السبت 18 مايو 2024
سياسة

نوفل بوعمري: حكومة بنكيران لطخت سمعة المغرب من باب الصحراء

 
 
نوفل بوعمري: حكومة بنكيران لطخت سمعة المغرب من باب الصحراء

يرى نوفل بوعمري، الباحث في قضية الصحراء أن الخطاب الانتخابي لم يهتم بالقضية الوطنية الأولى، ألا وهي قضية الصحراء، منتقدا أداء الحكومة فيما يتعلق بالملف خلال السنوات الخمس الماضية، ولم تسجل أية زيارة لرئيس الحكومة لهذه المناطق ولا أي تصريح لرئيس الحكومة حول النزاع المفتعل، ولا أي مبادرة في هذا الباب، مضيفا بأن بنكيران  يقدم قراءة محافظة لكيفية إدارة الملف من خلال اعتبار قضية الصحراء من اختصاص الملك علما أن الملك – يضيف – أكد على ضرورة تنويع المبادرات، والخطوات الهادفة إلى تعزيز صورة المغرب داخليا و خارجيا.

+ كيف تقيمون أداء حكومة بنكيران فيما يخص ملف الوحدة الترابية؟

++ اللحظة الحالية التي تتجه بنا نحو استحقاقات 7 أكتوبر، هي مرحلة تجعل من ضرورة تقييم عمل الحكومة مهمة أساسية، في سياق الاعداد للمرحلة المقبلة، كثيرا ما يتم التركيز فقط على الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية..لكن بتتبع الخطاب الانتخابي فهو خطاب للأسف لم يهتم بالقضية الوطنية الأولى التي قدم من اجلها المغاربة حياتهم ودمائهم من أجل صونها، وهي قضية الصحراء، وعلاقة  بسؤالكم، حول كيف يمكن تقييم عمل الحكومة فيما يتعلق بملف الصحراء، إذا عدنا للخمس السنوات الحالية، سنلاحظ بأنه لا يوجد أي تصريح لرئيس الحكومة حول النزاع المفتعل، ولا أي مبادرة في هذا الباب، وهو ينطلق من فكرة أطرت عمله الحكومي، وهي خاطئة، جعلته يدخل الملف في باب الاختصاص الوحيد للملك، وهو بذلك يقدم قراءة محافظة لكيفية إدارة الملف، حيث أن الملك بنفسه أكد على ضرورة تنويع المبادرات، والخطوات الهادفة الى تعزيز صورة المغرب، وملفه داخليا وخارجيا.

طيلة الخمس سنوات لم يسجل أي زيارة لرئيس الحكومة لهذه المناطق، باستثناء زيارته المتزامنة مع الزيارة الملكية للعيون، مما يعطي انطباعا سيئا لدى ساكنتها، وكأنها غير معنية، أو كأن الحكومة يدخل في باب اهتمامها المغرب دون صحراءه، رغم أن أعلى النسب التي تسجل في المشاركة الانتخابية هي القادمة من هذه الأقاليم.

إذن، للأسف، النظرة التي أطرت عمل الحكومة خاصة رئيسها في العلاقة مع المنطقة، هي نظرة لم تواكب الأحداث التي شهدتها بلادنا مؤخرا، بل عمد في إستراتيجيته الحكومية إلى دفع الجمهور للاعتقاد بأن هذا الملف هو اختصاص خالص للملك، وهو قد يكون من حيث الرؤية الإستراتيجية، لكن من حيث المبادرات فقد تم تحريرها من طرف الملك، بل حث داخل المؤسسة التشريعية لأكثر من مرة، على ضرورة التحرك داخليا و خارجيا.

+ ما هي أبرز الأعطاب التي سجلتموها بهذا الخصوص علما أن دستور 2011 حمل صلاحيات واسعة لفائدة الحكومة مقارنة بالدساتير السابقة؟

++ أبرز ما يمكن أن يشكل، هو سياسة اللاحوار التي اعتمدت من قبل الحكومة مع مختلف الحركات الاحتجاجية الاجتماعية التي تفاعلت بهذه الاقاليم، و هي تحركات أطرت نفسها في تحول يعكس وعي جديد بدء في التشكل داخل الجيل الجديد من شباب الصحراء الذي فصل بين مطالبه في الشغل، الصحة.... وبعض المطالب السياسية التي كانت تستغل هذه الأحداث سياسيا، بل شكلت العديد من التدخلات الأمنية في حق المعطلين مثلا نقطة سوداء في تاريخ هذه الحكومة، حيث تم استغلال مختلف التدخلات الأمنية التي في الكثير من الأحيان لم تكن تتناسب مع الفعل الاحتجاجي، من أجل التشويش على المغرب، وتشويه صورته واستغلالها في المحافل الدولية.

على مستوى محاربة الريع بالمنطقة، الحكومة ورئيسها، لم يقدما أي شيء في هذا الباب، بل حتى الخطب الملكية التي تحدثت عن الموضوع، لم يتم تفعيلها مادام رئيس الحكومة يصرح مرارا وتكرارا بأنه يشتغل تحت سلطة رئيس الدولة "الملك"، حيث طيلة هذه الولاية لم يتخذ أي إجراء في هذا الباب من شانه أن يجيب على أحد أهم الإشكالات التي تعرفها المنطقة، والتي دفع المغرب ثمنها مثيرا، خاصة على مستوى الأجيال الشابة الصاعدة التي أصبحت تجد نفسها بين مطرقة الريع، وما يسمى بانفصاليي الداخل، رئيس الحكومة بالنظر للسلطات الواسعة التي لديه كان بإمكانه أن يتحرك من أجل محاربة الريع، وألا يظل كشعار بل كعمل ملموس، واقعي.

رئيس الحكومة ومن خلال الهامش الكبير الذي منحه له الدستور باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية، ظل عاجزا عن الحركة في هذا الملف على المستوى الداخلي، وعلى مستوى الجبهة الداخلية، وهو عجز لا دستوري، ويقدم قراءة جامدة للدستور ولمضامينه.

+ وماذا عن دور الحكومة في تفعيل الجهوية الموسعة؟

++ على مستوى الجهوية الموسعة، وتفعيلها، وانتظار الساكنة الصحراوية لهذا المشروع قصد الانتقال إلى مرحلة الحكم الذاتي، يمكن الإشارة ونحن عشنا تدبير هاته الحكومة للانتخابات المحلية لسنة 2015، أنها تأطرت بقوانين انتخابية، لم تستجب حتى الى رهان الجهوية الموسعة، ولا إلى ما نص عليه الدستور، خاصة في العلاقة مع هذه الأقاليم، الحكومة نظمت هذه الانتخابات بنفس العقلية لمرحلة ما قبل دستور فاتح يوليوز، وما قبل مبادرة الحكم الذاتي، حيث على العكس كان ينتظر، أن تشكل هذه الانتخابات المحلية دعوة لساكنة مخيمات تندوف للانخراط في بناء الحكم الذاتي، للأسف العكس هو ما حصل.

+ ما هي سبل تجاوز هذه الأعطاب ونحن نعيش لحظة مفصلية باقتراب موعد الإنتخابات التشريعية؟

++ تجاوز هذه الأعطاب لن يتم إلا من خلال تغيير حقيقي تشهده الحياة السياسية ببلادنا، تتجاوز النظرة الضيقة التي اطرت عمل الحكومة في هذه الولاية والتي فرضها رئيسها، حيث جمد كل الأنشطة و المبادرات المحتملة اتجاه هذه المناطق، واقتصر حضوره وحضور الوزراء بالأقاليم الجنوبية فقط على مستوى الأنشطة الدولية "كريس مونتانا بالداخلة مثلا"، أو بالعيون أثناء الزياة الملكية لها، دون ذلك يمكن القول بأنها شكلت نقطة سوداء في تدبير الملف داخليا، خاصة على مستوى تقوية وتوسيع الجبهة الداخلية.

إذن المطلوب، هو تحرير الفاعل الحكومي من الرؤية الضيقة التي سجنه فيها رئيس الحكومة، معتقدا بأن أي مبادرة قد تشكل تنافسا لاختصاص للملك، وهي نظرة اذا ما عدنا دائما للخطب الملكية، غير مبررة، تخفي نوعا من عدم القدرة على التواجب مع مضامين الدستور، ومع مطالب الساكنة الصحراوية بهذه الأقاليم.

+ هناك من يرى أن الحكومة الحالية فشلت سياسيا واجتماعيا وهو ما انعكس على سمعة البلاد في المحافل الدولية، مشيرين الى أن كسب ملف الوحدة الترابية لن يتأتى إلا من خلال تعزيز الجبهة الداخلية والإستجابة للمطالب الشعبية، مارأيك؟

++ صحيح.. الحركات الاحتجاجية المتزايدة، ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، تحرير منهج للسوق المغربي... كلها عوامل قد تؤدي اذا لم يتم معالجتها الى فوارق اجتماعية كبيرة، وستضرب الطبقة المتوسطة في الصميم وطنيا وبالأقاليم الجنوبية، لذلك المواطن المغربي قد لا يجد في حال تم وضعه بين كماشة السوق، وضعف القدرة الشرائية، الوقت للانتباه لمختلف المخاطر والتهديدات التي تستهدف الوطن، وهي مخاطر موجودة منها ما هو ارهابي، ومنها ما هو يهدف إلى تقسيم بلداننا... فكيف يمكن التصدي لها بمجتمع طبقته المتوسطة هشة، بل تتجه نحو التأزيم.

المغرب يحتاج لتقوية مختلف فئاته الاجتماعية، ثقافيا، ووعيا، واقتصاديا، لأن معركتنا هي معركة حقيقية ضد مشاريع التقسيم، وإنتاج الإرهاب.