السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المرابط: "خدعة" دعوة الزفزافي إلى مقاطعة ريفيي المهجر للريف هذا الصيف!

محمد المرابط: "خدعة" دعوة الزفزافي إلى مقاطعة ريفيي المهجر للريف هذا الصيف! محمد المرابط

أثار انتباهي أحد الأصدقاء الموساويين من بني عبد الله، وهو من بيت علم وصلاح، إلى أن دعوة ناصر الزفزافي الجالية الريفية بأوروبا إلى مقاطعة كل من البنوك وزيارة الريف، تعود لأكثر من سنة، ولا علاقة لها بتاريخ 18 ماي 2018 وما بعده، والمعممة على أكثر من موقع إلكتروني. وقد بعث لي مشكورا، بتسجيلين صوتيين في اليوتوب، سبق أن بعثهما ناصر لفائدة نشاطين لمواقع الحراك بأوروبا، أحدهما يحمل تاريخ 8 يناير 2017، والآخر يحمل تاريخ 14 يناير من نفس السنة. فالتسجيل الصوتي المعمم حاليا، مقتطع من التسجيل الأول، ويحمل نفس أفكار التسجيل الثاني.

تنبيه هذا الصديق، كان مبعثه إشاراتي في مقالين سابقين لدعوة ناصر إلى مقاطعة زيارة الريف هذا الصيف. علما أنني استبعدت مع نفسي أن يكون رجوع هذا التسجيل للسنة الماضية، لكون ناصر قد دعا إلى الإنزال في مسيرة 20 يوليوز 2017، مما يفترض حضور الجالية فيها. وأيضا خضوع هذا التعميم لدعوات إذاعية للتعبئة، وكذلك لتحليلات مصطفى ورغي بمعية معاد أحمجيق، ورشيد الفار. لكن يظهر أن صناعة الخبر والتعبئة والتحليل، قد نجحت في إعطاء الانطباع بأن التسجيل يعود فعلا لمطلع رمضان هذه السنة.

وبدوري سألفت عناية المتتبعين، من خلال هذا الحكي إلى وجود حرب إعلامية، تعتمد التدليس والتضليل لخلق رأي عام معين يساير أطروحات الجمهوريين.

فهؤلاء حاولوا استثمار نجاح المناخ العام الداعي إلى مقاطعة بعض المواد الاستهلاكية -مع بداية العد العكسي، لتاريخ بداية العودة بعد عيد الفطر- بتوظيف تسجيل للزفزافي يعود لمطلع السنة الماضية، وتحيين تاريخ تعميمه في 18 ماي 2018، مصحوبا في إحدى النسخ  بصورة ناصر وبعبارة: "عام من السجن الانفرادي في سبيل الريف". فكان تحليل الجمهوري اليميني، مصطفى ورغي بنفس التاريخ لما أسماه ب"الرسالة التي أرسلها أمغار ناصر الزفزافي من السجن"، حيث دعا للاستماع إليها، ووعد من لم يستمع إليها بمتابعتها على حسابه بالفايسبوك بعد نهاية اللايف. في حين أبدى زميله معاد أحمجيق تحفظا أوليا حول صحة الرسالة/ التسجيل. وبنفس التاريخ أيضا قرأ سعيد الفار المحسوب على الديموقراطيين، أبعاد الرسالة الصوتية لناصر الزفزافي للمهاجرين، مع إذاعة التسجيل، حيث اعتبرها امتدادا لمقاطعة ناصر في جلسة المحاكمة شرب ماء سيدي علي، في سياق تضامنه مع حملة المقاطعة في المغرب بأكمله. وفيما يبدو تعقيبا على كتابة أحد المتابعيين للايف قال: "لا لا، تهمني هذه الرسالة، قديمة كانت أو جديدة، أفهمت؟ لأن لها دورا الآن، لقرب الصيف، ولقرب عودة إخواننا". ثم استرسل في بيان راهن وظيفية هذه "رسالة التذكير" هذه، حول الوحدة ومقاطعة البنوك وكذا مقاطعة العودة. لكن الإعلامي رشيد امحاولن مدير قناة ريفيزيون تدخل وعبر عن اختلافه مع الفار في دعوة المقاطعة، بأن اعتبر عودة إخواننا  مفيدة إنسانيا وماديا لأهلنا في الريف. في حين اعتبر عبد الصادق بوجيبار، رئيس جمهورية اللايف، في إطلالته على الفار، أن الأوديو "له دلالة كبرى"، ليرتب عليه مواقفه التصعيدية المعروفة. وبهذا يطرح هذا التزامن بين توقيت الخبر والتحليل، نوع "التنسيق" الجمهوري-الديموقراطي في خلفية الصورة. وهذا يؤكد حديث ما ذهب الدكتور التدموري مؤخرا عن "ضبابية المشروع الديموقراطي" بأوروبا.

أعتقد أن مدى هذا التوظيف لهذا الرسالة الصوتية وتوقيته وظلال معانيه، كان يطرح على ناصر التحلي بالمسؤولية بإرجاع الأمور إلى نصابها، من خلال التذكير فقط بتاريخ التسجيل الأصلي، لكنه آثر السكوت، فكان أن زكى بهذا السكوت واقع سريان حالة الالتباس هذه. وهذا يبين مدى ارتهان الزفزافي لحسابات الجمهوريين بالخارج. ومن ثم التساؤل عن نقطة ضعفه في هذا الارتهان.

لقد خلق الجمهوريون الحدث في مطلع رمضان بهذه الرسالة الصوتية. لكن ناصر سيخلق حدثا آخر بدخوله الإضراب المفتوح عن الطعام تحت شعار "اللاعودة". فهل هذا الإضراب هو بيان حقيقة من نوع آخر يغطي عن عجز ناصر في التبرؤ علانية من الجمهوريين، حتى وهم يتخذون منه مادة لتخصيب رهانهم؟ أم له علاقة بمسعى ترسيم نوع من التجمع "العائلي" في زيارته، نبارك له فيه من الآن؟ أم له علاقة بالاحتجاج على "تسوية"، لم يتم الوفاء بها، في انقطاع التواصل  مع جهات ما؟ حيث تجد هذه التساؤلات مشروعيتها في تأخره البين، كل هذه المدة، للاحتجاج على الزنزانة الانفرادية..

وفي تقديري، أن إضراب ناصر عن الطعام في رمضان، سيحدث انقساما في صفوف معتقلي عكاشة للعديد من الاعتبارات. ولفهم جانب من المعنى، وقفت في إحدى لايفات بوجيبار على دعوة أحد المتدخلين، يدعو فيها ناصر لخلق دين جديد، أثارت ضحك بوجيبار. لذاك أتمنى على ناصر أن يوقف إضرابه، وأن يتوجه بالدعوة إلى زيارة الريف، لنجعل من التضامن مع الحسيمة عنوانا لهذه الزيارة. فالتضامن مع الحسيمة هو من صميم التضامن مع المعتقلين وعائلاتهم. ومن جانبي أتمنى -بحكم انتمائي لإمرابضن، أي للوسائط التقليدية في أيت ورياغل- على صاحب الأمر أن يقتحم عقبة وصل مقامه الصيفي بالحسيمة. ولدي في ذلك حدوس. ولن نسأم من دعاء الخير!