الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

مليكة العرابي: مدينة تامسنا المنكوبة

مليكة العرابي: مدينة تامسنا المنكوبة

من منكم يعرف أين تقع تامسنا وفي أية جغرافية تتموقع، وما هو شكل بنيتها، مثلث أم نصف دائرة أم مربع.. تامسنا مدينة النحاس، مدينة عمرتها شرائح من الناس لكنهم وجدوا أنفسهم قد أصبحوا أشباه أناس مقصيين منسيين من الخارطة المغربية.. مدينة تحسب على العاصمة الرباط ولا يجمعها بالرباط إلا الرباط أو لنقل حزاما، لكن ليس حزام للسلامة وإنما هو حزام تحول بفعل الشطط والتسيب والفساد إلى سياط جلد به المسؤولون شرائح الساكنة فلم تعد تقوى على الصراخ، تآكلت بنيتها واختلط حابلها بنابلها، وشريفها ب "رعايا"، وانتجت لنا مدينة تتقيأ فسادا وعبثا بمصالح الناس. قد يقول القائلون أننا نحكي عن مدينة في الأدغال أو بقايا من زلزال، لكنه الواقع الذي أزكم الأنوف وأغلق الآذان والأبصار.

أحياؤها منكوبة تعاني من الإهمال والتهميش وغياب المواكبة الاجتماعية بالمدينة النموذجية، تنهدات وحسرات تدفعنا للتساؤل عن حجم الأموال التي تم صرفها لفائدة تنمية أحياء المدينة ومرافقها وبنيتها التحتية، وكذا عن حجم الجهد الذي بذله متدخلون عدة يمثلون مختلف القطاعات والمصالح دون أن يعطي أكله، كما أن ذلك يدفعنا للتساؤل عن الدور الحقيقي المطلوب من مختلف مكاتب الدراسات المعنية بالمواكبة الاجتماعية بالمدينة داخل عدد من الأحياء والتي يتلقى أصحابها أموالا كثيرة..؟.

أما عن النقل وسوء التدبير فيما يتعلق بشركة سطاريو المهترئة حافلاتها التي تصاب بالأعطاب الميكانيكية المتكررة كلما استقلها ركابها الذين يتنظرونها "بالعرام" في كل محطة من محطاتها..، ولا تلبي حاجيات الركاب من حيث الرفاهية ولا من حيث احترام المحطات ولا من حيث الوقت هذا يعد خرقا سافرا لدفاتر التحملات.

بالإضافة إلى أن خصاصا مهولا في أسطول سيارات الأجرة بين مدينة تمارة وتامسنا، بسبب غياب رخص النقل، مما يفتح المجال للنقل السري، ويدفع ساكنة تامسنا إلى أداء أثمنة التنقل بحسب مزاج أصحاب سيارات الأجرة الذين يقومون بالنقل السري ويرفضون التحرك للأماكن المخصصة لهم والعمل على خط تامسنا المنكوبة فقط.

تمضي الأيام سراعا بمدينة تامسنا ويطوي سكانها كل يوم صفحة من صفحات البؤس وقلة الحيلة تجاه طغمة فاسدة تكالبت على المدينة، التي لا تزال تتحكم في مصير التنمية بها، حيث هي ممسكة بشكل غير قانوني بكل الوسائل والإمكانيات المعنية بتحقيق التنمية المفقودة بالمدينة، وعادة ما يرفع الناس كلمة "إرحل" في وجه المسؤولين الذين أمضوا سنوات عديدة في تدبير قطاع معين أو مرفق عمومي معين، إلا أن سكان تامسنا كان لهم رأي آخر، حيث أن العديدين منهم اختاروا أن يرفعوا كلمة "إرحل" في وجه أنفسهم، وقرروا النزوح الجماعي والعودة من حيث قدموا وهو ما يفسر تواجد العديد من المساكن المهجورة بمختلف أحياء المدينة.. أما آن الأوان للوقوف على مكامن الإخفاقات العديدة وبعض من الإنجازات التي لا تشفي الغليل عبر تحقيق جاد حول المدينة؟

إنها تامسنا، نموذج من نماذج المدن العصرية، مازالت الوضعية كارثية فيها، في انعدام عدة مرافق تهم الساكنة من بينها النقل، سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة، صيدليات ليلية، مدارس للأطفال، مستشفيات ومرافق رياضية واجتماعية.. مما جعل العشرات من الأسر تهجر مساكنها منتظرين فتح تحقيق حول الأموال التي صرفت لإنجاز المدينة ووضعية السكان المزرية بتحقيق جاد ونزيه لحل مشاكلهم من قبل الجهات المختصة والمعنية لهذه المدينة المنكوبة.