السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر:الحل هو الفصل بين الديني والسياسي

سعيد جعفر:الحل هو الفصل بين الديني والسياسي سعيد جعفر
إن أفضل وسيلة لاختبار فكرة ما هو وضعها موقع اختبار. ويبدو أن فكرة أن "الإسلام هو الحل" التي جعلت منها التنظيمات ذات الخلفية الدينية الإسلامية فلسفة وشعارا لها تختبر جيدا وتتعرض لكثير من التصدع والتكذيب.
ليس في الأمر مبالغة أو تحاملا، فوصول الإسلاميين للسلطة منذ 2011 والذي جاء نتيجة انتصارات انتخابية مدعومة بشروط جيوبوليتية دولية وإقليمية وحاجات سياسية محلية، ساعد على اختبار منطلق "الإسلام هو الحال" مبينا انه "شعار" أكثر منه "فلسفة".
فقد أظهرت التمرينات المتراكمة و المواقف الناتجة عنها عن تناقض رهيب بين النظرية والتطبيق، بين "التيوريا" و"البراكسيس".
ورغم حجم التلاحم العقدي القائم بين الحاملين للفكرة والفكرة ذاتها فإن هذا التلاحم لم ينعكس على الفعل والتدبير والإنجاز، ولهذا بدا تسيير الشأن العام أقرب إلى تسيير لأخوية أو طائفة قبلية أو عقدية.
يشكل مثل هذا التدبير واحدا من أكثر أشكال التدبير ضبابية وضعفا لأسباب متعددة، فهو لا يملك تصورا واضحا لما يريد فعله، وبدون شك لا يستشرف طبيعة العوائق التي ستعترض عمله في الأمدين المتوسط والبعيد.
نعم قد يملك القدرة على توقع المشكلات المباشرة التي ستعترض تدبيرا ما لكن يصعب عليه تتبع الامتدادات البعيدة لما يعتمل في الحاضر.
ورغم انه يشترك مع الاتجاهات الأخرى في هذا العطب في التصور والذي يمس بشكل ما كل العقل العربي استنادا إلى ما أنتج في هذا الباب، إلا أن عطبه يكبر أكثر من الآخرين لأسباب عقدية محضة.
إن عدم تدقيق تدبير ما أو عدم وصول مستوى معين من النجاح عند مباشرته يبقى معطى مقبول في التقويم السياسي، إذ نحتكم في ذلك إلى معايير التقويم الأنسب سياسيا.
وفي هذه الحالة ورغم حجم المشكلات التي تولدت منذ 2011 و ما ترتب عنها من ردود فعل سلبية نتيجة إجراءات سياسية وإدارية أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين، فلا ينبغي لهذا التقويم إغفال العمل الكبير على مستوى التوازنات الماكرو-اقتصادية والتي تخدم مناعة الدولة في العمق.
"الإسلام هو الحل" يقوم أساسا على عنصر السلوك والطهرانية، وأكثر ما يختبر هذا الركن الرئيس في "الإسلام هو الحل" هو الانتقال الطبقي من الفقر إلى الغنى.
صحيح أن هذا الانتقال يختبر قناعات ومبادئ وشعارات الجميع لكنه عند الإسلاميين مبدأ حساس جدا لأنه يؤثر على فعل "الدعوة" نفسه ويخلخل بنية المشترك العقدي الذي يتجمع حوله المريدون والأتباع.
ما يحدث اليوم داخل أحد أكثر التنظيمات الإسلامية بالمغرب خصوصا، من ضعف للأداء في تدبير الشأن العام على المستويين الحكومي و المحلي، ومن تصدع للطهرانية والدعوة،
يكشف عن مأزق لشعار ومنطلق "الإسلام هو الحل".
ويكشف عن حاجة ملحة للفصل بين الديني والسياسي.
إن مطالبة عدد من الإسلاميين بعدم التدخل في الحياة الشخصية للناس وتقدم بعضهم أكثر إلى القول بضرورة عدم تجريم حرية المعتقد و عدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية يكشف مأزق "الحكم بالدين" و أفضلية "الفصل بين الديني والسياسي".