السبت 18 مايو 2024
سياسة

محمد حفيظ: بنكيران هو من صنع إلياس العماري

 
 
محمد حفيظ: بنكيران هو من صنع إلياس العماري

اعتبر محمد حفيظ، أستاذ جامعي، في حوار أجرته معه أسبوعية "الوطن الآن"، أن من يقول بأن يوم 7 أكتوبر سيكون يوما جنائزيا لدفن اليسار بالمغرب، هو مجرد كلام تكهن وتنجيم، وأن مثل هذا الكلام لا يستند إلى أي أساس سياسي أو مجتمعي أو ثقافي، حتى لا أتحدث عن الأساس العلمي. مضيفا أن الأمر لا يتعلق سوى بحديث عن ثنائية وليس بوجود فعلي لهذه الثنائية. وهذا الحديث يعبر عن رغبة البعض في صناعة هذه الثنائية حتى يجعل المغاربة أمام اختيارين اثنين لا ثالث أو رابع لهما. وفي هذا ضرب للتعددية المعلنة. والهدف من وراء ذلك واضح، وهو تصيد أصوات المغاربة. وهذا شكل من أشكال التدخل لتوجيه الناخبين، وهو تدخل يكاد يصل إلى تزييف إرادتهم. ولفهم خلفيات هذا الحديث ينبغي أن نتساءل عمن له المصلحة في تكريس هذه الثنائية. ومن شأن الجواب عن هذا السؤال أن يكشف حقيقة هذه الثنائية المزعومة.

وأشار محمد حفيظ أن لا أحد يمكن أن يخفي أن حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة هما المستفيدان الوحيدان من تكريس الحديث عن هذه القطبية الثنائية. ولا يمكن أن يخفى على أي متتبع للنقاش والسجال السياسيين في المغرب خلال السنوات الأخيرة أن هذين الحزبين هما اللذان قاما بالدعاية لهذه الثنائية. مشيرا إلى أن الإعلام بريء من إلصاق التهمة به في هذا الخصوص، إذ لم يكن يعمل إلا على نقل ما يصدر عن الحزبين وعن قيادتيهما وزعيميهما.

وأفاد محاورنا إلى أن بنكيران وحزبه استفادا في الانتخابات التشريعية لسنة 2011، التي أوصلته إلى الحكومة وقيادتها، وبعدها في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة لسنة 2015، التي أوصلته إلى ترؤس عدد من البلديات والمدن والجهات، من وجود حزب مثل "البام". مؤكدا أنه حين "نعود إلى خطابه، سواء خلال الحملة الانتخابية أو قبلها، سنجده لا يخلو من الحديث عن "البام" وعن كل الحكاية المعروفة عن تأسيسه وعمن أسسه وعن الغرض من تأسيسه وعن موارده المالية والبشرية... إلى غير ذلك من الأشياء التي لم تعد تخفى على أحد.

وأضاف محمد حفيظ قائلا، إن حزب العدالة والتنمية، وأساسا أمينه العام عبد الإله بنكيران، كان له دور كبير في صناعة الصورة التي يوجد عليها اليوم "البام". بل إن لبنكيران فضلا على إلياس العماري في الموقع الذي يتربع عليه اليوم على رأس حزب الأصالة والمعاصرة. فكثير من ملامح صورة العماري اليوم، سواء داخل حزبه أو خارجه وحتى خارج المغرب، نجدها من صنع بنكيران نفسه، خاصة بعد أن أصبح رئيس حكومة. ولا ننسى أن صفة رئيس حكومة، التي حملها بنكيران منذ خمس سنوات، كان لها تأثير كبير في رسم تلك الصورة. فالمتلقي يستحضر الموقع السياسي لرئيس الحكومة عند استقبال كلامه الذي يكون له، بسبب ذلك، وقع خاص. وأشار محمد حفيظ إلى أن بنكيران بنى استراتيجيته الانتخابية على مواجهة خصم وحيد وأوحد هو "البام". ولكي يقنع مخاطبيه بذلك، كان عليه أن يبرز خطورة هذا الخصم، حتى ولو بالغ في ذلك. وهنا كان يُسهم في صناعة قوة "البام"، التي ربما لم يكن ليصل إليها لولا وجود "البيجيدي" ورئيس الحكومة بنكيران.

وأكد محاورنا أن بنكيران استفاد في الانتخابات التشريعية لسنة 2011 وفي الانتخابات الجماعية والجهوية لسنة 2015 من وجود "البام"، وعرف كيف يستغل وجوده في حملته الانتخابية. ولك أن تتصور كيف كان سيكون خطاب بنكيران وحزبه لو لم يكن يوجد حزب "البام"؛ أي "حزب الدولة" الذي يستهدف حزب العدالة والتنمية؛ أي "حزب الشعب"؟ ولك أن تنظر اليوم في خطاب حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، بعد خمس سنوات في قيادة الحكومة. لقد غاب تقديم الحساب عبر عرض المنجزات في مقابل حضور أطروحة مواجهة التحكم. وإذا كان العنصر المغيب يستهدف، كما هو معلوم، مساءلة الحكومة وقائدها عما أنجز، فإن العنصر الحاضر يستهدف به بنكيران الناخبين بوضعهم أمام خطر يجب أن يتجنبوه. والحل هو اختيار "البيجيدي" الذي يضع على عاتقه مواجهة خطر التحكم. لقد حول "البيجيدي" وجود "البام" إلى مصدر لقوته.