الجمعة 3 مايو 2024
سياسة

يزيد البركة: حكومة بنكيران المقبلة لن تختلف عن النسخة السابقة

يزيد البركة: حكومة بنكيران المقبلة لن تختلف عن النسخة السابقة

عندما باشر بنكيران مشاوراته لتشكيل الحكومة بعد تكليفه من طرف الملك حسب ما ينص عليه الدستور، لم تكن لديه نية الإفصاح عن الخطوط العامة لبرنامج تلك الحكومة المقبلة ولا حتى النقاط الأساسية التي يتشبث بها الحزب الأغلبي ولا يمكن له أن يتنازل عنها بأي شكل من الأشكال.

قد يقول قائل إن ذلك جيد وإنه يعبر عن روح ديمقراطية في مشاوراته ولا يريد أن يفرض توجها استراتيجيا في البرنامج على الفرقاء، لكن الأمر بعيد عن هذه النية، لقد كان هدف رئيس الحكومة المكلف هو الحصول عن عدد من الأحزاب باستثناء الأصالة والمعاصرة على وعد بالمشاركة في الحكومة والدفاع عن برنامجها وهي طريقة غارقة في المخزنية ليس لأنه مقتنع بأنها أنجع طريقة في تشكيل الحكومة، بل لأنه يعرف أن الخطوط العامة للبرنامج لا يملكها وأن للقصر فيه قدمه ويده، ولا يملك المكلف بتشكيل الحكومة إلا الحصول من الأطراف الحزبية على أوراق يضعها في جيبه خدمة العمود الفقري في التحالف الطبقي لعله مقابل هذه الخدمة الجليلة ينال منه بعض "زه *"

البعض رأى في خطاب الملك من داكار منهجية وخريطة لتشكيل الحكومة لكن الحقيقة أن ما ورد في الخطاب لا ينفذ إلى المأزق السياسي الاقتصادي الذي سقط فيه هذا التشكيل المرتقب. وحتى تكون الأحكام صحيحة لابد أن تكون الأحداث والوقائع والمنطلقات صحيحة. الجميع يعرف أن الأطراف التي شاركت في التجربة الحكومية هي التي تشكل العمود الفقري لأي حكومة مقبلة، لذا لا يجب تسويق الأوهام على أن ما يجري الحديث عنه من ضرورة الاتفاق على برنامج وأوليات يعني برنامج وأوليات الطبقات الشعبية بل يعني برنامج وأوليات البرجوازية بكل تصنيفاتها الصناعية والمالية والفلاحية والخدماتية وتدخل ضمنها المصالح الاقتصادية والسياسية للنواة الصلبة في التحالف الطبقي السائد.

ما يجري الآن لتشكيل الحكومة مثل ما يجري في رقعة ملعب كرة السلة، كل ملم واحد من المساحة يراوغ به اللاعب أو يتقدم به يكون دائما حاسما في النجاح للوصول إلى الشبكة، وكل اللاعبين معنيين بالتموضع الدقيق وليس فقط حامل الكرة أو من يعترضه.

لقد ارتاح الفرقاء من عدم وجود منافس قوي يمثل برنامج الطبقات الشعبية، لذا فإن المنافسة تجري الآن بين فرقاء التحالف الطبقي السائد.

إذن الكلام عن أن هناك صراع على برنامج للحكومة بين من يمثل الطبقات السائدة ومن يمثل الطبقات الشعبية ليس إلا إيديولوجيا تسعى إلى تزييف ما يجري في الواقع. ولنكن صريحين الحكومة المقبلة لن تأتي بأي شيء يغير جوهريا الخط السياسي والاقتصادي للحكومة السابقة بنسختيها وعندما ينقشع الغبار سيظهر من تحته حصان ومن يركب حمارا.

* كان هارون الرشيد لما يفرح كثيرا وكان قد أعطى أعطية سابقة يقول للوزير: "زه" أي زده على ما سبق أن أعطاه وهي كلمة فارسية تعني زده.