السبت 20 إبريل 2024
سياسة

تداعيات الأخطاء اللغوية والقانونية في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة..

تداعيات الأخطاء اللغوية والقانونية في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة.. سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة

 بالرغم من تفاعل رئيس الحكومة ووزيره المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني مع ما تداولته وسائل الإعلام الوطنية، حول الفضيحة المدوية التي خلفتها الأخطاء اللغوية والقانونية التي شابت نافدة "تقديم عريضة" في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة، بعد ارتجاج جدران رئاسة الحكومة أمام هول الفاجعة وسارعا إلى تصحيح أخطائها التي تسببت فيها المسؤولة عن قسم الشؤون القانونية الملحقة من مديرية الأرصاد الجوية، لتمنح خلال الولاية الحكومية الماضية منصب رئاسة قسم الشؤون القانونية والعلاقات العامة في إطار المحسوبية والفساد السياسي والإداري بعد تولي حزب العدالة والتنمية زمام الوزارة. لتتحول بقدرة قادر من كاتبة إلى رئيسة قسم دون أي تدرج في مناصب المسؤولية، وأكثر من ذلك دون أي دراية أو خبرة في مجال القانون، بعد إقصاء خبير دستوري بسبب انتمائه لحزب الإتحاد الإشتراكي الذي كان مستشارا لدى ادريس لشكر، حيث أرغم على سحب ترشيحه بدعوى الكوطة الحزبية. لفتح المجال لمقربات مصطفى الرميد من أمثال سلوى الكبيطي، متخصصة في الفيزياء لتدبير مديرية المجتمع المدني.

و ما وقع في البوابة الوطنية للمشاركة المواطنة التي دشنها العثماني من أخطاء لغوية وقانونية كادت تفتك بالمديرة التي اتصلت بالرميد شخصيا، والذي برر الأخطاء بأنها من فعل بعض أعضاء الديوان المحسوبين على تيار بنكيران.

ورغم التصحيحات التي قام بها أطر الوزارة، فلا زالت هناك أخطاء لغوية وقانونية فادحة تبرز حجم الصراع الذي أصبحت ساحته الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع.

1- نموذج الأخطاء في البوابة الوطنية:

أ)  أخطاء نافذة "تقديم ملتمس في مجال التشريع"

فهذه الأخيرة تخلط بين السلطات العمومية كما تم تعريفها في المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 14-44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية ومجلسي البرلمان المعنيين بالمبادرة التشريعية للمواطنات والمواطنين من خلال ما نص عليه القانون التنظيمي رقم 14- 64 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، حيث أشارت المرحلة الثانية  في النافذة إلى "السلطات العمومية" في حين أن هذا التعبير غير وارد نهائيا في القانون التنظيمي رقم 14-64 المذكور، ناهيك عن الجانب اللغوي الذي طبعه التكرار في مواضع عدة والأخطاء اللغوية المتكررة التي جعلت الركاكة طابعا مميزا لهذه النافذة التي على صغر حجمها تعكس مستوى الأداء الحكومي في مجال الديمقراطية التشاركية، ولعل أبسطها خطأ إفراد "الجهة" في حين أن المعنى ينسحب على الجمع "ثلث عدد جهات المملكة" وليس " ثلث عدد جهة المملكة"، وعدم التمييز بين معنى "الإيداع" و "الارسال" الذي يتم إلكترونيا عبر البوابة، والخلط بين معنيي كلمتي "بث" و "بت" التي تكررت ثلاث مرات في السطرين الأخيرين.

ب) أخطاء نافدة " وثائق مرجعية ودلائل"

 تم استعمال نسخة من الدستور والقانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي وكليهما صادرين عن مديرية التشريع بوزارة العدل والحريات كما كانت تسمية هذا القطاع خلال الولاية الحكومية السابقة علما بأن الأمانة العامة للحكومة هي مصدر النصوص التشريعية والتنظيمية الوطنية، بما يشكل استهتارا بالمرجعية المؤسساتية للنصوص القانونية وهو الخطأ الذي لن يرتكبه طالب السنة الأولى في كلية الحقوق فما بالك بمسؤولة إدارية عن قسم الشؤون القانونية بإدارة مركزية، زد على ذلك العناوين غير الدقيقة للنصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للديمقراطية التشاركية التي لم تحترم العنوانين الصادرة في الجريدة الرسمية وأرقامها المبعثرة كما يمكن معاينته أثناء الولوج إليها، إضافة إلى ما تخفيه روابط الآليات التشاركية للحوار والتشاور على الصعيد المحلي علما بأن الدستور استعمل لفظ "الترابية" بالنسبة للجماعات، إذ تكرر استعمال لفظ "المحلي" و "الجماعات المحلية" في حين أنها أصبحت تسمى في الدستور الجديد "الجماعات الترابية" بما ينم عن جهل واضح بالقانون ومفرداته الدقيقة، وبدل توظيف مواد علمية نظرية عن الهيئات الإستشارية تم اللجوء إلى مسح ضوئي لنصوص الجريدة الرسمية بطريقة سمجة تعبر عن العجز التام عن القيام بدراسات موضوعية إزائها على كثرت ما قيل وكتب عنها، زد على ذلك ما اكتنف الدلائل المعروضة بهذه النافذة من أخطاء لغوية، وآخرها "دليل استعمال البوابة" الغير مشغل أصلا وإنما يظل عنوانا لا طائل منه مضافا إلى الدلائل.

ج) أخطاء نافذة "شروط الإستخدام"

  استعرضت ضمن شروط الإستخدام أسباب عدم قبول العريضة كما نصت عليها المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 14-44 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية وكأن الأمر يتعلق ببوابة مخصصة فقط للعرائض، ولماذا لم تضمن شروط عدم قبول الملتمس كما عددتها المادة الرابعة من القانون التنظيمي رقم 14-64 المشار إليه،  في حين أن البوابة الوطنية تجمع آلية العرائض والملتمسات في مجال التشريع والتشاور العمومي على الرغم من كون هذا الأخير غير مؤطر بنص قانوني بما يفسر أثناء الولوج إلى نافذته وجود عبارة "في طور الإنجاز" لنتساءل عن أسباب إفراد نافدة لإحدى آليات الديمقراطية التشاركية وهي "التشاور العمومي" دون أن تكون له مرجعية قانونية، زد على ذلك ما اكتنف نافذة شروط الإستخدام المذكورة من أخطاء لغوية وتكرار وجمل ركيكة فيما يلتزم المستخدم بالامتناع عنه.

د) أخطاء نافذة "تنبيهات قانونية"

لا تقل أخطاءها عن نظيراتها، التي تضمنت أخطاء لغوية شوهت مضمون  البوابة البئيسة التي عكست بهزالة صارخة آليات الديمقراطية التشاركية والصورة السيئة والمسيئة للمغرب وطنيا وعالميا، وتداعياتها إزاء مؤسسات دولية داعمة للمغرب في هذا المجال وعلى رأسها البنك الدولي.

 وإجمالا فإن البوابة برمتها تحتاج إلى مراجعة شاملة ناهيك عن شكلها وتصميمها الذين لا يرقيان بتاتا إلى مستوى بوابة وطنية تشكل مرآة ساطعة لدولة عرفت تحولات نوعية في مجال الحقوق والحريات الدستورية التي أسسها دستور المملكة المراجع سنة 2011، وإذا كان رئيس الحكومة قد تلقى المساعدة الإعلامية لاستدراك الأخطاء التي اكتنفت نافذة "تقديم عريضة"، فإننا الآن نمده بتتمة التصحيحات لنساعده على استدراك الكارثة التي تسبب فيها هو ووزيره المنتدب في بقية النوافذ بعد أن أثبتا بما لا يدع مجالا للشك قصر، بل ضعف النظر فيما تبقى من محتوياتها، والتي لا يضاهيها سوى عبث واستخفاف حكومته بحقوق ومصالح الوطن والمواطنين.