من نافل القول التأكيد على أن اللحظات الانتخاببة في كل البلدان النامية تكون بداهة تحت مجهر التشريح من طرف الهيئات والمنظمات الدولية، لا فقط تلك المعنية بالتطور الديموقراطي، أو بحقوق الانسان. ولكن كذلك تلك المعنية أساسا بالاستثمار. وليس عبثا ان مؤشرات البورصة فى الدول ذات التدافع ااننخالي غالبا ما ترتفع أو تهتز بحسب منسوب التوتر، أو وفق تصريحات الفاعلين السياسيين.
نستعيد هذه البدهية على هامش ما تسرب من تصريحات بنكيران الأخيرة، سواء تلك التي تحدث فيها عن وجود الدولة داخل الدولة او تلك التي أعلن فيها استعداده للاستشهاد من أجل الفوز بالاستحقاق التشريعي القادم ، او تلك التي تفيد ما معناه ان "البيجيدي" وحده ضامن الاستقرار حتى ولو كانت لصناديق الاقتراع خيارات أخرى . ولنا أن نتصور كيف تقرأ المنظمات والدوائر الدولية هذه التصريحات.
لعل القراءة الاولى ستتجه نحو تصوير المغرب كما لو كان أرضا بلا سيد ولا قانون ولا أمن. وخطورة ذلك تتأتى من كونها صادرة من الفم غير الرصين لثاني رجل في الدولة حسب الاعتبار الدستوري. وتتجه القراءة الثانية المحتملة نحو الإفادة بأن رهانات الاستثمار في المغرب توجد، وفق تصريحات بنكيران، في يدي عفريت. وبناء عليه سيكون من الغباء أن يفكر المستثمر الاجنبي في ضخ أمواله ببلادنا وهو غير مطمئن على حال ومال البلاد بعد 7 أكتوبر. اما القراءة الثالثة فتعود لاستراتيجية التأزيم التي هي خيار إخواني بامتياز. ذلك ان تصريحات ممثلهم في المغرب تريد بث بذور الفتنة حيث المناخ الوحيد لازدهارهم. ألم يتحدث بنكيران عن وصفة تحقيق الاستقرار؟
السؤال المطروح: اذا كان رئيس الحكومة يفكر بهذا المنطق التشكيكي المتأزم، فماذا ترك لخصوم الديمقراطية بالداخل،المركبات المصالحية والارهابيين النائمين والوكالات العميلة للخارج؟وماذا ترك لخصوم بلادنا بالخارج الذين يتربصون بنا كل عثراتنا الممكنة من أجل أن يجعلونا نشبه الصومال وكوريا الشمالية؟...
مجمل القول إن السكوت عن تصريحات رئيس الحكومة- ياحسرة- طامة كبرى، وتشجيع على الخطابات المتطرفة التي يفوق تأثيرها مفعول العبوات الإرهابية. ولو كان المجتمع المدني على درجة عالية من النضج والفعالية والتاثير لطالب بمحاكمة بنكيران. لحظتها فقط سيكون السؤال المحك: من مع الاستقرار حقيقة، ومن مع اللاستقرار؟
سياسة