الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: حزب الدفع المسبق

رشيد لزرق: حزب الدفع المسبق

أكتب لقضية الأستاذ محمد الهيني ولأول مرة أحس بالخجل من نفسي ومن التشويش على الفكرة الاتحادية التي أومن بها من طرف من يدعون ظلما وعدوانا الانتماء للفكرة الاتحادية جناح حزب الدفع المسبق.. اكتب لك وأنت المناضل الصلب، أفرزتك المرحلة كشاب يمثل حلم جيل صدمة التحديث، جيل يؤمن بحقه في دولة متصالحة مع منطق العصر، جيل الحلم بالتغيير؛  رفضت الدخول في لغة المساومة ورفعت صوتك بالقول "اطمئنوا لن نموت جوعا أو عطشا لأن شبعنا في أفكارنا ومبادئنا لا في بطوننا.

أخي الكريم لعمري أن انتصارك في معركة المشروعة لهو انتصار سيقوي روح الأمل بالنضال المؤسساتي؛ ويبعث روح الصمود ويدحض الادّعاء بعدم جدوى النضال المؤسساتي، الأستاذ الهيني بات رمزا لجيل آمن بالدستور وانطلق منه مناشدا للتحرر، والتطلع لوطن تسوده مثل المساواة أمام الجميع. لقد كسرت جدار الصمت وعبرت عن وعي نابض في سلطة قضائية ظلت نخبها رهينة لحاجز الخوف. وكشفت عن شيزوفرينيا من منتحلين صفة الاشتراكية والحداثة أصحاب "حزب الدفع المسبق"، عريت عن نماذج المسخ النخبوي التي تركب على حلمنا المشروع للوصول لأهداف غير مشروعة.

وهنا اسمح لي أيها الشريف العفيف أن أكتب عن حزب الدفع المسبق والذي لهم رؤية ضبابية في تحديد المواقف على أساس العرض والطلب، يتقنون لغة المزاد في سوق البشرية، يدعون ظلما وعدوانا الدفاع عن الديمقراطية أنهم لا يرون الأشياء بقلوبهم وعقولهم، بل بلون الاستفادة المغرية والبهرجة التي يظنون أنها ستوصلهم إلى الاستوزار مثلما وصلوا سابقا للبرلمان دون سيادة شعبية. ها هم يريدون من جديد قلب المعادلة وإقناع زمرة المتملقين المتعودين على الهزائم والانبطاح بدعوى أنهم مثقفون. لذا فدعوتك لاستقلالية القضاء وليس لدولة القضاة كما يزعمون، كانت صرخة شرف في وجه أنصاف العقول الذين تحولوا بقدرة قادر إلى "ثوار" زادتهم الفياغرا الإعلامية أو بعض حبوب الهلوسة التي تزودهم بها قوى التدين السياسي، بأن الغنيمة ستكون كبيرة، لهذا عبروا بلغة مباشرة لم يعتادوها في الاصطفاف الى من يملك الغنائم الحكومية، بشكل لم نكن نتصورها من مناضلي الفكرة الاتحادية، أن يكون هو من صاغ وأعطى التغطية السياسية لوأد شباب الحراك القضائي، فحجم الدفع المسبق جعله ينسى جوهر الفكرة الاتحادية، ويعبر عن صدى قوى الانغلاق والثبات التي لم تستطع استيعاب أن هناك فصل للسلطات، وأن من حق القضاة الاختلاف بلغة واضحة بعيدا عن لغة التكتيكتات التي يتقنها المنتمون لحزب الدفع المسبق، بمسارهم المتعرج والدوران حول أنفسهم، يتناسون أن لدينا دستورا متقدما، لكن بنخب سياسية تمتهن التكتيك السياسي.. هذه النخب تشتغل بمنطق الدفع المسبق وتعمل في اطار مشروع بنكيران في إطار المحاكمة الظالمة، فشتان بين من حسموا دولة المؤسسات، ومن فضحوا الفساد، وبين من انجر وراء قوى المسخ السياسي الذين يزايدون بالملفات بهدف الاستفادة أكثر في كل الاستحقاقات، والتي يظل هدفها إقامة دولة المؤسسات.

أخي الكريم يستحيل أن يتحول الغدر لنصر، ندرك أنك تدفع ثمنا لاختيارنا النضال من أجل وطن المؤسسات.. مساندتنا للأستاذ الهيني واجب وطني، يتجاوز كون الرجل شخص مظلوم بل لأنه عنوان للمرحلة، نبني آمالنا فيها على حراك دستوري للتغيير وبلوغ عالم المواطنة، والذي يتطلب نفسا وروحا لمقاومة قوى الثبات. ولكي يستمر هذا النفس والروح المقاومة لترسيخ دولة المؤسسات، نعلم أن الطريق طويل ونحن مسلحون بالعزيمة، والأمل والابتسامة.