أوضح، زهير لخيار، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الأول – سطات، لـ "أنفاس بريس" أن ما يميز مشروع قانون المالية 2017 كونه صادر عن حكومة يرأسها حزب سيرأس الحكومة المقبلة إن توفق في تشكيل أغلبيته، وبالتالي فاستمرار العمل بنفس قانون المالية سيكون شبه محسوم، مبرزا أن هذه الحكومة كانت قد ركزت في توجهاتها على التوازنات الماكرو اقتصادية، وذلك بالتركيز على التخفيف من عجز الميزانية دون الاكتراث بالجوانب الاجتماعية..
+ بالنظر إلى أن هذه السنة هي سنة انتخابية، هل ستؤثر على الجدولة الزمنية لتنفيذ مشروع قانون المالية 2017؟
- أعتقد أن كل حكومة تأتي في ظروف انتخابية بعد المصادقة على قانون المالية تصبح ملزمة بتنفيذه مع بعض التعديلات التي قد تقوم بها هنا وهناك، ولكن ما يميز هذا القانون أنه صادر عن حكومة يرأسها حزب سيرأس الحكومة المقبلة إن توفق في تشكيل أغلبيته، وبالتالي فاستمرار العمل بنفس قانون المالية سيكون شبه محسوم، وعليه يجب أن تستمر الحكومة المقبلة في ما سطرته ولو تغيرت نوعا ما تشكيلتها. ولكن مادام رئيس الحكومة سيستمر في تنفيذ برامجه فلا أعتقد أنه سيقع أي تأثير على هذا المشروع.
+ ما هو تعليقكم على أبرز توجهات مشروع قانون المالية 2017؟
- جاء قانون المالية 2017 بأربع توجهات كبرى تمثل في تسريع التحول الهيكلي بالاقتصاد الوطني عبر التركيز على التصنيع والتصدير، تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وإنعاش الاستثمار الخاص، تأهيل الرأسمال البشري وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، تعزيز آليات الحكامة المؤسساتية. هذه التوجهات جاءت مبنية على عدة فرضيات اقتصادية تطمح الحكومة إلى الوصول إليها، لكن الملاحظ أن هذه الحكومة تركز في توجهاتها على التوازنات الماكرو اقتصادية، وذلك بالتركيز على التخفيف من عجز الميزانية دون الاكتراث بالجوانب الاجتماعية التي تشكل التوجه الثالث لقانون المالية.. وبناء على نظرية المربع السحري المعروفة في الاقتصاد، فإنه يستحيل على أي حكومة كانت أن توفق بين هذه التوجهات، فلا يمكن تحقيق نسبة نمو عالية دون ارتفاع التضخم، ولا يمكن الخفض من التضخم دون الخفض من التشغيل. فعلى الحكومة أن تحدد مذهبها الاقتصادي الذي تريد أن تسير فيه، وعلى أساسه تحدد الإجراءات المتبعة من خلاله، هل سيكون المذهب اجتماعيا، وبالتالي يتم التركيز فيه على النمو والتنمية الاجتماعية، أم سيكون المذهب اقتصاديا أو ماليا محضا، وبالتالي يتم التركيز فيه على الإنتاج الملموس دونما اعتبار للمسألة الاجتماعية أم ماذا؟
إذن فغياب الانسجام بين الأولويات قد يفرز تناقضات اقتصادية معقدة يصعب حلها فيما بعد. إضافة إلى ذلك فإن أي إصلاح هيكلي لا يمكن أن ينتهي في سنة أو سنتين أو حتى ولاية كاملة، ولذلك ينبغي التركيز في هذا الإصلاح حتى يكون هيكليا على الكيف وليس الكم، أي بمعنى آخر أن المشكل الهيكلي المطروح يعتبر منهاجيا وليس إجرائيا، ذلك أنه على الحكومة أن تفكر في منهجية تفكيرها، وتتعاطى مع القضايا الاقتصادية الوطنية بتغيير المناهج والطرق المعتمدة، لأن الدورة الاقتصادية تتغير، وبالتالي تحتاج كل ظرفية اقتصادية إلى تفكير وتدبير خاص بها لأنه كما يقال من يفكر بنفس الطريقة يحصد نفس النتائج أو أقل منها.