Sunday 25 May 2025
سياسة

خليل العوادي: من المؤلم طرح سؤال حول مع من ستتحالف فيدرالية اليسار؟

خليل العوادي: من المؤلم طرح سؤال حول مع من ستتحالف فيدرالية اليسار؟

أجاب الأستاذ خليل العوادي، أستاذ مادة الفلسفة، والفاعل النقابي والسياسي والحقوقي، عضو اللجنة السياسية لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي عن سؤال ل " أنفاس بريس " عنوانه العريض التفكير في خارطة الطريق لمستقبل المشهد السياسي المغربي، وكذا البدائل الممكنة، انطلاقا من حصيلة استحقاقا السابع من أكتوبر، فخصنا الأستاذ خليل العوادي بهذه الورقة .

++ من المؤكد أن الفاعل السياسي لن يظل رهينا للمعطيات الحالية التي أفرزتها استحقاقات السابع من أكتوبر بما لها وعليها، بل أنه سيخطط ويهيئ نفسه للمستقبل، ما هي في نظركم الخطوط العريضة لاستراتيجية تجميع قوى الصف الديمقراطي الحداثي، وكيف يمكن الاشتغال في أفق تصالح سياسي بين كل مكوناته في أفق 2021 ؟؟

تبدو أهمية سؤالكم في عمقهإذ يشكل الجواب عنه خارطة طريق لما هو آت. وهذا ما يجعلنا نتعامل معه بكل حذر ولا سيما ما يتعلقببعض المفاهيم التي جاءت فيه كمفهوم "تجميع قوى الصف الديمقراطي الحداثي" وكذا مفهوم "التصالح"ذي المرجعية الأخلاقية، لكننيأعتبر هذا الحذر هو الذي يمكننا أولا من تشخيص ما نعيشه حاليا، وبالتالي التفكير في البدائل.

بالعودة إلى النتائج الأخيرة للانتخابات، ودون الدخول في تحليل الأرقام، علىأهميته، أعتقد أن أهم ما يمكن ملاحظته هو الثنائية القطبية التي أصبحت تطبع مشهدنا السياسي، عنصر الجدة هذا كان غائبا في التجارب السابقة. حيث كانت النتائج تدشن عادة للتعددية القطبية دائما، وهذا في اعتقادي،عامل مهم يجب أن يكون حاضرا في كل تحليل.

أعود إلى المفاهيم التي يمكن الاختلاف حولها، كمفهوم "تجميع قوى الصف الديمقراطي الحداثي" فلابد من التساؤل حول المقصود بذلك، أي ما الأحزاب السياسية أو حتى الأسر الفكرية التي يمكن نعتهابذلك؟إن لفظة الصف تفيد أن عددا من الأحزاب باختلاف مرجعياتها وبرامجها يمكن أن تلتقي فيما هو ديمقراطي وحداثي، وعليه فالليبرالي والتقدمي والوطني قد يلتقون في هذه الصفة، علما أن تصوره كل واحد للديمقراطية وللحداثة مختلف، ولعل ذلك ما يجعل جميع الأحزاب تتغنى بهذه المفاهيم وتتبناها من باب تصورها، لا من باب ما دشنته ذات المفاهيم في مرجعياتها الفلسفية وفي العلوم السياسية، فلا يمكن مثلا اعتبار حزب كالأصالة والمعاصرة حزبا ولا حتى إطارا ديمقراطيا حداثيا لأنه لم ينبع من رحم المجتمع، وإنما ولد من رحم الدولة، ومن حاجاتها الفوقية، شأنه في ذلك شأن كل الأحزاب الإدارية، كما لا يمكن إضفاء هذه الصفة أيضا على حزب العدالة والتنمية، لأن خلفيته المحافظة القائمة على الغيب تجعله خارج منطق التواضع والتوافق، وخارج مسايرة الحداثة بما هي فعل حي متطور.

وبالعودة إلى ماجاء في السؤال حول المستقبل واليسار، فلابدأولا، وأستسمحكفي ذلك، من تحديد ما المقصود باليسار والذي يمكن الرهان عليه. وهنا أعتبر أن اليسار الحقيقي هو فدرالية اليسار الديمقراطي، على الأقل اليسار الذي يؤمن بالاشتغال من داخل المؤسسات، أما الذين يتبنون مقاطعة المؤسسات فهذا ليس المكان ولا الزمان لمناقشتهم في موقفهم، رغم احترامي لهذا الموقف. لكنني أخص بالنقاش الأحزاب التي تناضل من داخل المؤسسات والتي تعتبر نفسها يسارية، ولهذا علاقةبما سأقترحه وما أعتبره مشروعا للمستقبل، فما يمكن أن أعتبره أقرب إلى الحل هو الكتلة التاريخية بالمعنى الغرامشيللكلمة، والذي سبق للدكتور محمد عابد الجابري أن اقترحه في أكثر من مناسبة، رغم التغيرات التي عرفها المجتمع المغربي. لكن الإكراه الذي يمكن أن يعترض هذه الكتلة هو سؤال: مع من؟ وهو سؤال صعب ومؤلم في الآن نفسه، فمع من يمكن لفدرالية اليسار الديمقراطي أن تبني هذه الكتلة في واقع أضحى فيه حزب القوات الشعبية يميل نحو اليمين، وحزب الاستقلال بالرغم من كونه حزبا وطنيا إلا أنه إطار يميني فقد قواعده ومراكزه الوفية على مستوى التصويت.

في وضع كهذا تجد فيدرالية اليسار نفسها وحيدة إن لم أقل عارية أمام هجوم اليمين بمختلف تلاوينه. لكن رغم صعوبة الواقع الجديد فالرهان عليها رهان موضوعي خصوصا بعد "الفتح الإعلامي" الذي دشنته بحملتها الانتخابية النظيفة، وبخطابها الجديد، والذي يجب استثماره في السنوات المقبلة حتى لا نستكين إلى الراحة، وننتظر الذي يأتي وقد لا يأتي. دون أن ننسى أن مقعدين في البرلمان كافيان لتدشين فتح خطابي وثقافي جديد تحت قبة البرلمان بالضبط كما دشنه الفريق الكونفدرالي في مجلس المستشارين، لاسيما أن الخطاب منتج للحقيقة كما يقول ميشيل فوكو.

وحتى أعود إلى الكتلة التاريخية فأهم ما يمكن أن تناضل من أجل تحقيقه هو الديمقراطية أولا، لا أخيرا. وهذا المطلب يمكن أن يضيق دائرة المشكلين للكتلة،بالقدر الذي يوسعها عند البعض الآخر.لكن الخريطة السياسية الحالية تجعل من كان يعتقد أنه يساريا،يجد نفسه خارج دائر اليسار كحزب التقدم والاشتراكية على سبيل المثال لا الحصر لاعتماده على الأعيان، وغياب أي انسجام بين تصوره الأيديولوجي وممارسته السياسوية.