الأربعاء 27 نوفمبر 2024
اقتصاد

قزيبر: ما تم التعهد به من نمو يبقى نسبيا والعدالة الاجتماعية مجرد خطاب للتسويق الحكومي المجتر

قزيبر: ما تم التعهد به من نمو يبقى نسبيا والعدالة الاجتماعية مجرد خطاب للتسويق الحكومي المجتر

يرى محمد قزيبر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بمكناس أن مشروع القانون المالي الجديد تحضر فيه بقوة التوازنات الماكرواقتصادية وهو ما يؤدي إلى تقليص الأبعاد الإجتماعية وتحقيق العدالة الإجتماعية، رغم تأكيد الحكومة من خلال المشروع على تدعيم التنافسية وتشجيع الإستثمار وتحقيق العدالة الإجتماعية وهي خطابات تتكرر سنويا في كل مشاريع قوانين المالية. مشيرا إلى أن نسبة النمو 4.5 في المائة التي تراهن عليها الحكومة تبقى مبنية على فرضيات موسم فلاحي جيد واستقرار سعر البوتان والتي تظل نسبية، علما أن سعر المحروقات مرشح للإرتفاع في الشهور المقبلة في الأسواق العالمية والذي سيؤثر على حركية الإقتصاد الوطني وبالتالي على المالية العمومية.

لماذا في نظرك ظل القانون المالي في المغرب نذير شؤم، هل يعود ذلك لوجود اختلالات معينة؟ ولماذا تحضر بقوة ضمن الهندسة المالية التوزانات الماكرواقتصادية وليس توازنات تحقيق السلم الإجتماعي ؟

بطبيعة الحال فالسياسات المالية ترتكز اختياراتها على تحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية وهو ما يؤدي إلى تقليص الأبعاد الإجتماعية والإقتصادية، والأساسي في هذه التوازنات هو تقليص العجز في الميزانية والعجز في الميزان التجاري وتقليص نسبة التضخم إلخ، وزيادة على تحقيق التوازنات الماكرواقتصادية فلابد من التقليص من أزمة المالية العمومية وفتح المجال للإقتصاد الوطني ليحظى بالثقة لدى الشركاء والمؤسسات الدولية، وهذا عنصر ايجابي لابد من استحضاره سواء على مستوى السياسة المالية أو السياسة الإقتصادية ككل.

لكن عدد من المراقبين يؤكدون أن القانون المالي الجديد لا يعكس هموم الموظفين وعموم المواطنين والمقاولات الصغرى..

بطبيعة الحال.. رغم تأكيد مشروع قانون المالية على تعزيز تنافسية الإقتصاد الوطني وتعزيز الرأسمال البشري وغيرها من الأولويات، فإن استعادة التوازنات الماكرواقتصادية تحضر بقوة، حيث يهدف المشروع إلى تحقيق معدل نمو يصل إلى 4.5 في المائة، تقليص العجز في الميزانية إلى نسبة 3 في المائة، وغيرها.. وعندما تحضر التوازنات الماكرواقتصادية بقوة تغيب الأبعاد الإجتماعية وتحقيق العدالة الإجتماعية، رغم تأكيد الحكومة من خلال المشروع على تدعيم التنافسية وتشجيع الإستثمار وتحقيق العدالة الإجتماعية وهي خطابات تتكرر سنويا في كل مشاريع قوانين المالية.

نسبة النمو التي تحدث عنها المشروع مبنية على توقعات تحسن القيمة المضافة الفلاحية والقيمة المضافة غير الفلاحية وهي توقعات غير مبنية على أساس متين بالنظر للسنوات العجاف التي عاشها المغرب، ألا ترى معي أن نسبة 4.5 في المائة التي يتحدث عنها المشروع مبالغ فيها ؟

غالبا ما يقع التضارب في الأرقام من قبل المؤسسات الرسمية من قبيل المندوبية السامية للتخطيط، وزارة الإقتصاد وغيرها، واعتقد أن نسبة 4.5 في المائة هي مراهنة يمكن الوصول إليها بناءا على فرضية موسم فلاحي جيد ( 70 مليون قنطار )، متوسط سعر البوتان 350 دولار للطن على اعتبار أن البترول لم يعد مدعما، وأيضا السياق الدولي المتميز باستعادة النمو الإستقرار على الصعيد العالمي، والسياق الوطني المتميز باستعادة التوازنات الماكرواقتصادية حسب الخطاب الرسمي، والرقم المشار إليه في المشروع بالنسبة للمعطيات المذكورة يبقى رقما معقولا، لكن هل هذه الفرضيات ستتحقق؟ فمن المعلوم ان الفرضيات تبقى دائما نسبية، وبالتالي فالرقم سيعاد فيه النظر بحسب التطور الإقتصادي والإجتماعي على الأرض.

نسبة 4.5 في المائة إذا تحققت فإنها ستمكن من توفير 160 ألف منصب شغل ونحن نعرف أن نقطة واحدة في نسبة النمو قد تمكننا من توفير 35 ألف منصب شغل، هل يبدو لك هذا الرقم معقولا في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد ؟

مبدئيا، ووفقا لمقتضيات الدستور الجديد والقانون التنظيمي للقانون المالي الذي ركز بشكل كبير على مبدأ الصدقية، يعني عدم انفصال التوقعات عن المنجزات الفعلية، بمعنى أن مشروع القانون المالي ينبغي أن يبنى على فرضيات واقعية حسب نص القانون، والفرضيات تبقى نسبية وخاصة في القطاع الأول أي القطاع الفلاحي رغم أنه في السنوات الأخيرة كانت هناك توجهات بناءا على مخطط التسريع الصناعي 2014- 2020 نحو تنويع مصادر الثروة وعدم الإرتهان إلى القطاع الفلاحي، لكنه مازال مؤثرا في مجموع الإقتصاد الوطني، وبالتالي حتى في المالية العمومية، إذن الرقم المطروح في مشروع في القانون المالي 4.5 في المائة كنسبة للنمو قد يكون نسبيا بالنظر لنسبية الفرضيات التي ينبني عليها وخاصة فرضية تحسن مؤشرات القطاع الفلاحي، وأيضا حتى بناءا على سعر الغاز حيث أن أشعار الطاقة على الصعيد الدولي تعرف تباينات حسب الفصول.

يعني أن نسبة النمو ترتهن أيضا لإستقرار أسعار المحروقات على الصعيد العالمي، فالإرتفاع قد يكشف هشاشة توقعات مشروع القانون المالي الجديد ؟

بطبيعة الحال..سعر المحروقات اذا كان لايؤثر على العجز في الميزانية بشكل مباشر على اعتبار رفع الدعم عن البترول، لكن هناك دعم للغاز، ففي حركية الإقتصاد الوطني يؤثر سعر المحروقات في الأسواق العالمية، وحينما يتأثر الإقتصاد الوطني تتأثر المالية العمومية بالضرورة وإن كان بشكل غير مباشر، وإذا كان الإتجاه إيجابيا في السنوات الأخيرة لكنه في هذه السنة سجلت تذبذبات في سعر المحروقات، ففي العديد من المرات يرتفع وفي بعض المرات ينخفض، لكن ينبغي أن نأخذ في الإعتبار أنه سيعرف ارتفاعا طفيفا في الشهور المقبلة.