ينص الفصل 7 من دستور المملكة على ان "الاحزاب تعمل على تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة الوطنية، وفي تدبير الشأن العام.. ويجب أن يكون تنظيم الأحزاب السياسية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية.."
ولأن التأطير يكون بالدرجة الاولى عن طريق القدوة وإعطاء المثال على الالتزام الحزبي بالمبادئ والقوانين المنظمة، فإن ما يلاحظ قبيل تنظيم اقتراع 7 أكتوبر المقبل، هو ارتفاع حدة الاستقطابات الحزبية، ليس من داخل العائلة السياسية، بل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والعكس، وكل يوم تنزل أخبار عن انتقال هذا اللاعب، عفوا هذا المرشح، لذاك الحزب، بدعوى أن الحزب الأصلي لم يعد يليق به، أو لاحظ وجود تصرفات غير ديمقراطية في تسييره، قد يكون المبرر معقولا، من منطلق حرية الانتماء للأحزاب السياسية، وإلا فإننا سنكون بهذا التضييق أمام شكل غير مباشر لنظام الحزب الوحيد وهو نظام اعتبره الدستور غير مشروع..
لكن هذا الاستقطاب الحاد الواقع في هذه اللحظة الانتخابية تشوبه عدة شوائب:
اولا الزمن الحالي، هو انتخابي، وبالتالي فإن الخلفية التي تحرك هذه الانتقالات ليست من باب الإيمان بالمبادئ والأهداف بقدر ماهي تندرج في الترحال السياسي الانتخابوي..
ثانيا: عندما تسعى الأحزاب لتاطير المواطنين وتكوينهم السياسي، فإن ذلك لايتم بين ليلة وضحاها، بل الأمر يحتاج لوقت طويل، من الإقناع والاقتناع، وبالتالي فمن غير المفهوم، أن يتحول شخص قيادي في حزب ما إلى حزب آخر في أقل من 24 ساعة، وكأنه يسابق الزمن الانتخابي، فإءا كانت لهذا الشخص ملاحظات معينة على تسيير الحزب، كان عليه إثارتها خارج الزمن الانتخابي، وليس طرحها عشيته.
ثالثا: يزداد الأمر سوءا، عندما يكون المنتقلون كانوا بالأمس القريب من أشد المدافعين عن طروحاتهم الحزبية، ليتحولوا في الربع ساعة الأخيرة لقياديي حركات تغييرية أو تصحيحية..
رابعا: هذا الانتقال ليس مرتبطا بذات الشخص، لكن ايضا بالحزب المستقبل، كيف لهذا الأخير أن يأتي بطريقة أو باخرى لهذا الحزب، ويمنحه تزكية ليس للانخراط، بل للترشح باسمه، اين هي الديمقراطية الداخلية؟ اين هو المفهوم الحقيقي للترقي السياسي لدى هذه الأحزاب؟ كيف يحس هذا المناضل أو تلك المناضلة، "اللي قطعوا صبابطهم"، عندما يرى فلانا او علانا، كان يكيل لحزبهم السب والانتقاد، ويأتي عشية الانتخابات وتمنح له تزكية ترؤوس لائحة محلية، او عضوية المراتب الأولى من اللائحتين الوطنيتين للنساء أو الشباب، مع أن هذا القادم الجديد، ليس بينه وبين الحزب إلا المقعد البرلماني؟
خامسا: ألا تشكل هذه الانتقالات والاستقطابات عاملا إضافيا في صفوف المقاطعين للعملية الانتخابية برمتها، وتقوي دفعهم أن الميدان الانتخابي موبوء، ولايعطي لهم املا في التغيير الإيجابي مادام أن اللاعبين يتنصلون بكل سهولة ويسر ودون محاسبة من تعاقداتهم التي بنوها مع الناخبين داخل المؤسسات التمثيلية من الجماعة إلى البرلمان؟
سادسا: ألا يطرح هذا الأمر إشكالا على هذه الأحزاب التي تقوم بسرقة مناضلي الأحزاب الأخرى، او بالترغيب او التهديد، من خلال خلوها من نخب وكفاءات واطر، ويتضح ذلك خلال الانتخابات الجماعية، وتقع احزاب في "حيص يص"، بعد ان تعجز على استكمال لائحة انتخابية تتكون من عشرين او ثلاثين مرشحا في دائرة جماعية؟ أين كانت هذه الأحزاب طوال كل هذه السنوات؟ أليس لديها تفكير استراتيجي في استقطاب أعضاء جدد تسعى لتكوينهم وتأطيرهم، ليشكلوا لها قاعدة انتخابية متينة، بعيدا عن التسول الانتخابي؟
الأمر يطرح ضرورة الحزم في هذه الانتقالات الانتخابوية، حزم قانوني يعطي الدليل على الالتزام الحزبي.
سياسة