"اسمحوا لي، جلالة الملك، أن أغتنمها سانحة مواتية لأؤكد لجلالتكم عزمنا الراسخ على تنمية علاقات الإخاء والمودة التي تجمع بلدينا الشقيقين والدفع بها إلى مستويات أعلى بحيث تستجيب لتطلعات شعبينا إلى وحدة الصف والتضامن، وتخدم مصالحهما المشتركة وترتقي بهما إلى مصاف الأمم المتقدمة بتقوية التلاحم والانسجام والتضامن في إطار اتحادنا المغاربي".
هذا الكلام لو صدر من رئيس دولة الإمارات العربية أو من ولي عهد أبوظبي أو من عاهل المملكة العربية السعودية، لصدقناه بحكم أن الإمارات العربية أو العربية السعودية تقرن الكلام بالفعل كلما تعلق الأمر بالملفات الاستراتيجية للمغرب ويحرصان(أي الإمارات والسعودية) على تقوية العلاقة مع الرباط. لكن أن يصدر هذا التعبير من فم عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجزائر، وهو يهنئ الملك محمد السادس بمناسبة عيد الأضحى، فهذا ما يمكن أن يتم إدراجه في خانة استبلاد الشعوب، بحكم أن الرئيس الجزائري لم يقم بتفعيل أي إجراء يروم فعلا "تنمية علاقات الإخاء والمودة التي تجمع بلدينا الشقيقين" ولم يحرص على التجاوب مع كل النداءات الخاصة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر، وهي النداءات التي سبق أن صدرت عن المغرب وعن شخصيات وازنة عالميا فضلا عن كون فتح الحدود مطلب شعبي جزائري أيضا.
كيف يستقيم " ابتلاع" كلام بوتفليقة وهو يتحدث عن " اتحادنا المغاربي"، ونحن نعلم أن أهم شرط لقيام اتحاد بين دولتين أو أكثر هو ضمان حق التنقل للأشخاص والبضائع بدون حدود وبدون قيود؟ كيف يستساغ الحديث من قبل بوتفليقة عن" خدمة المصالح المشتركة" وهو، رفقة جنيرالاته يوظف كل موارد الجزائر النفطية لإنهاك المغرب وبتر الصحراء عنه ؟ عن أي "انسجام" يتحدث بوتفليقة وهو يرفض السماح حتى لمصالح دولته أن تنسق مع المغرب لمحاربة شبكات القرقوبي التي تهرب السموم من الجزائر لضرب الأمن العام الداخلي للمغرب أو التنسيق مع المغرب لمحاربة التهديد الإرهابي وشبكات الاتجار بالبشر التي تنشط بالجزائر؟
إن رسالة الرئيس الجزائري بوتفليقة للملك محمد السادس، تسمى في العرف الديبلوماسي " رسائل المجاملة" وهي التعبير الملطف لعبارة رسائل " الخوا الخاوي" المثقلة بلغة الخشب والمشبعة ب" للالة ومالي وتقرقيب السطولة".