الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

من أشعل حرب المراعي بعبدة: رعاة رحل صحراويون عاديون أم انفصاليو الداخل؟

من أشعل حرب المراعي بعبدة: رعاة رحل صحراويون عاديون أم انفصاليو الداخل؟

"إنه الجراد الكاسح الذي يأتي على الأخضر واليابس". بهذه الجملة المرعبة وصفت مصادر "أنفاس بريس" جحافل أعداد رؤوس الأغنام القادمة من جنوب المغرب وتحديدا من آسا وكلميم ضبطا، والتي اجتاحت مناطق أحمر وعبدة هذه السنة قبل جمع المحاصيل الزراعية، مما كاد أن يتسبب في معارك طاحنة بين أصحاب الأرض الآمنين بمنطقة عبدة والرعاة القادمين من الجنوب يوم السبت 19 ماي 2018 بدوار أولاد زكري ( لفقيه بن سليمان) بجماعة الكرعاني بإقليم أسفي.

ـ هذا ما يتداوله الرأي العام المحلي بأسفي واليوسفية

"بمجرد أن انتهت آلة الحصاد من مهامها، أطلق الرعاة الرحل العنان لمئات رؤوس الأغنام للرعي وسط الحصيدة دون انتظار أن يجمع الفلاح محصوله الزراعي من أكياس شعير وتبن وحطب"، يقول شاهد عيان بمنطقة السوالم التابعة لجماعة السبيعات بإقليم اليوسفية. وأضاف المتحدث نفسه بأن بعض "الفلاحين بمنطقة أحمر قد قاموا فعلا بكراء أراضيهم الفلاحية للرعاة الرحل بعد حصادها". الأخطر من ذلك يقول أحد المتتبعين لملف الرعاة الرحل أنه فعلا "كان هناك توجيها خفيا من طرف أعوان السلطة، للفلاحين البسطاء بمنطقة أحمر وعبدة حتى يتركوا الحصائد ولا يبالغوا في جمع مادة التبن إرضاء للرعاة الرحل"، حسب العديد من الشهادات التي استقيناها من المنطقة.

ـ الكسابة القادمون من آسا وكلميم ميسوري الحال

من جهة أخرى علم لدى السلطات الإقليمية باليوسفية "أنه تم إحصاء ما يقارب 80 ألف رأس غنم تم إنزالها بإقليم اليوسفية بمفرده، موزعة على 25 نقطة رعي بالجماعات القروية". وعن سؤال كلفة نقل ورعي هذه الأعداد المهولة من رؤوس الأغنام، أوضحت مصادر الجريدة بأن "الرعاة الكسابة يقتنون يوميا العديد من صهاريج المياه لإرواء عطش مواشيهم"، مما يكبدهم مصاريف خيالية لسد حاجتهم من الماء لوحده علما أن المنطقة تعرف قلة الماء.

في السياق نفسه أكد مصدر أمني للجريدة بأن كل الرحل الذين حطوا الرحال هذا الموسم بالمناطق المذكورة ميسوري الحال ومن الكسابة الأغنياء جدا. وأوضح ذلك من خلال كلفة عملية نقل القطعان من الصحراء نحو منطقة أحمر أو عبدة والتي "كبدت الكساب أموالا طائلة، حيث أن كلفة شاحنة واحدة محملة ب 150 رأس قادمة من الكركرات تقدر بـ 10 ألف درهم". (هناك من اكترى ما بين 10 إلى 15 شاحنة لنقل المواشي أي ما يقدر ب 15 مليون سم كلفة نقل القطيع). "مع العلم أن كسابا واحدا حط الرحال بمنطقة عبدة أو أحمر يملك ما بين 1500 و800 رأس غنم". دون الحديث عن الدعم اللوجيستكي المرافق من سيارات الدفع الرباعي وحراس خاصين ورعاة متمرسين وما خفي أعظم.

ـ أهل الأقاليم الصحراوية يتبرؤون من تصرفات الرعاة الرحل

اتصل بجريدة "أنفاس بريس" بعض المواطنين المنحدرين من الأقاليم الصحراوية ليستنكروا ما قام به الرعاة الرحل بمنطقة عبدة، وأكدوا على أن "أهل العيون والداخلة وبوجدور والسمارة، لا توجد لديهم أي ماشية بين تلك الأغنام التي اجتاحت نواحي شيشاوة واليوسفية وعبدة". وأعربوا عن قلقهم من تغطية الأحداث والوقائع التي تدور رحاها بالمجالات المذكورة بمغالطة استعمال وصف الرحل "القادمون من المناطق الصحراوية". وأكدوا مجددا على أن تلك المواشي تعود لكسابة ميسوري الحال من منطقة أسا وكلميم فقط. وطالبوا من المسؤولين بأن "يتعاملوا مع الظاهرة بحزم وتطبيق القانون ولا يختبؤوا وراء الشعارات السياسية للتغطية عن فشلهم في تدبير ملف الرعاة الرحل، والتعامل معه وكأنه جزء من القضية الوطنية".

ووصف متحدث من الأقاليم الصحراوية هذه التصرفات بأنها "لا تبشر بالخير، وتنذر بتحويل المواجهات التي يقوم بها انفصاليو الداخل من الجنوب نحو الشمال، لزعزعة الاستقرار بكل الوسائل المتاحة لهم".. وأردف المتحدث قائلا: "هؤلاء الكسابة الميسورين الذين نقلوا مواشيهم إلى منطقة عبدة وهاجموا الفلاحين واجتاحوا أراضيهم، لهم القدرة على شراء العلف والكلأ والمياه، فلماذا قاموا بتلك التصرفات؟" وأجاب موضحا "إنه سلوك الابتزاز وفرض الذات على المسؤولين، لأنهم يريدون أن يبتزوا الدولة لتدعمهم بالأعلاف، ولأنهم ألفوا الريع، ويستعملوا الغطاء السياسي في مواجهة السلطة والمؤسسات والمواطنين لتحقيق أهدافهم".

ـ هل ستفتح النيابة العامة تحقيقا في الموضوع؟

وتساءل المتحدث نفسه باستغراب واندهاش قائلا "ما الدافع إلى تصوير فيديوهات الرعاة الرحل على متن العشرات من سيارات الدفع الرباعي والروندورفر، وهي مسرعة وسط حقول الحصائد بمنطقة عبدة وتثير النقع والغبار؟ ولماذا كان البعض منهم يصيح كالمجنون أثناء تصوير الفيديوهات، وآخرين يلوحون بالسيوف والسكاكين والعصي، وتكديس الحجارة في السيارات؟ والأخطر من هذا وذاك، من أطلق على بعض الفيديوهات التي يروج لها بمواقع التواصل الاجتماعي عناوين مثيرة مثل "حرب اليوسفية في المغرب"؟ وكيف سمح البعض منهم للرعاة بتدمير جرارات وناقلات الحطب وسط الحقول الزراعية"؟

ـ القانون فوق الجميع

الغريب في أمر هؤلاء الرعاة الرحل أنهم يستعملون عشرات السيارات ذات الدفع الرباعي وسيارات روندروفر لتغطية مجال الرعي ومراقبة المواشي، ويقتحمون بها المجالات الحضرية والقروية لقضاء أغراضهم الخاصة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح اليوم أمام سلوكات البعض منهم، هل تم الاطلاع على أوراق ووثائق تلك الناقلات وتم التحقق منها ومن هوية سائقاها؟ سبب طرح هذا السؤال أن بعض مصادر الجريدة قالت بأن السائقين يغطون أرقام لوحات السيارات بالوحل عند تنقلاتهم وسط مراكز الجماعات الترابية، والبعض منها غير مرقم. فهل تتحرك عناصر الأمن والدرك الملكي للقيام بواجباتها قبل أن يقع ما لا تحمد عقباه؟؟