الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

الصبر على فقر وخصاص قفة رمضان أهون من ذل وكفر المرض عند شعب الحرفيين

الصبر على فقر وخصاص قفة رمضان أهون من ذل وكفر المرض عند شعب الحرفيين الزميل أحمد فردوس يسلم رأسه للحلاق عبد القادر

"الصنعة إلما غناتك تعيشك" . هو مثل من بين الأمثلة المتداولة جدا بين أفرد المجتمع، والتي تشهر الأسر المغربية ورقتها الحمراء في وجه أبنائها، حتى لا تضيع فرصة تعلمهم حرفة أو صنعة لمواجهة تكاليف الحياة الصعبة، وينضافون إلى نسب الأرقام المخيفة وصفوف العطالة والبطالة. ويعضض المواطن المغربي هذا المثل بقولة أخرى مأثورة لتقفي أثر حرفة الأجداد "تبع حرفة بوك ليغلبوك"، في عز أزمة الشغل والتوظيف وانعدام المناصب بالوظيفة العمومية.

لماذا ركزنا على هذه الفئة من المجتمعمن خلال سؤال كيف تستقبلوتواجه شهر رمضان؟ وهل تتغلب على مصاريفه ؟ لأن الشهر الفضيل يحتاج إلى مصروف زائد، واستهلاك إضافي، لكبح جماح شهية مفتوحة على كل احتمالات الصراع مع لقمة العيش العصية. ولأن شهية رمضان لا يقف أمام تمردها إلا الخصاص والحاجة. أو ضائقة مالية، أو طارئ عارض، أو مرض ووعكة صحية طارئة أوقفت الحركة والبركة. هي فئة من الحرفيين والمهنيين والصناع. فئةتقاتل وتكافح وتكابد يوما بيوم.لا يمكن أن تتوقف عن العمل وتنعم بالراحة إلا بتوقف نبض الحياة.

"الحمد لله ما عنْدْناشْ وما خصْناشْ، أحسنْ منْ شي وكْرفْ منْ شي". بهذه العبارة استهل الحلاق عبد القادر حديثه مع جريدة " أنفاس بريس" وأوضح بأن "شهر رمضان الكريم برزقه ونعمه وبركته ".وأكد بأن مدخوله هذه الأيام "يغطي نفقات ومصاريف الشهر الفضيل. لكن لا يمكن أن يدخر منه للقادم من الأيام. فمثله مثل باقي المواطنين مطالب بتزيين مائدة الإفطار وإرضاء أفراد عائلته. رغم غلاء الأسعار وارتفاع كلفة العيش ". لكنه استدرك قائلا: " الحرفي والصانع والمهني المستقل دائما معرض للمشاكل المادية، لأن مدخوله وأجره يتم تحويله من جيوب الزبناء، أي من حلاقة رؤوسهم، وعليه أن يشتغل يوميا ودون توقف. وكل توقف إجباري عن العمل يساوي اقتطاع ونقص. وفقر وخصاص في كل شيء".

واستطرد في حديثه قائلا: " مادام الحرفي يجني لقمة العيش من جيب الزبون، فيجب عليه أن يفتح محله من طلوع الشمس إلى غروبها. وفي كل الشهور والفصول والمنازل". وأعرب عن قلقه وهو يتحدث بألم عن شخصية الحرفي التي لا يقهرها سوى المرض " لا يحق للحرفي والمهني أن يمرض، أو أن يسافر مع عائلته وأبنائه، أو يذهب لقضاء أغراضه بحرية. كل غياب عن العمل هو اقتطاع مباشر من مصاريف العيش والحياة".وفي سياق تقديم نظرة عن معاناة هذه الفئة الاجتماعية قال الحلاق عبد القادر: "سواء الحلاق أو سائق الطاكسي أو البناء، والنجار. أو البقال والخياط ...بعيدا عن الكماليات، فكل واحد منهم قادر على توفير مصاريف التغذية والمواد الاستهلاكية الأساسية للأفواه الجائعة في رمضان وغيره".

لكن المهموالأساسي بالنسبة لمحاورنا هو " أن يوفر مصاريف زيارة الأطباء، والعلاجات والأدوية لأسرته." وحسب عبد القادر فقد "تجد الحرفي لا يفكر ولا يهتم بنفسه.بل تجده يفكر دائما وأبدا في البحث عن أجوبة للأسئلة الصحيةلفلذات كبده، وخصوصا لما يكون المرض مصنفا في لوائح الأمراض المزمنة، وهذه هي الثغرة الخطيرة التي يعاني منها الحرفي والمهني". وقال موضحا " لا يمكن أن توفر من مدخولك اليومي كل ما تحتاجه لمواجه تكاليف الحياة الصعبة والاستثنائية، فمن العطل والأعياد إلى الدخول المدرسي والعلاجات، والكسوة، وفواتير الماء والكهرباء......ووو".

وعن الحلول الممكنة لدعم الحرفي والمهني وإخراجه من دوامة أزمته الاجتماعية قال نفس المتحدث للجريدة " يجب على الدولة/ الحكومة أن تسرع في إخراج مدونة التغطية الصحية للحرفي والمهني المستقل. حتى تخفف عليه من تقل المشاكل الاجتماعية الأخرى، التغطية الصحية مطلب أساسي للحرفي والمهني حتى يعوض تكاليف ومصاريف الأدوية والعلاج".

"كل الحرفين والمهنيين والصناع يلعبون دورا مهما في حياة البشرية ويقدمون خدماتهم الاجتماعية بنوع من الأريحية للمواطن المغربي، بل أنهم يشكلون قطاعات حيوية/ مقاولات على مستوى تسليم مشعل الحرفة والصنعة للشباب، وضمان استمرار الحياة بشكلها الإيجابي. مما يستدعي تدخلا عاجلا من طرف الحكومة لتسوية وضعية الملايين منهم ومنحهم الغطاء الصحي، وإدراجهم ضمن المنعم عليهم بالتغطية الصحية. كحق يكفله الدستور والمواثيق الدولية" يؤكد أحد الأساتذة الجامعيين وأضاف قائلا: " داخل كل أسرة مغربية اليوم، تجد معطلا أو أكثر عن العمل، رغم حصوله على شواهد جامعية وديبلومات تؤهله للتباري على منصب شغل وفق مؤهلاته التكوينية، هذه الأزمة دفعت بالشباب إلى ممارسة حرف ومهن حرة، والدخول في تجربة معترك الحياة القاسية التي لا تنفع معها الحيلة مع تكوين عش الزوجية." واستطرد في حديثه مستغربا بأن " نسبة كبيرة من هذه الفئة الاجتماعية لا تذهب لمستشفياتنا العقيمة والبئيسة اصلا،وتعتمد على التداوي بالأعشاب واللجوء إلى الأضرحة والفقهاء والدجالين والمشعوذين لمواجهة وعكاتها الصحية العضوية والنفسية أمام قلة ذات اليد وفي غياب تغطية صحية".