الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

لماذا يحقد عسكر وحكام الجزائر على المغرب؟

لماذا يحقد عسكر وحكام الجزائر على المغرب؟ هل يؤدي المغرب ضريبة فشل النموذج التنموي في الجزائر؟
 السبب الذي يفسر الموقف العدائي الدائملحكام الجزائر تجاه المغرب متأصلا في بنية التاريخ والجغرافيا، وفي عمق العلاقات بين البلدين، يتجلى في أن حكام الجزائر حاقدون على الجغرافيا التي جعلت المغرب يتمتع بوضع مكاني مفتوح على المتوسط والأطلسي، وحاقدون أكثر على التاريخ الذي جعلهم دائما عرضة للاحتلال، سواء من طرف السلالات التي تعاقبت على المغرب أو من طرف الخلافة العثمانية التي احتلت الجزائرمن سنة 1504 إلى سنة 1830، أو من طرف فرنسا التي استعمرت البلاد على امتداد مائة وثلاثين سنة. في حين تمكن المغرب من دخول زمن الدولة المستقلة منذ أنشأ إدريس الأول كيان الدولة في القرن الثامن الميلادي. وقد تمكن من الحفاظ على استمراره المستقل، حيث كان البلد العربي الإسلامي الذي وقف في وجه الامتداد العثماني. وحتى حين سلبته الحماية الفرنسية سيادته، فذلك لم يدم سوى أربعين سنة. هي زمن قصير قياسا إلى أنواع الاحتلال المتعددة التي تعرضت لها الجزائر، بما فيها احتلال العسكر لها إلى اليوم.
بعد استقلال الجزائر والمغرب، سيتضاعف الحقد علينا بظهور ما يعتبره العسكر هناك، عقدة الحسن الثاني الذي هزمهم مرتين: عسكريا في حرب الرمال (1963)، وتنمويا حين تبنى المغرب نهج التعدد سياسيا واقتصاديا، وحين أقر أنظمة اجتماعية واقتصادية جعلته يتغلب على مشاكل المعيش اليومي من قبيل أزمة الماء التي لا تزال إلى اليوم تقلق حاضر الجزائر ومستقبلها.
وتعمقت الهزائم بعد تمكن المغرب سنة 1975 من استعادة صحرائه بطرق سلمية تفاوضية. وعززها بتشييد الحزام الأمني. وتتواصل الهزائم بعد استيعاب مغرب محمد السادس لهبات «الربيع العربي» بتطوير بنيانه الدستوري، وبتجديد حياته السياسية وتوسيع هامش الانفتاح رغم ما يعتريها من نقائص تعود إلى طبيعة تجربة الانتقال الديمقراطي ومخاضاتها وتحدياتها. ينضاف إلى ذلك نجاح المغرب في تبني نهج التوازن في العلاقات الدولية التي بوأت بلادنا مكانا مشرفا في كل المعادلات ذات الطبيعة الإقليمية والعربية والدولية، فيما تظل الجزائر مشدودة إلى نموذج الكيان الشمولي المنغلق المنشد إلى توترات الحرب الباردة.
تأسيسا على ذلك، يحق لنا أن نتساءل حول ما إذا كان قدر المغرب الدائم أن يؤدي ضريبة فشل النموذج التنموي في الجزائر، وأن يظل باستمرار عرضة للتشويش من طرف جاره رغم نداءات المغرب من أعلى مستوى في البلاد بضرورة الإنصات إلى نبض التاريخ والثقافة المشتركة، وإلى حاجة الشعبين إلى الوحدة كإمكانية وحيدة للعيش في عالم عاصف لا وجود فيه إلى التشتت وافتعال الأزمات.
هذه هي نداءاتنا التي نظل نتمسك بها، لا باعتبارها خطابا عاطفيا، ولكن لأنها تعبر عن اختيار إستراتيجي ثابت، فيما تأسس إستراتيجية الحاكمين هناك على نزوع الهيمنة، وعلى عدم التخلص من عقدهم المركبة تجاه المغرب. وللأسف فقد تأكد بأن هذه العقد تظل هي المتحكمة في مسار النظرة الجزائرية إلى المغرب، فهل ينتظر المغاربة إلى حين رحيل الجنرالات (بيولوجيا وسياسيا) بالجزائر حتى ينهض الحلم المغاربي، أم أن المغرب مدعو إلى نهج مختلف يقوم على المواجهة بصيغ أخرى تتجاوز الإجراءات التي اتخذها المغرب اليوم مهما كانت فعاليتها الرمزية على المستوى الدبلوماسي؟