الأربعاء 1 مايو 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر : "إمارة" وادي زم التي ستعلن في 2021

سعيد جعفر : "إمارة" وادي زم التي ستعلن في 2021 سعيد جعفر
هذا المقال "يقصد" كل حروفه وكلماته، وكل جمله ومعانيه، وليس فيه ولا حرف ولا كلمة ولا جملة ولا معنى "مجانيا" أو "اعتباطيا". كل الكلمات مقصودة بما فيه كلمة "إمارة".
طرحت التسمية لأول مرة في 2003 من موقعي كسكرتير تحرير لجريدة "النهار المغربية" عندما وصفت وادي زم بوصف،
"قندهار المغرب"،وهو الوصف الذي جر علي كثيرا من التضييق والإستفهام من لذن الأجهزة، وبعد ذلك من على بلاطو برنامج "مباشرة" في القناة الثانية وهي تستضيف السيد آمحمد العلوي المحمدي عضو الديوان السياسي للإتحاد الدستوري حيث قلت أن سياسات هذا الحزب وأحزاب أخرى حولت المدينة إلى محمية قابلة للإنفجار في كل لحظة.
لم يكن الأمر تنبؤا أو عرافة أو وحيا تنزل في لحظة ما، كان تأملا واستباقا وإستشرافا من شاب ينظر بتمعن في الأشياء.
بهذه الروح وهذا الإستباق والتمعن أقول بيقين أنه بعد 2021 ستتحول وادي زم إلى "إمارة" وبعد ذلك إلى "قندهار"، و سيكون هناك منطق واحد وسلوك واحد و واقع واحد.
ماذا تعني إمارة إذن؟
ولماذا قلت "إمارة" وادي زم؟
لكلمة " إمارة" في تاريخ المغرب الحديث خصوصا معنى خاص وواقع خاص، إذ يحيل على كل أشكال "الإنفصال" والسيبة عن بلاد المخزن والتي قادها "أمراء" أو "شيوخ زوايا" أو "أعيان" في سياقات سياسية تميزت بضعف المركز الذي كانت تملؤه الممالك المتعاقبة بالمغرب وصولا إلى الحكم العلوي.
بل إن الأخير شهد أكبر عدد من "الأمراء" في كل جهاته تقريبا منها من كادت تعصف به، كما هو الحال لإمارات "الشريف الزرهوني" الملقب ببوحمارة الذي أسس "إمارة" في أحواز تازة، ولخضر غيلان في الشمال وأبو يحيى الحاحي وأبو يحيى الدلائي و "الأمير" عبد الحي الكتاني والشريف الريسوني وغيرهم.
والمعلوم أن هذه "الإمارات" إستنزفت المخزن والمركز و أرقته ومنها من والت دولا أخرى كاسبانيا و فرنسا وإنجلترا واستفادت من دعمها المالي والسياسي بهدف إضعاف الحكم المركزي، ويجمع المؤرخون على أن النصف الثاني من القرن التاسع عشر كان حاسما في إكتمال دورة "الإمارات" إلى حدود مراكش والرباط وفاس.
وأن ما حدث في النصف الثاني من القرن التاسع غشر أنتج ما حدث في بداية القرن العشرين منذ 1906.
ما هي خصائص هذه الإمارات؟
كل هذه الإمارات قامت على أساس ديني حيث يكون "الأمير" الذي يقودها رجل دين إما شيخ زاوية كالشريف الزرهوني بوحمارة أو الأمير عبد الحي الكتاني أو ابو يحيى الدلائي أو أبو يحيى الحاحي، أو "شريفا" بأصل مناقبي كالشريف الريسوني وغيلان..
سلك زعماء هذه الإمارات سلوكا موحدت كما يلي:
- نشر وتوزيع نظام الغنيمة والفيء و ضمان الولاءات عبره
- السيطرة على المجال بإزاحة كل الخصوم والمنافسين المجاليين بغض النظر إن كانوا مستقلين أو مرتبطين بالمركز ( سعي زاوية دلاء لإضعاف الزاوية الشرقاوية بهدف السيطرة على سهل تادلا، وكذلك إضعاف الشيخ عبد الحي الكتاني لفقهاء فاس ولا سيما الفقيه ابن سودة التاودي وذلك للسيطرة على المجال الروحي والفقهي في فاس وبالتالي إضعاف السلطان عبد العزيز خصوصا بهدف عقد البيعة الحفيظية).
- التمكين للمريدين والأتباع والموالين في "الخراج" و "الزطاطة" و "المكوس" و "الرفادة" و "الشرابة".
- نهج سياسة "التقية" ضد أفراد القبيلة أو الجماعة ( بالسكون على الجيم) من أجل التمكن من ولاء جزء أفراد القبيلة وحكم الجماعة بإسم ولاء أقلية.
ماذا كانت نتائج قيام هاته الإمارات؟
النتيجة الأولى المباشرة كانت هي ضعف هيبة الحكم المركزي و السلطان، ورغم أن مداخيل المركز تراجعت نتيجة سيطرة زعماء الإمارات على الخراجات والمكوس وضعفها عسكريا، فإن ذلك لا يصل ضعف هيبة الحكم والسلطان، حتى لأن البعض من هذه الإمارات أو القبائل أسرت سلاطين و إعتقلتهم ومنعت غالبيتم من دخول ترابها ولقاء القبائل.
أين تظهر إذن عناصر "الإمارة" في وادي زم؟
إنها تظهر في تماثلها مع عناصر الإمارة في النصف الثاني من القرن 19 كما يلي:
- قيامها على أساس ديني في وادي زم إذ الحزب الحاكم يبني كل حملاته وسلوكه على الإحسان و دفن الموتى والسيطرة على المساجد..
- نشر الغنائم والفيء على المريدين والأتباع من خلال دعم الجمعيات المقربة والسيطرة على ملاعب القرب ومراكز القرب و الاولوية لمقاولات التنظيم...
- إزاحة الخصوم بتشويه صورتهم أو تفجيرهم من الداخل
- الانتقال إلى تعطيل المرافق العامة عبر "الحجر" عليها و تعطيل عملها.
- التمكن من ولاء تصويت أقلية من الهيئة الناخبة و تأبيد الحكم بإسمها.
إن ما حدث مؤخرا في وادي زم خطير جدا، وما ينتظر وادي زم أخطر بكثير، إذ يتم إغراق من يفترض فيهم نخبة في الجمعيات والأحزاب في قضايا جانبية وتصويرهم كفئات متهافتة على ريع الدعم للإستفراد بما تبقى من شبه توازن في المدينة.
أكرر أنه لم يعد بعيدا إعلان "إمارة" وادي زم و أن 2021 التاريخ الموعود.
لن أنسى كلمات المرحوم بوعزة فاسيني في 2007 عندما قال في عز الإنتخابات "2021 كلام آخر"، ونقول لمن يعنيهم الأمر أنه يتوفر ما يكفي من الذكاء و التصور والإستباق والتنظيم لضمان "المشترك" الوطني والتعدد الفكري في مدينة قامت على التنوع والتعدد.
ودون ثقة ودون حد معقول من الزاد ودون سلطة لن يكون للذكاء والتصور والكفاءة والتنظيم أي أثر أو دور في تعطيل التحول إلى "إمارة".."فاعتبروا يا أولي الألباب".
                                                                      سعيد جعفر، عضو مكتب فرع الإتحاد الإشتراكي بوادي زم