تعكس أشكال ومضامين الحملة الانتخابية الجارية اليوم في أفق استحقاق السابع من أكتوبر بؤس الفاعلين الحزبين، والكثير من أعطاب الممارسة السياسية. من ذلك:
أولا: غياب النقاش، في الخطاب المعتمد، عن البرامج التي تهم السياسات العمومية، أو التوجهات الإيديولوجية التي قد تقترح مستقبلا ما للحياة الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، فلا أحد يدافع عن الاشتراكية بامتداداتها المتجددة، ولا أحد يتحدث عن الليبرالية ببعدها الكوني، ولا أحد يقدم نفسه كمحافظ بقيم ما. كل ما هنالك هو خطاب مشخصن يقوم على تبادل الاتهام، وعلى التناول الشعبوي بشعارات فضفاضة عن التحكم والقطبية والفساد...
ثانيا: لا نقاش اليوم حول حصيلة الحكومة، وهي قطب الرحى المفروض أن يتمحور حوله النزال الانتخابي، فالأغلبية الحكومية تهرب منه للتغطية عن عجزها وفشلها في التدبير الحكومي، والمعارضة تسقط في فخ الأغلبية بالابتعاد عن فضح الحصيلة وتلوذ بالشعارات الفضفاضة. بل إن هناك ممارسات مفارقة: "البيجيدي" يقدم نفسه كما لو كان حزبا معارضا، ينتقد التحكم ويعلق عليه كل فشله، والأحرار يدافعون فقط عن حصيلة حقيبتيهما في الخارجية والمالية، وحركة العنصر مع الأغلبية وضدها، أما التقدم والاشتراكية فقد بلع لسانه تماما.
ثالثا: لا حديث داخل الحملة عن تحديات الإرهاب الذي يهدد أمن المغاربة السياسي والاجتماعي والروحي، كما لو كانت مهمة مواجهة التحدي من نصيب الأجهزة الأمنية والمخابراتية وحدها، والحال أن الخمس سنوات الماضية قد شهدت أكبر تنام لتيارات التكفير ولدعاوى النيل من المرأة والفن والسياسة.
رابعا: لا حديث في الحملة عن التحديات الإقليمية التي تهدد وحدتنا الترابية و حدودنا الخارجية، ودورنا في بناء السلم في العالم.
ترسمنا الحملة الحالية كما لو كنا كيانا بلا مشاكل حقيقية، شعبا شتاما بلا قيم ولا أهداف استراتيجية، معزولا عن العالم، وبلا مستقبل.
إنها أبرز خلاصات التمرين السياسي البئيس الذي تديره نخبتنا السياسية اليوم.