الثلاثاء 16 إبريل 2024
مجتمع

اختارتها محور نشاط لها: "مدارس النور" تسلط الضوء على تحديات المجال البيئي

اختارتها محور نشاط لها: "مدارس النور" تسلط الضوء على تحديات المجال البيئي مشهد من الحضور للنشاط التربوي لمدارس النور، وتباعا من الأعلى: المدير أحمد كنوني، زينب جابكيب ووالدها محمد جابكيب

إذا مات التعليم في المجتمع فإن كثيرا من القيم ستدفن معه. هي حقيقة وعلى عفوية إثباتاتها العصية عن العد، توقظ لدينا حس الإسقاط على واقعنا وما قد يفرزه من سياقات. ولأن لا أحد يخطط من أجل الفشل، ولكن الفشل يكون في التخطيط، تنتهي مخططات إلى عقم، فيما تنال أخرى حظها من المردودية برغم توافر المعطيات التي تكشف مأساة المنظومة أكثر ما تكشف مأساة بعض المؤسسات. ومن هنا لم يكن لشرارة الأمل أن تنبعث لولا وجود مدارس بمبادرات جادة لغرض التكيف مع تحديات الحاضر، وعلى خطى واثقة من قبيل تلك التي اقتفتها مجموعة مدارس "النور 3" بمدينة الدار البيضاء، حين اختارت تيمة "البيئة" محورا لنشاط يوم بأكمله، تخللته تفاعلات الآباء مع الأطر بوصال تلاميذ على قدر كاف من الوعي المدرك.

من القاعدة المقرة بأن الداء فينا وما نشعر، والدواء منا ولا ننظر. أسس أبناء مجموعة مدارس "النور 3" مقاصد فكرتهم التي حاولوا وبكل ما تفتقت به مداركهم إيصالها. ليس فقط لمن ساقهم القدر للحضور الفعلي في ذلك اليوم، وإنما لكافة مكونات الوطن من الجنسين ومهما اختلفت بينها سنوات العمر أو توجهات المشارب. بل ولامست في بعض تجلياتها رسائل كونية قد تغيب في أكبر المتلقيات عن التداول. وهكذا، زاوج المتمدرسون عبر إبداعاتهم بين ما يعرف بالحواس وما يدرك كذلك بالقياس من أجل تقديم أدلة واضحة وصارخة على واقع المجال البيئي والمرغوب فيه. حتى أن من التجارب التي فعَّلوها بعين المكان، جعلت الحواجب ترتفع استغرابا وتقديرا لمجهوداتهم، وقبلها وعيهم التام بشدة حساسية الموضوع. وكأنهم يلقنون دروسا لمن يكبرونهم سنا من خلال التفكير نيابة عنهم، ولفت انتباههم إلى خطورة الجري من الصباح إلى المساء، وهم لا يدرون لماذا؟ وإلى أين؟ وإلى متى؟ من غير التأمل أو النظر لمراجعة خط سيرهم المجالي المجرد من بوصلة تحديد الطريق النظيف للبيئة. مع أنه مسلك شاذ ولو جرف الأغلبية الساحقة. بيد أن كل هذا الانزلاق الذي تجسد في الكثير من الكلمات التي أصدرتها حناجر فتية، لم يبق وحيد التشخيص، وإنما قابلته بالموازاة اقتراحات تصحيح المسار في إشارة إلى أنه لا يأس مع وجود عزيمة وإرادة التغيير.

والحقيقة، أنه وبقدر ثقل وزن هذا الملف الذي تجندت له شتى الدول وبمختلف القارات، ونظمت لطرقه العديد من اللقاءات وبينها "كوب 22" بمراكش قبل عامين. قد يكون من المناسب التذكير بأن اقتحام مجموعة مدارس "النور 3" له، وما أبان عنه تلامذتها من إمكانات معرفية، أعطى اليقين بتوافر كفاءات مؤطرة لا هم لها أكبر من تنمية قدرات النشء الفطرية وتحويلها في الاتجاه الإيجابي، مع العمل على وضع كل الحواجز أمام أي خلفية قد تعصف بالهوية أو تنهك حس الوطنية. وهذا ما قد يستشف مما أفادت به الأستاذتين خديجة كرم وأسماء جكوطة. أما أحمد مومن، وهو المدير التربوي للمؤسسة، فسمعته تتحدث عنه طالما أنه يتحاشى الظهور في الواجهة لكن وبفعل ما تفعله الصدقة المستورة، حتى أنه وبمجرد ذكر اسمه ترفع الأقلام وتجف الصحف.

أحمد كَنوني، المدير العام لمجموعة مدارس "النور 3"

تنظيمنا لهذا النشاط يدخل في صلب أدوارنا التربوية

+ بماذا يمكن أن تصف بداية هذا المشهد الذي يضم فيه فضاء المؤسسة تلاميذ وآباء وأمهات وأطر وسط معرض الرسومات و إبداع المجسمات؟

- لا يمكنني إلا أن أصفه بكل ما يستدعي الفخر والاعتزاز. على أساس كونه انعكاس حي لنشاط تربوي هادف، وإن كان هذا ليس بغريب على قائمة مبادرات المؤسسة التي تحتوي الكثير من الاستحقاقات السائرة في هذا الاتجاه.

+ يسجل كما هو ملاحظ اللحظة حضور أولياء أمور المتمدرسين. أي إضافة تسعون بلوغها من هذه الدعوة؟

- لن أكشف سرا إذا قلت بأن الشغل الشاغل لأي أب أو أم هو رؤية أبنائهما في أعلى مستوى من التحصيل. ومثل ما هو معلوم أيضا أن سماعهم لأي شهادة من الأطر عن ذلك المستوى لن يشفي غليلهم كما لو عاينوا الدليل عن قرب وبأم أعينهم. من هنا جاءت الفكرة، وأؤكد جازما بأنها أدت رسالتها كاملة. بحيث تمت معاينة وبالملموس أننا نزرع في التلميذ الكفاءة قبل المعرفة، على اعتبار إمكانية تحصيله للأخيرة من الإنترنت أو الكتب أو الآباء. أما الكفاءة فهي ما يتسلح بها كمفتاح للإنتاج.

+ وكيف وقع الاختيار على "البيئة" كموضوع للطرح؟

- لا أعتقد بأن هناك من سينفي تصدر هذا النقاش للانشغال العالمي ومنه الوطني طبعا. ومن ثمة، نرى بأنه من واجبنا التعليمي والتربوي الخوض فيه عبر تحسيس أبنائنا بخطورة ما يتهدد كوكبنا، سواء من زحف مرعب لغابات الإسمنت، أو تلويث مفزع لمياه البحار والأنهار، أو أيضا تقزيم المساحات الخضراء. الأمر الذي يعد كارثة تحذق بنا جميعا، وتتطلب تظافر كافة الجهود لاجتنابها واجتناب السقوط في مخلفاتها المهلكة، ليس للإنسان فحسب، بل لجميع الكائنات الحية.

 

محمد جابكيب، أب أحد التلاميذ

مبادرة تستحق التثمين لتعدد أبعادها

باعتباري أحد أولياء أمور التلاميذ في هذه المؤسسة، أثمن العمل الذي يقوم به الإطار التربوي من خلال تفعيل ورشة المحافظة على البيئة التي شارك فيها أبناؤنا بجدية ونشاط والتزام. ذلك عبر إنجاز هذا المشروع الذي لاحظت التجاوب الكبير الذي بدا على ابنتي خصوصا، وهي للإشارة بالقسم الخامس ابتدائي. إذ وجدت دافعا ومبررا قويا للحضور إلى المدرسة والمشاركة من أجل القيام بعمل تحس أنه يعود بالنفع أولا على مؤسستها وثانيا على البيئة بصفة عامة في هذا الوطن الحبيب. ومن هذا المنبر أعيد تثميني للمبادرة، كما أتمنى أن تتكرر مثل هذه الخطوات البناءة بما يعود بالفائدة علينا جميعا كآباء وأبناء.

 

زينب جابكيب، تلميذة بالمستوى الخامس ابتدائي

أشعر بسعادة أكبر وأنا أنخرط في عملية المحافظة على البيئة

أنا مسرورة جدا في هذا اليوم الذي أشارك خلاله في نشاط بيئي. وفرحة أكثر لأني وجدت الفرصة التي أعبر عبرها عن انخراطي في المحافظة على كل ما يتعلق بالطبيعة. خاصة بواسطة إعادة تدوير الأشياء التي نستعملها بشكل يومي، والتي قد تضر الإنسان والحيوان والنبات عند الإلقاء بها عشوائيا. لهذا، يبقى العمل على الاستفادة من تلك المتلاشيات حل مهم وأساسي للتخفيض من حدة ما يلوث بيئتنا. ولا أنسى أن أشكر أساتذتنا الذين ساعدونا على معرفة القيمة الحقيقية لنظافة البيئة، وما يمكن أن يؤدي به الإضرار بها من عواقب خطيرة.