Saturday 5 July 2025
سياسة

أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب أو جسر المنعطف الإفريقي الفارق..

أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب أو جسر المنعطف الإفريقي الفارق..

ربما قد لا يكون أكثر المتفائلين عاطفيا، بل والواثقين عبر الدراسة والتحليل، من الأهمية البالغة التي تكتسيها زيارات الملك محمد السادس للعمق الإفريقي. (لا يكونوا) بالتصور الدقيق لترقب ميلاد مشروع من حجم ذاك الذي ميز زيارة نيجيريا، والمتمثل في مد خط أنبوب غاز من هذه الأخيرة إلى المغرب.

وحتما، فإن التأكيد على القيمة الوازنة للمشروع، لم يأت عفوا أو من منطلق النظر إلى زاوية واحدة بهدف وحيد، وإنما عطفا على تعدد المرامي وتنوع طبيعتها. لذلك، لن يجد أي متتبع حرجا في الإقرار بأن يوم الثالث من دجنبر 2016، سيؤرخ لبداية تحول "زلزالي" في مستوى ثمار التوجه التشاركي الإفريقي "رابح – رابح"، وأيضا بالنسبة لتجسيد تحدي ضرب سرب حمام بحجر واحد. خاصة في ظل وجود الإمكانية من جهة، وإلحاح الظروف العامة للمنطقة من جهة ثانية.

وعلى هذا الأساس، إذا ما كان ظاهر المعطيات يحيل على القفزة العملاقة والمنتظرة بمعية هذا المشروع للشق الاقتصادي. فإنه لا يعجز ولو بقليل من التدبر الوقوف على شتى المجالات والملفات الأخرى ذات الصلة إن كانت سياسية أو اجتماعية أو تضامنية أو مبدئية واعتبارية كاريزمية حتى. إذ يترسخ في حكم اليقين ما سيعود به المشروع من أفضال ستمس لا محالة الكثير من دول غرب إفريقيا في أفق تحقيق نمو اقتصادي شامل، بدءا بالرفع من الإنتاج الكهربائي والأسمدة الفلاحية، إلى جانب فتح شهية رؤوس الأموال الأجنبية قصد الاستثمار.

وعلاقة بالطرف الأجنبي، الخارج عن القارة السمراء تحديدا، سيرفع المشروع من قوة موقع الأفارقة الذين يمر عبر ترابهم الأنبوب، كما أن نيجيريا مثلا، وعلى الرغم من تصدرها البلدان ذات المخزون الغازي الإفريقي لطالما عانت من طوق المنافسة، مما أثر سلبا على بنية اقتصادها. ومن ثمة، سيتيح خط الأنبوب هذا فرصة التوغل داخل الأسواق الأوربية تمهيدا لتثبيت مكانته بها. علما بما لروسيا وتركيا من دور احتكاري هناك.

أما المغرب، وفضلا عن امتياز كونه المحطة الأخيرة قبل الانتقال للضفة الأخرى، وما تفيد به هذه الخاصية من استنتاجات، لابد من الإشارة وبالبند العريض لمعطى المكسب المربوح على صعيد القضية الوطنية الأولى، والنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وفي هذا، المنحى، يدري الجميع المواقف السابقة لنيجريا من هذا الملف. وعلاقة ذلك بالجزائر كجارة حاولت يائسة استغلال موقعها وثروتها من المحروقات للعب الدور ذاته. المفصل الذي سيغير مزيدا من القراءات لمجموعة من القادة، وعلى رأسهم الرئيس النيجيري محمد بخاري وإن بدافع المقارنة السطحية ما بين واقع بلده خلال تعاطفه لسنين مع "الدمى" ومحركيها، وبين ما أسفر عنه أول لقاء رسمي له بقائد وطن متجذر اسمه المغرب. وليس هذا فحسب، وإنما مسألة هشاشة العلاقات المهدرة للوقت والجهد، والمبنية على المصلحة الأنانية ستعني بشكل أو بآخر توجهات أقطار ثانية كما هو شأن جنوب إفريقيا، والتي عندما نذكر كيب تاون أو بريتوريا فإن القصد ينسحب تلقائيا على من يدور في فلكها ويهلل بسبحتها كقاطرات تابعة، ودائمة الخضوع لإملاءات دولة "الأبارتايد" كمؤثرة فاعلة في قناعاتها ومقررة أولى وأخيرة لسياساتها.