الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: عن خطر تبخيس دور الجهاز القضائي

نوفل البعمري: عن خطر تبخيس دور الجهاز القضائي نوفل البعمري

يجب التمييز بين التعليق على الأحكام و انتقادها و إبداء عدم الرضى عليها... و بين ما يجرنا إليه البعض من تبخيس دور الجهاد القضائي كسلطة و تسفيه دور النيابة العامة كجهة اتهام التي تظل متابعتها للمتهمين خاضعة لمناقشة الدفاع و تقييم الهيئة التي تنظر في الملف.

ما يحدث اليوم، هو نفسه الذي حدث مع مختلف الوسائط من أحزاب و نقابات بعد أن تم تبخيسها، أصبح الجمبع يسأل عنها و يطالبها بالقيام بواجبها.

الأحكام القضائية ليست مقدسة و هي خاضعة لتدرج في تقييمها و  لمراقبة الجهاز الأعلى درجة من الجهاز المصدر للأحكام  القضائية، سواء أكانت  في المرحلة الإستئنافية أو النقض... و لتعليق الفقهاء و القانونيين.

كما أن النيابة العامة عملها منظم و مؤطر بالدستور، و يخضع لتقييم الهيئة التي تنظر في الملف و لمناقشة و دفع المحامين أثناء مؤازرتهم لموكليهم،. كما أن القضاء الإداري فتح المجال لتعويض المتضريين من الأخطاء القضائية.

يجب أن ننتبه إلى أنه إذا سفهنا و بخسنا دور الجهاز القضائي لن نجد غدا من سنختصم لديه و سنشرعن من حيث لا ندري سلطة الشارع و شرع اليد، مادامت ثقة المواطنين في القضاء و في دور النيابة العامة قد تم زعزعتها بشكل سلبي يخدم أجندة لا تخدم البناء المؤسساتي في بلادنا.

لست هنا في مجال تبرير الأحكام الصادرة على الزفزافي و من معه، و هو الملف الذي يحتاج لتقييم موضوعي على مستوى الإجراءات التي اتخذت فيها، لكن نحتاج بالمقابل إلى أن ننبه إلى أن استهداف القضاء و النيابة العامة على الخصوص التي تعيش أول تجربة على مستوى وضعها الحالي. و هو الوضع الذي لم يأتي من فراغ، بل مرتبط بالتطور الذي عشناه خاصة على مستوى توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة بعد معالجتها لملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مرحلة سنوات الرصاص، حيث كان المناضلين يختطفون من داخل المحاكم، و حيث هو كانت المحاكمات صورية لا مجال فيها لأية ضمانة حتى لو تعلق الأمر برفع الأصبع لأخذ الكلمة، و هي عملية - تبخيس دور القضاء-  أمر اذا ما أضفناه إلى عملية تبخيس دور الأحزاب على مشاكلها و دور المؤسسات على علاتها سنكون نحفر قبرنا بأيدينا.

الإصلاح يحتاج لخطاب لا تيئيسي، بل باعث للأمل و للثقة في المؤسسات، و إذا ما كانت هناك ملاحظات وجب تقديمها بهدف تطوير و تجويد عمل المؤسسات لا العكس و النضال من أجل فرض المزيد من المكاسب الحقوقية.