الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى العراقي : رسالة إلى عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات

مصطفى العراقي : رسالة  إلى عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات

السيد المندوب السامي للمياه والغابات .
لك مني هذه الرسالة باسم أطفال هذا الوطن .
لك من طفل رسم خطوات مرحه بين أشجار الهرهورة .صدح وأنشد :
هوى وطني فوق كل هوى ....جرى في عروقي مجرى دمي.
بين أحضان شجر صنوبر هذه الغابة الرابضة على عتبة العاصمة الرباط جلت ببصري الى شموخها وبدا لي كم هو رائع وطني .. لعبت مع أترابي تحت ظلالها نستنشق رائحة أغصانها ونداعب عصافير اتخذت منها مسكنا ومحطة إنشاد متعتنا بأبهى شدوها ..
أكاتب عشية اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي سيحل في العشرين من هذا الشهر وهو نفس الموعد الذي صدر فيه ميثاق واتفاقية دولية من أجل هذه الحقوق.
يا سيدي المندوب ،
خذ كل كتل الاسمنت التي شوهت جمال الهرهورة واترك لنا هذا الفضاء الذي وشم على أجسادنا جماله وترك أبهى صوره ترافق نمونا وبناء شخصيتنا وتنشئتنا الاجتماعية .. أنزع البشاعة التي طالت المخيم فنحن لسنا مسؤولين عنها .. إنها يا سيدي نتاج عشوائية سياسات عمومية لا تعترف بانسجام إعداد التراب مع محيطه ولا تبدع في المعمار كي يكون امتدادا فنيا للطبيعة .. نحن يا سيادة المندوب ما ذنبنا في أن تحملنا وزر جرائم اقترفها أشخاص أو مؤسسات تنظر للغابة بعيون الاهمال واللامبالاة .
إننا كأطفال لنا حق التمتع بغابات مغربنا بنفس القدر الذي علينا احترامها والحرص على مكوناتها . الهرهورة جزء من هذه الثروة . ونحن نسعد كثيرا عندما نحل بها أثناء النزهة أو المراحل التخييمية . لا تجعلوا للغابة اسوار حرمان تقف في وجهنا .. فالأشجار ستشيخ دون مرحنا والطيور ستصاب بكآبة بفقداننا . إن لنا الحق في الترفيه تصونه مواثيق وتقره نصوص . وأجمل أماكن الترفيه هو المخيمات التربوية التي تحتضننا فيها جمعيات جادة وعريقة . فلا تنتهكوا حقا من حقوقنا . تماما كما أن علينا أن نصون رئة وطننا من أي إتلاف أو عبث .
سيدي :
نحن اليوم يحاصرنا الاسمنت في أحيائنا حيث التهم كل المناطق الخضراء وحط فيها جشعه ولم يترك لنا حتى موطئ قدم للعب . نحن لسنا من بين أولويات أصحاب التجزئات وتهيئة وإعداد التراب كي ينظروا إلى حاجتنا لحدائق ومرافق . فلا تحذوا حذوهم وتقترف نفس جرائمهم . كن نصيرا لنا من أجل أن تبقى الهرهورة وغيرها من غابات الأطلس بجمالها بصنوبرها وأرزها وسروها ... متنفس براءتنا .
أتمنى أن يكون للمسؤولين نفس الحرص الذي ابنت عليه وأنت تعاين الهرهورة . في أن يوفروا لنا شوارع وازقة دون نفايات . ويخصصوا لنا فضاءات لوقتنا الحر . في أن تتسع الخضرة بمؤسساتنا التعليمية وتبتعد مطارح الازبال عن تجمعاتنا السكنية ... ويهاجر التلوث فضاءات مدننا ...
ونتمنى أن تتراجع عن قرارك . فالمغرب جدير بطفولته وأطفاله يستحقون ثروته .. يستحقون الغابة كفضاء لمتعتهم يحتضنهم ويحافظون عليه.