شخصيا، عشت حراك 20 فبراير من الداخل، وكان لي شرف تكليفي بمهمة "منسق مجلس الدعم" على صعيد مدينة المحمدية، وكان مقر حزب المؤتمر، الذي أضحى اليوم مقر فيدرالية اليسار الديمقراطي بالمحمدية، هو المقر الرسمي لحركة 20 فبراير، بشارع فلسطين. وكانت المكونات الأساسية للحركة فعلا ذات مشارب متباعدة، بل وقد تكاد تكون متعارضة، لقد كانت حقا خليطا أيديولوجيا غير متجانس، لكن كان يجمعنا سقف واحد، هو سقف الملكية البرلمانية، بمعنى الوصول إلى تغيير يجعل الملك يسود ولا يحكم، على غرار أنجح الأنظمة في العالم، ألا وهي أنظمة الدول الاسكندنافية، التي يعطي بها المثل جميع المغاربة البسطاء منهم والمثقفون. (مالنا حنا في السويد؟ يقول لك الإنسان المغربي.) وبشئ من التدقيق دعني أقول بأن حركة 20 فبراير كان فيها ثلاثة مكونات أساسية: مكون كان يستعمل التقية وهو الأكثر عددا، ومكون كان يستعمل التكتيك وهو الأقل عددا، ومكون ثالث بينهما من حيث العدد وهو الذي كان صريحا في طرحه، وهو صاحب استراتيجية الملكية البرلمانية، وهو فيدرالية اليسار الديمقراطي بمكوناتها الثلاثة، حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ( مع بعض التفاصيل التي يمكن العودة إليها...).
وقد كان المكون الأول، جماعة العدل والإحسان، يستعمل التقية لأنه في العمق يؤمن بإقامة "الخلافة". وكان المكون الثاني، وهو النهج الديمقراطي يتطلع إلى إقامة "جمهورية"، وقد كان هذا الموقف يعبر عنه بين الفينة والأخرى بأن يقال لك باننا في الحركة " لا يجب أن ننوب عن المغاربة في اختيار طبيعة النظام الذي يريدونه"، وكأن بعض الرفاق مازال لهم شك بأن المغاربة إذا أعطوا الإختيار فسوف يختارون النظام الجمهوري. اليوم أنا أغتنم فرصة هذا النقاش لأطرح على أصدقائي السؤال التالي:" هل يمكن أن يخرج أي فاعل سياسي عند المغاربة ويطرح عليهم إلغاء النظام الملكي وإقامة خلافة أو جمهورية مكانه"؟ والله حتى يرجموه بالحجر، لذلك أقول بأن الطرح الواقعي سياسيا هو "الملكية البرلمانية". وفي المقابل نحن في فيدرالية اليسار الديمقراطي نقول لرفاقنا في النهج الديمقراطي وفي بعض "الحالمين" حتى بيننا في الفيدرالية(...) أن العبرة ليست بالمزايدة بالجذرية. أوليست أنجح الأنظمة في العالم هي أنظمة ملكية في السويد والنورفيج والدانمارك وبلجيكا إسبانيا....؟ وهذا اختيار سياسي.