الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط:هل يعجل عياء الزفزافي بإعمال "حد" الحرابة في الحراك؟

محمد المرابط:هل يعجل عياء الزفزافي بإعمال "حد" الحرابة في الحراك؟ محمد المرابط
استوقفتني في تفاعلات الحراك الآن،ثلاثة مؤشرات لما يمكن أن نسميه في أحسن الأحوال بحالة "العياء" التي بدأت تصيب المرتبطين به في مختلف مستوياته.لذلك يجمل بنا بسط هذه المستويات،مع تجميع خلاصتها لأولي الألباب في كل مواقع المسؤولية،لعلنا نتلمس جميعا "سبيل الرشاد" في مقاربة موضوع الحراك:
1-في تدوينة للدكتور عبد الوهاب تدموري -المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب-نقف فيها على القرار التالي:"الآن وبعد تفكير عميق في ما نحن عليه من ظلم من ذوي القربى ،وما يشهده الحراك من غموض ونزعات مرضية،قررت العودة إلى الذات والتوقف عن الكتابة في موضوع الدولة والمجتمع والحراك إلى حين.إنها مرحلة التأمل".
احتجاج ابن مدشري أعتبره من "جذب" إمرابضن.وأعتقد أننا نختلف في تصريف جذبنا الجماعي،من منطلق أن "العدمية" ما دامت تتهرب من بناء مفهوم "المواطن" و"الوطن"،من صلب الاختيار الديموقراطي،من خلال الاحتماء باستحضار ملتبس للتاريخ،فإنه ليس بهذه السهولة أن يتنازل التدموري عن "زعامة" مدشره في إمرابضن،قبل ومع مرحلة مولاي موحند،ومن خلال ذلك ،على "الزعامة" الروحية لإمرابضن في قبيلة أيت ورياغل.
وبدون الخوض في علاقة التأمل بفعل الكتابة من عدمها،فإن طغيان القبضة المخزنية-بصرف النظر عن ظلم ذوي القربى،وغموض الحراك- ستدفع بالكثير من الأصوات المعتدلة في الريف ليس فقط إلى التأمل ،بل إلى التفرج في لعبة تطاحن التطرف المخزني-العدمي.ومن أتون اليأس نخشى أن ينفلت مارد المجهول.فهل بدأت تتضح مقاصد مراهنتي المتكررة على صاحب الأمر بانتقاد المخزن،في سياق انسجام رؤيته الإصلاحية؟أما التدموري ومعه المنتدى،فأعتبرهما من صميم الحل السياسي لملف الحراك.لذلك فهو مطالب بالعودة إلى ممارسة التأمل من خلال فعل الكتابة/الاحتجاج.وفي ذلك مصلحة أكيدة للريف والوطن.
2-و نقف في تدوينة للأستاذة أسماء الوديع- من هيأة الدفاع عن معتقلي الحراك بعكاشة-على حالة السيد الوكيل العام وهو"يرشق بالمكرفون بكل ما يملك من قوة ويرمي به بعيدا وسط القاعة،ثم يسقط كرسيه أرضا في حركة هستيرية ويصرخ بأعلى صوته أنني أستورد الكلام ممن أساؤوا للقضاء،في إشارة للدكتورة نبيلة منيب".وسبب هذا الانفجار ل"ضمير" العدالة، تعبير الأستاذة أسماء عن خشيتها من السقوط في "العبث".فكانت كلمة "العبث" التي تفوهت بها-ممزوجة برواسب نظرتها "حول عدم تمرسه بمثل هذه المحاكمات،إذ لا قبل له بها"- كافية لحصول "هذا المشهد الغريب"الذي كان وراء وقف الجلسة.وبعد عودتها للانعقاد،"أخذ الكلمة ليتابع أن ما صدر عنه يخصه بصفته الشخصية وليس بصفته الوظيفية،وأنه لا يقبل الإساءة للقضاء بمثل هذا الكلام".
ما يهمني في هذا المشهد،كما تصفه الأستاذة أسماء،هو أن الأستاذ المدعي العام،بالرغم من سنه وتدرجه المهني،كان ضحية لانفعال قوي،أثر على صورة الاطمئنان ل"العدالة"،بهذا الانفلات الحاد للسان واليد.إذ ليس بمثل هذا الانفعال، يمكن الدفاع عن حرمة القضاء،ويمكن الإطمئنان أيضا من كون الأحكام المرتقبة لن تنطوي عن "انفعالات" ما.وهذا يفرض على الأستاذ الوردي أن يتفهم دوافع انفلات لسان ويد الحراك،فيما حصل في الريف،ممن لم تسعفهم الظروف لالتباساتها، ليروا سبيل الرشد،فيتخذوه سبيلا.
3-في مواجهة خطيب المجسد الذي سبق أن عطل فيه الزفزافي صلاة الجمعة، قال عبد الرحيم أبركان،لناصر:"قلت لي اسكت يا دجال"، كما بين أن الخطبة جاءته من مندوبية الشؤون الإسلامية،فقرأها كماهي.فرد عليه ناصر:"أنت دجال من رتبة فارس"، وخاطب السيد القاضي:" كيف تصبح منابر بيوت الله منابر لوزارة الداخلية؟".
لقد فوت ناصر على نفسة فرصة الاعتذار، لخطيب فاضل محترم في وسطه الاجتماعي ،من الوارد أن يكون قد صلى وراءه مرات عديدة.وكان بإمكانه أن يؤسس اعتذاره على نفس حالة الانفعال التي أصابت الأستاذ الوردي،لكن أعماه الاندفاع في أن يكبر في أعين الحقيقة والناس،فسقط وهو يزكي سبه للخطيب في حضرة القضاء.وقد زكى بهذا السقوط حديث أحد جمهوريي أوروبا عن"الديانة الزفزافية".وبالمناسبة ألتمس من أحمد الزفزافي الاعتذار للخطيب،من خلال اللايف،إن لم يكن هناك متسع لناصر في هذا الأمر.لكن لابد من الإشارة أن اندفاع ناصر وتعنته،يمثل متاعب إضافية ليهأة الدفاع.وقد يحرجها فيما لا يمكن الدفاع عنه،اللهم إلا في حالة عي رفع القلم عنه.
وهكذا نلاحظ أن مضمار الحراك قد أعيى بطوله، التدموري كفاعل حقوقي ملتزم بحل تعاقدي لملف الحراك،فاعتزل الكتابة مؤقتا .كما أعيى المدعي العام وهو ملتزم بتكريس العدالة فانفعل لسانه ويده،فذكرنا بفلتة لسانه سابقا عن "جينات التمرد"،التي جعلتني يومها أتساءل مع نفسي هل تأسست عن تحليل لعاب المعتقلين،وتضمر نية إعمال "حد" الحرابة في الحراك؟كما أعيى طول مضمار الحراك الزفزافي نفسه،فسب عزيز قوم في حضرة القضاء فأحبط عمله على رؤوس الأشهاد،كما أحبطه من قبل،بنقل الحراك من الشارع إلى المسجد.
ألا يستدعي كل هذا العياء أن نرأف بأنفسنا جميعا؟