنمية، علما أن البعض يرى أن مساهمتها في هذا الإطار تظل دون مستوى التطلعات؟

- مساهمة الأبناك المغربية في التنمية يمكن إبرازها من خلال بعدين: بعد تاريخي وبعد حاضر. تاريخيا تميز النظام البنكي المغربي بانخراط مصارف ذات طابع عمومي في مسلسل التنمية، وهي المؤسسات المالية المتخصصة، والتي أوكلت إليها مهمة التمويل المالي لمسلسل التنمية المطلوبة.. وقد تبين محدودية هذه الآلية، وبالتالي تمت مراجعتها ومحاولة إدماجها في النظام البنكي العادي الذي يرتكز بالأساس على المصارف التجارية الخاصة مع وجود بنك مركزي يتولى الوصاية والإشراف على القطاع البنكي وعلى السياسة النقدية عموما. أما حاليا، وهو البعد الثاني الذي أشرت إليه، فيمكن من خلاله قراءة مساهمة النظام البنكي في التنمية من خلال واقع هذا النظام الحالي ودوره في مسلسل التنمية، حيث يتضح، ومنذ اعتماد سياسة التقويم الهيكلي، والتي كان من أبرز أجزائها هو إصلاح النظام البنكي والنقدي، وذلك من خلال اعتماد الآليات الليبرالية في اشتغاله وتقليص الوصاية عليه، وتخلصيه من المنافسة غير الشريفة للمصارف العمومية أولا، وللسندات العمومية ثانيا، وخاصة سندات الخزينة. إذن فاعتماد الليبرالية الاقتصادية في اشتغال الأبناك المغربية يطرح تساؤلا عن مدى مساهمتها في التنمية، وهي المساهمة التي تتم أساسا من خلال التمويل المالي أي القروض الموجهة للاقتصاد الوطني، حيث يتضح أن النظام البنكي المغربي يتشكل من مؤسسات قوية من حيث السيولة المتوفرة، ومن حيث الأرباح التي يتم تحصيلها، إلا أن مساهمتها في تمويل التنمية وتقديم القروض للمقاولات الوطنية، وخاصة المقاولات الصغيرة والمتوسطة تبقى مساهمة ضعيفة.. ولعل ذلك يعود بالأساس إلى اعتماد النظام البنكي المغربي بشكل قوي لسياسة المخاطر بتوجيه من البنك المركزي أي بنك المغرب. وهذا ما يستشف أيضا، حتى من خلال التقدير الدولي لبنك المغرب كمصرف مركزي، مقارنة مع باقي المصارف المركزية على مستوى العالم، وسياسة المخاطر هذه المتمثلة في قواعد "بال 1" و"بال 2" وغيرها، تحد من لجوء النسيج المقاولاتي المغربي إلى النظام البنكي للحصول على السيولة اللازمة للقيام بالاستثمارات، مما ينعكس على مجموع مسلسل التنمية مادام أن الاقتصاد الوطني اقتصاد ليبرالي يرتكز على نشاط الرأسمال المغربي الخاص، حيث لا يمكن التعويل على الاستثمارات العمومية لوحدها لتحقيق غاية التنمية الشاملة.

+ وما دلالة تركيز الأبناك على دعم قطاعات معينة دون غيرها مثل العقار، هل هو السعي إلى تحقيق الربح السريع؟

- كما أشرت قبل قليل، فسياسة المخاطر من خلال قواعد "بال" المتفق عليها من طرف المصارف التجارية على المستوى العالمي، تحد من تقديم القروض وتفرض شروط صارمة من أجل الحصول عليها من طرف نسيج المقاولات في المغرب، وأبرز متضرر من هذه القواعد هي المقاولات الصغرى والمتوسطة التي لا تتوفر على الضمانات الكافية للحصول على السيولة النقدية من الأبناك.

+ ولماذا لا يتم إقرار التنافسية بين الأبناك بدل "الكارتل البنكي" الحالي على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، والذي قد يساهم في توسيع رقعة المقاولات الصغرى والمتوسطة المستفيدة من التمويل البنكي؟

- المصارف التجارية لها هيكلتها الخاصة، وحتى ولو كانت هناك منافسة، فإن هناك توافق حول القواعد المعتمدة لتقديم القروض، إضافة إلى أن هناك توجيه وتحكيم من قبل مؤسسة عمومية وهي بنك المغرب، ومن المعروف عن النظام البنكي المغربي أنه يطبق بشكل صارم سياسة المخاطر وفرض شروط صارمة في ما يتعلق بتمويل الاقتصاد الوطني .

+ لكن هذه الشروط ستسمح دائما للأبناك بالتملص من مسؤوليتها -حسب المهتمين- الذين يستحضرون في هذا الإطار تملصها من تمويل مشاريع حكومية سابقة لتشغيل الشباب وآخرها مشروع "مقاولتي"؟

- القطاع الخاص يتحكم فيه المنطق التجاري، والمطلوب هو تدخل تحكيمي للدولة وللهيئات العمومية، فهذا التدخل التحكيمي هو الذي قد يشجع هذه الأبناك على الإسهام في مسلسل التنمية، وما دامت الدولة تحجم عن تقديم الضمانات للقطاع البنكي في هذا المجال فهو سيظل يتردد في الإسهام في التنمية.